البعض منا يشكل لديه الأكل طريقة لقمع أو تهدئة عواطفه السلبية أو مشاعره المؤججة، كالتوتر والعصبية والقلق والحزن والوحدة، وهذه المشاعر السلبية يمكن أن تحدث في أي وقت، وقد ترافق أي عمل من أعمال اليوم الروتينية.
وعلى الرغم من أن البعض يرى في تناول الطعام خلال هذه الحالات حلاً آنياً لمشكلته، إلا أنها وعلى المدى الطويل سوف تؤدي إلى عادات غير صحية، تضر بالجسم وبالمشاعر على حد سواء.
وأسوأ من ذلك أن الأطعمة الدسمة والحلويات والنشويات (وهي مواد غذائية غير صحية) تصبح أكثر رغبة لدى المزاجيين منا، وتقفز إلى مخيلتنا قبل أي شيء آخر، مما يؤدي بالتالي إلى مشاكل صحية كزيادة الوزن أو المشاكل المتعلقة بالقلب والشرايين.
رغم هذه المخاطر، إلا أن أياً منا سوف تكون قادرة بإذن الله على تجاوز هذه العادة، والسيطرة على مشاعرها ورغباتها؛ إذا فهمت سبب ميولها لأكل أطعمة غير صحية خلال تأجج مشاعرها، وكيفية تجنب مجاراة الميول تجاه ذلك، ما قد ينقذها من أزمة صحية لاحقة.
العلاقة بين المزاج والطّعام
إن أحداث الحياة الرّئيسيّة (كالمشاكل العائلية والمشاكل الصّحية ونقص الدعم العاطفي) ومعضلات الحياة اليوميّة (كطريق مزدحم أو تأخر عن العمل أو جوّ سّيّئ أو تّغييرات في الروتين المعتاد اليومي) كل ذلك يؤدي بالكثيرين إلى ميول في الإفراط بالأكل.
علمياً، توجد بعض الأطعمة التي تسبب الإدمان لدى تناولها بكثرة، مثل الشوكولاته والقهوة وغيرها. وعندما نكون في حالة مزاجية سيئة، فإن مثل هذه الأغذية تؤمن لجسمنا راحة مؤقتة، تحسسنا بالرضا.
وقد يأخذ البعض مثل هذه الأطعمة على سبيل تقديم مكافأة لنفسه، بعد عمل يوم شاق، أو بحال أنجز عملاً محدداً، مما يؤدي إلى ربط هذه الأطعمة بالمشاعر.
وفي بعض الدراسات العلمية، تبين وجود مادة (مفرحة) تؤدي إلى تقليل التوتر والقلق، في بعض المأكولات، خصوصاً الحلويات والشوكولاته.
سيكولوجياً، يمكن أن يكون تناول طعام لذيذ مشتتاً للفكر، مما يبعد العقل عن التفكير في بعض الأمور الصعبة، ويشتت القلق، ويلهي العقل عن التفكير في المشكلة التي يواجهها، إلا أن هذا التشتيت مؤقت، وينتهي بانتهاء تناول الطعام.
فحين يتناول أحدنا طعاماً لذيذاً بالنسبة له، فإن عقله يتركز في التفكير بالطعم اللذيذ، ولكن حالما تنتهي الوجبة، سيعود العقل للتفكير من جديد بالمشكلة، بالإضافة إلى التفكير بمشكلة جديدة، وهي إحساسنا بالذنب أننا تناولنا وجبة إضافية مليئة بالحراريات.
كيف أتخلص من هذه المشكلة؟
للتخلص من هذه العادة، يمكنك إتباع ما يلي:
- إذا كنت شخصية عصبية جداً وكثيرة التوتر، فيكمن أن تراجعي طبيباً خاصاً، وهذا ليس عيباً، ويمكن أن يساعدك بكل سهولة.
- تعرفي على الجوع الحقيقي، ولاحظي الفرق بين الجوع الجسدي والجوع العقلي، ولا تستجيبي لميولك بتناول الوجبات حينما تكوني مشحونة عاطفياً.
- سجلي على ورقة برنامجاً غذائياً لكِ، وحاولي ألا تكسريه لأي سبب كان.
- حاولي تغيير عادتك خلال تأجج مشاعرك، فبدلاً من أن تشتري قالباً من الحلوى؛ تمشي قليلاً، أو اتصلي بصديقة عزيزة عليك، اكتبي على ورقة كل ما في رأسك من أحاسيس، والأفضل أن تقرئي آيات من القرآن الكريم أو تستمعي لتلاوة من قارئك المفضل.
- تجنبي الاحتفاظ بالأطعمة الدسمة والحلويات في درج طاولتك أو حقيبتك اليدوية أو في الثلاجة، ولا تشتري إلا الأطعمة الضرورية للعائلة.
- إذا كنت جائعة فتجنبي أن تتسوقي من محلات الأغذية، إذ إن إحساسك بالجوع سوف يقرر عنك شراء الكثير من الأغذية غير الضرورية والمليئة بالحراريات.
- إذا شعرت بالحاجة إلى الطعام خلال وجبات الأكل الرئيسية، فتناولي أطعمة مفيدة، كالخضراوات أو الفواكه الطازجة فقط.
سلام نجم الدين الشرابي