يتزايد القلق من جراء ازدياد الاحتباس الحراري الذي ينتج عنه تراجعا لمنسوب الجليد في المحيط القطبي.
وتشير التوقعات الى ان القشرة الجليدية الرقيقة حول القطب الشمالي قد تذوب نهائيا في نهاية القرن، وعلى الاقل في فصول الصيف.
ولكن، على الرغم من هذه المعلومات، فان الصورة ليست واضحة حتى الآن، وهناك الكثير من التساؤلات تحيط بالموضوع.
ومن اجل ملاحقة هذا التطور، اهتمت مراسلة بي بي سي للشؤون العلمية هيلين بريجس بالمهمة الفضائية الاوروبية "كرايوسات" التي تهدف الى المجيء بمعلومات دقيقة حول التغييرات التي تشهدها الطبقة الجليدية للأرض.
ونقلت الاقمار الصناعية حتى صورا "درامية" من الفضاء، الا ان صور الكثير من المناطق تبقى مجهولة وبخاصة وسط القطبين الشمالي والجنوبي وعلى اطراف الصفائح الجليدية الكبرى.
والقمر الصناعي كرايوسات هو الأول من نوعه الذي صمم لقياس المنسوب الجليدي فوق المحيط القطبي ولرصد خارطة طبقة الجليد في ادق تفاصيلها.
وللمهمة العلمية- البيئية هذه هدفين، الاول هو رسم صورة واضحة لطبيعة وتغيرات المحيط القطبي كي يتمكن العلماء من تحديد دور الغلاف الجوي ودور المحيطات والهواء بعملية اعادة توزيع الطبقة الجليدية في كل عام.
اما الهدف الثاني فهو مراقبة تفاصيل ترقق الطبقة الجليدية للصفائح الجليدية الكبرى في المحيط القطبي وغرينلاند.
اما عن كيفية عمل القمر الصناعي كريوسات، فهو بكل بساطة يرسل ذبذبات بواسطة جهاز الرادار حتى سطح الارض، ثم يتتبع الصدى الذي تحدثه هذه الذبذبات.
وبهذه الطريقة، يتم قياس الفرق بين ارتفاع صفائح الجليد وسطح المحيط الذي تقبع فيه، وكذلك ارتفاع منسوب الجليد عن سطح الارض.
وبعد ذلك، يتم الانتقال الى حساب سماكة الجليد انطلاقا من نسبة الجليد ونسبة مياه المحيط اللتان باتتا معروفتان.
اما المعلومات التي يقدمها كرايوسات، فهي تتمحور حول الجليد الذي يغطي المحيط القطبي ومساحات الارض الواقعة في القارة القطبية وغرينلاند.
وسيقدم كرايوسات كذلك خارطة ثلاثية الابعاد تمثل الجليد وسماكته في القارة القطبية وغرينلاند والمحيط القطبي.
وان دراسة التغييرات التي يشهدها الجليد على فترة ثلاث سنوات سيسمح باعطاء صورة واضحة حول كيفية تغير الطبقة الجليدية سنة بعد سنة.
اما المعلومات المتوفرة لدينا حتى الآن حول الطبقة الجليدية فمصدرها الغواصات الحربية، والبعثات العلمية والمعلومات بواسطة الاقمار الصناعية.
وكانت الغواصات الحربية التي قامت بدوريات تحت الجليد طوال الحرب الباردة اعطت فكرة عن الحجم القياسي لسماكة طبقة الجليد في المحيط القطبي، ولكن المعلومات التي تم الافصاح عنها بقيت ضئيلة كون الكثير من المعطيات بقيت قيد الكتمان لاسباب امنية.
من جهة اخرى، يزور المئات من العلماء سنويا المحيط القطبي والقارة القطبية من اجل اجراء دراسات ميدانية، لكن جغرافية الارض في المنطقة القطبية والمناخ هناك تجعل مهمة العلماء بغاية الصعوبة. اما المعلومات الاكثر دقة فتأتي من الاقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الامريكية ووكالة الفضاء الاوروبية.
ولكن المشكلة الوحيدة مع الاقمار الصناعية التابعة لوكالات الفضاء تكمن في انها صممت لدراسة كامل الكرة الارضية، وبالتالي فالفلك الذي تدور فيه هذه الاقمار محدد، ويمكن تغطية مناطق معينة من الارض وتعثر تغطية اماكن اخرى كالمحيط القطبي.
كلفة "زهيدة"
ويقول العلماء ان الاحتباس الحراري قد يذيب الجليد مع الوقت، ما يزيد من سخونة مياه المحيطات اسخن، وما قد يعثر مهمة الرصد الفضائي لجليد الارض بحيث ان غياب الجليد سيمنع ارتداد النبضات المرسلة عبر الاقمار الصناعية الى مصدرها من اجل دراستها.
وحاول كرايوسات تدارك المشاكل التي تواجهه باعتماد فلك يدور فيه يكون واسعا يغطي الاقطاب، كما هو مجهز بلاقطين يسمحان له بتحديد وجهة الصدى الذي تحدثه الارتدادات المرسلة من الفضاء.
وكريوسات هو الاول من سلسلة ستة اقمار صناعية ستطلقها وكالة الفضاء الاوروبية من اجل رصد معلومات حول الارض، ويتميز كرايوسات بكلفته المحدودة نسبيا والتي بلغت 100 مليون يورو.