القــس الــذي كـشف عن وقــود الحيــــاة !!!
كانت له روح فيلسوف فما كان منه ألا ان يشبع تشوقه الفكري بملهاة الكيمياء التي جعلت منه " القس الذي كشف عن وقود الحياه "
فبعث برساله يخبرنا فيها عن سر التحول الخطير من قس إلى مكتشف بارع وكيميائي مجرب .. فكتب يقول .......
ولدت في عام 1733م ببلدة فيلد هد بالقرب من ليذر نشأت ودخلت الكهنوت لأكون قسّاً وعندما بلغت الثانية والعشرين من عمري طردت من الكنيسة بسبب آراي الخاطئة ثم أعدت وعينت خوريا في كنيسة صغيرة بمقاطعة سفولك بمرتب ثلاثون جنيها في العام .. كنت أكره التعليم بطبعي ولكني اضطررت إلى ممارسته لصغر مرتبي أخذت اعلم في المدرسة من السابعة صباحا حتى الرابعة ظهرا وبين الرابعة والسابعة مساء كنت أعطي دروسا خاصة وبعد بضع سنوات أصبحت اعلم اللغات في اكاديمية أنشأها المنشقون عن الكنيسة وقد حضرت قليلا من المحاضرات في مبادئ الكيمياء وأعطيت شيئا من وقتي للتشريح وحاولت أن أعطى بعض المحاضرات فيه ..
وعندما بلغت الرابعة والثلاثين ذهبت إلى مدينة ليذر أرعى أمور الكنيسة حيث كنت رب أسرة وأحاول إعاشتها من أحقر مورد .. بغضني الناس وكرهوني لما شذت آرائي في الدين وقد كنت أعاني من تأتأه في لساني ومع كل هذا كنت أحاول جاهدا تحقيق أحلامي فيما وراء الطبيعة .. التقيت في إحدى زياراتي للندن ببنجامين فرانكلين ففجر فيّ حبا للكهرباء فكتبت كتابا في تاريخ الكهرباء ومن هنا بدأت حياتي العلمية فلقد أنسقت وأنا أكتب هذا التاريخ الى تحقيق بضع حقائق كان عليها اختلاف وهذا أدخلني حقلا أكبر من التجارب التي ابتكرها أصحابها أول مرة وقد أنفقت كل ما وقع في يدي من مال على ذلك .....
برستلي والخماره ..
ترجع شهرتي إلى خماره عامه كانت قرب بيتي في ليذر حيث كنت أقضي وقت الفراغ فيها لأجري تجاربي على الغاز الذي كان يخرج على شكل فقاعات من البراميل التي كانت تصنع فيها البيره فجئت بعيدان من الخشب فأشعلتها وقربتها من هذا الغاز وبالطبع ما أقوم به كان لا يتفق مع كوني قسيس .. لقد كان علمي بالكيمياء قليلا لكن كانت لي قدرة على الملاحظة الدقيقة فقد كان الغاز يطفئ عيدان الخشب التي أشعلتها .. ظننت إن هذا الغاز هو الذي حضره بلاك من تسخين الحجر الجيري ولكني أصبحت غير قادر على جمع كميات كافيه من الغاز في الخمارة لذا تعلمت كيف احضره في البيت وحاولت إن أذيب الغاز في الماء فذاب القليل منه وفي اثناء الدقيقتين او الثلاث دقائق صنعت كوباً متلألئ لذيذ المذاق وهو (محلول مخفف من ثاني اكسيد الكربون )والمعروف حاليا بماء الصودا .. وعرضت كشفي هذا على الجمعية الملكية وحصلت على نوطها الذهبي فكان أو كسب علمي لي فما مارست الكيمياء الا هواية ..
بريستلي وسحابة بيضاء جميله ....
ثم تابعت سلسلة تجاربي الكيميائية التي كنت اجد فيها الروح والراحة فمزجت ملح الطعام بحمض الزاج ( أي حمض الكبريتيك ) وسخنتهما وحصلت على شيء فات من سبقوني ان يحصلوا عليه فجمعت هذا الغاز فوق الزئبق ليس فوق الماء كما فعل من سبقوني وكان الغاز لا لون له وله رائحة نفاذه اذبته في الماء فما أسرع ما ابتلعه الماء فقد أبتلع الحجم من الماء منه أحجاما فلا عجب إن اخفق من سبقوني في جمعه فوق الماء وهو غاز الهيدروكلوريك الذي يستخدم في تنظيف المعادن وصنع الجلاتين والغراء وقد سمته بحامض المرياتيك وهو ثاني إنتاج عظيم لي في هواية الكيمياء ..
وأكملت تجاربي في تحضير غاز آخر عديم اللون بجمعه فوق الزئبق وكان غازاً نفاذاً ومال على النار ليحرك جمراتها ليشتد احتراقها بينما امتلأ المكان بأبخرة الغاز .. فلم أبالي بخروج الدمع من عيناي حتى حجب الدمع بصري ولم أبالي بخروج اهل بيتي الصغير إلى الشارع ليلتقطوا أنفاسهم جراء اختناقهم من رائحة الغازالنفاذه ..
وبذلك حققت للعلم أول طريقة لتحضير غاز النشادر نقياً واعطيت وصفاً صحيحا لخواص الغاز وهو الغاز الذي استخدم فيما بعد لتجميد الماء ليكون منه الثلج ..
فجمعت الغازين النفاذين عديمي اللون كلوريد الهيدروجين والنشادر جافين وهالتني النتيجة حيث اختفى الغازان ووجدت بدلا عنهما سحابه بيضاء جميله ما لبثت ان ترسبت على جدار الآناء مسحوقاً أبيضا ليس له رائحه نفاذه انه كلوريد الامونيوم الذي يستخدم اليوم في البطاريات الكهربائية الجافه ..
يتـــبع ... باذن الله
'>
.....
المصدر : كتاب قصة الكيمياء بواتق وأنابيق ..