
طار رائد الفضاء مايك مولان في رحلات مكوكية للفضاء ثلاث مرات وسيقوم بهذه الرحلة مرة أخرى بكل سرور اذا سنحت له الفرصة ولكنه في مذكرات جديدة وصف المكوك بأنه أكثر سفن الفضاء التي ركبها الانسان خطورة على الاطلاق.
وأضاف أن البيروقراطية في ادارة الطيران والفضاء الامريكية (ناسا) ساعدت في جعله على هذا النحو من خلال إثناء الرواد عن طرح أسئلة حول السلامة وغيرها من الامور. وقال مولان في مقابلة مع رويترز حول كتابه "ركوب الصواريخ" الذي نشر هذا الشهر ان رواد الفضاء يستحقون تحمل بعض من المسؤولية أيضا.
وقال مولان (60 عاما) الذي تقاعد من ناسا عام 1990 "هذه أخطر سفن الفضاء المأهولة على الاطلاق بالنسبة لاي أحد. وأنا أقول ذلك لانه ليس بها نظام خروج طارئ أثناء الرحلة... بشكل أساسي فان نظام الخروج الاضطراري المتوفر في المكوك هو نفس النظام الذي كان متوفرا لقائد قاذفة طراز ب-17 في الحرب العالمية الثانية."
ومضى مولان يقول ان توفر نظام خروج أثناء الرحلة كان من الممكن أن يخرج رواد الفضاء من المكوك تشالنجر وربما تمكن من انقاذهم عندما انفجر المكوك بعد ثوان من اطلاقه في 28 يناير كانون الثاني عام 1986.
ولكن ربما لم يكن ليتمكن من انقاذ أرواح طاقم المكوك كولومبيا بعد أن دمرت مركبتهم الفضائية لدى اعادة الدخول للغلاف الجوي للارض في الاول من فبراير شباط عام 2003. وحصدت هاتان الكارثتان أرواح 14 من رواد الفضاء.
قال مولان "كانت تلك المأساة الحقيقية لتشالنجر. لم تكن هناك أي دروس مستفادة. كان ما حدث لكولومبيا تكرارا لما ألم بتشالنجر حيث كانت توجد مشكلة معروفة في التصميم."
وبالرغم من الروح المرحة السائدة في الكتاب والسخرية من الذات فان مولان لديه قضية جادة يود أن يوضحها وهي أن رواد الفضاء نتيجة التنافس على القيام برحلات في الفضاء ورغبة ملحة في ذلك ترددوا في طرح أسئلة لانهم كانوا يعتقدون أن تحدي البيروقراطية في ناسا سيمنعهم من الخروج للفضاء.
وقال "بقيت في العمل كما هو الحال بالنسبة لنا جميعا... التزمت الصمت... تحملت... تبدأ العمل وأنت تشعر بالرعب من أن يصدر منك تصرف قد يهدد فرصتك الوحيدة للخروج للفضاء... انها ليست مثل الوظائف الاخرى حيث يمكن التوجه الى الرئيس في حالة عدم رضائك عن شيء ما وتقول له قم انت بما تريد وأغرب عن وجهي. لا يمكن القيام بذلك في ناسا لانه ليس هناك مكان اخر يمكن ركوب مكوك فيه."
ووصف المحققون في حادث مكوك كولومبيا عدم رغبة الرواد في اثارة زوابع بأنه "ثقافة السلامة المنقوصة" في وكالة الفضاء الامريكية.
ويتفق مولان مع هذا الرأي حتى بالرغم من أنه كان دائما جزءا من هذه المنظومة باعتباره عضوا في دفعة رواد الفضاء عام 1978 وهي أول دفعة تركب المكوك.
وأردف مولان يقول في كتابه عن موقف رواد الفضاء بعد حادث تشالنجر "كنا نشعر بغضب مرير واستياء من ادارتنا... في انتقاداتنا كنا نتجاهل تعطشنا المجنون للرحلات الفضائية... كان البوابون وعمال الكافيتريا هم الابرياء الوحيدون من دم القتلى السبعة الذين كانوا على تشالنجر."
بدأ تعطش مولان للرحلات الفضائية في الطفولة واستمر حتى تم اختياره رائدا للفضاء. ومنذ تقاعده ألف كتبا للاطفال عن الفضاء وعمل محاضرا لتحفيز الجماهير.
ويبدأ الكتاب الذي يمثل السيرة الذاتية لمولان بوصف حي عن رغبته الملحة في أن يكون أفضل شخص يتقدم بطلب للانضمام الى رواد الفضاء وحتى استعداده لاجراء فحوص لامعائه وفتحة الشرج.
وواجه مولان المزيد من المهانة عندما كانوا يجربون له عازلا طبيا أصدرته ناسا لجمع البول في الفضاء في ظل انعدام الوزن. وكان يريد أن يقول للفني الذي كان يركب له العازل الطبي "سأجعلك تعلم أنني رزقت بثلاثة أبناء بهذا الشيء" ولكنه تراجع لان عبارة مثل تلك كان من الممكن أن تحول دون اختياره رائدا للفضاء.
وعندما اختير مولان أخصائيا في بعثة مكوك، قام بثلاث رحلات استغرقت 356 ساعة على متن ديسكفري وأتلانتس.
ولم ترق سفن المكوك أبدا الى ما وصفت به بأنها سفن فضاء يمكن الاعتماد عليها ومنع الاسطول من القيام برحلات منذ حادث كولومبيا باستثناء رحلة واحدة تجريبية الى محطة الفضاء الدولية في الصيف الماضي.
حتى في تلك الرحلة تكررت المشكلة الفنية - وهي سقوط الجزء العازل من الفلين - التي قضت على المكوك كولومبيا مما دفع الى المزيد من الفحوص لمعرفة المشكلة. وبشكل مؤقت فان الرحلة القادمة للمكوك مقررة في مايو ايار.
وأقر مولان بأن قدرة المكوك على رفع حمولات ثقيلة الى الفضاء صنعت معجزات مثل محطة الفضاء الدولية وتليسكوب هابل الفضائي.
ومن المفترض احالة سفن المكوك الثلاث المتبقية الى خارج الخدمة عام 2010 بعد اتمام البناء في محطة الفضاء التي تعمل بطاقم صغير للغاية مؤلف من فردين فقط منذ حادث كولومبيا.
ويجري تصميم مركبات أخرى لاستبدال المركبات القديمة. ومن التصميمات المحتملة ما يشبه الصواريخ الكبيرة التي أرسلت رواد فضاء بعثة ابولو الى القمر وهو تصميم يتفق مولان على أنه من الممكن أن يكون ناجحا ما دام هناك نظام للخروج الطارئ.
ولن يمانع مولان القيام برحلة أخرى اذا تسنى له ذلك ولكنه أقر بأن وجوده لن يكون ضروريا في أي مهمة الان ولهذا السبب لن يقوم بأي رحلة فضائية.