يتألق كوكب المريخ بلونه الأحمر في السماء الشرقية هذه الأيام كألمع جرم سماوي يظهر بعيد صلاة التراويح.
والمريخ هو الكوكب الأحمر ، عرفته الحضارات كواحد من خمسة أجرام سيارة هي عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل والتي كانوا يلاحظون حركتها بين النجوم دون سائر الأجرام ( الجوار الكنس ) ، وأطلق الإغريق على المريخ اسم إله الحرب مارس Mars للونه الأحمر المخيف ، وتقربوا إليه ولبقية الكواكب بالعبادة وتقديس البروج التي عدوها طريق الآلهة فنشأ بذلك موضوع التنجيم .
والمريخ هو كوكب صغير يبلغ قطره 53% قطر الكرة الأرضية أو ما يعادل ضعفي قطر قمرنا ، له قمران صغيران يدوران حوله هما فوبوس بقطر 23 كيلومتراً وديموس بقطر 12 كيلومتراً وكلاهما يواجه المريخ بنفس الوجه دائماً تماماً كما يصنع قمرنا الذي يواجهنا دوماً بوجه واحد ، وسبب ذلك دوران القمر حول الكوكب في نفس مدة دورانه حول نفسه . ورغم أن المريخ يلتقي بالأرض كل سنيتين تقريباً ، إلا أن المسافة الفاصلة بينهما لا تكون مناسبة لرصد المريخ ذي القرص الصغير ، لهذا فثمة لقاء أجمل بينهما يتكرر كل 15 و 17 سنة على التوالي يتيح الفرصة للمريخ أن يقترب من الأرض لتكون المسافة بينهما كافية ومناسبة لرصد معالم سطح المريخ . وسيتمكن هواة الفلك بتلسكوباتهم الصغيرة أن يرقبوا أحوال سطح المريخ ، كالقبعة الجليدية على القطب الجنوبي للمريخ وبعض المناطق الداكنة إضافة إلى العواصف الغبارية الصفراء التي كانت تهب لتغطي كامل سطح المريخ بين الحين والآخر .
ولأن المريخ يدور حول الشمس في أقل من سنتين من سنوات الأرض ، وبالتحديد في 687 يوماً ، ولآنه في ذات الوقت مائل أثناء دورانه بزاوية مقدارها 24 درجة مقارنة بميلان محور الأرض الذي يبلغ 23.5 درجة ، فإن ما يتعاقب على الأرض من فصول يتعاقب كذلك على المريخ ولكن بصورة مختلفة قليلاً إذ يبلغ طول الفصل الواحد على المريخ أقل بقليل من فصلين كاملين على الأرض أي حوالي خمسة أشهر ونصف ، ويترتب على ذلك تكون الجليد على قطبي المريخ الجنوبي والشمالي بين فصلي الشتاء والصيف اللذين يتعاقبان على نصفي المريخ الشمالي والجنوبي كما على الكرة الأرضية ، ويتكون هذا الجليد بشكل أساسي من تجمد غاز ثاني أكسيد الكربون وجليد الماء . فالقبعتان الجليديتان القطبيتان هما أهم المظاهر التي يرقبها هواة الفلك بتلسكوباتهم المتواضعة . ولأن صيف المريخ في هذا التقابل لهذه السنة سيحدث في النصف الشمالي للمريخ فإن الشتاء سيكون على النصف الجنوبي الذي ستظهر قبعته الجليدية واضحة جلية في تلسكوبات الهواة كبقعة بيضاء على سطح برتقالي مائل كثيراً إلى الحمرة .
ويعود سبب الحمرة التي تطغى على سطح كوكب المريخ إلى وجود وفرة غير مسبوقة من مركبات أكاسيد الحديد ، أحدها هو صدأ الحديد في دلالة إلى أن المريخ قد احتوى على الماء في حقبة تاريخية سابقة .
وفي يوم الاثنين 31/10/2005 الموافق لـ 28/9/1426 سيقترب المريخ من الأرض لأقرب مسافة بينهما بحوالي 61 مليون كيلومتراً وهي أكبر من المسافة التي اقتربها من الأرض قبل سنتين يوم 27/8/2003 حين بلغت 55.76 مليون كيلومتراً فقط ، وليظهر ليلتها بألمع ما يكون في السماء ومع ذلك فالمعالم السطحية يمكن أن ترى من خلال عدسة التلسكوب وهي فرصة لأولئك الهواة والمهتمين الذين يمكلون تلسكوبات أو يعرفون أناساً يملكونها بأن ينظروا إلى خلق الله في كونه وعظمته سبحانه وتجلي قدرته ليتضح لهم بذلك مفهوم قوله تعالى ( وكل في فلك يسبحون ) ..
وفي يوم الاثنين السابع من شهر نوفمبر الموافق لـ 5/10/1426 سيصل الكوكب ذروة تقابله مع الشمس حين يشرق من الشرق لحظة الغروب ليبقى ظاهراً في السماء طوال تلك الليلة .
بقلم الراصد الفلكي الأستاذ
هاني الضليع
عضو الجمعية الفلكية الأردنية
عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك
عضو الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
