من يحدد الاتجاه الذي ستأخذه حياتك؟
الفكرة من منا من لا يكافح كل يوم من أجل القيام بالوجبات المطلوبة منه أمام رئيسه، وعائلته، ومجتمعه ـ حتى عندما تتضرّر نوعية حياته؟ ومن منا من لا يشعر بالإرهاق الشديد لدرجة تمنعه من دراسة أسباب هذا المأزق؟ بالنسبة إلى معظم الناس، يتطلب الأمر حدوث أزمة ـ مرض، طلاق، وفاة شخص تحبّه، فشل مهني ـ قبل أن يعيدوا تركيز التزاماتهم بالمال، والوقت، والطاقة على الأشياء التي تهمّهم فعلاً. لكن لماذا ننتظر ريثما تحدث أزمة؟ بدلاً من ذلك، استخدم عملية منهجية لكي تتأكد بشكل دوري من قناعاتك وتقدّر ما إذا كنت تضع مالك (ووقتك وطاقتك) حيث يوجد (فمك).حدد القيم التي تحتل الأولوية القصوى والتي لا تأخذ حصة كافية من الموارد ـ أو حديد الالتزامات التي مضى عليها الزمن والتي تستنزف مواردك الثمينة بعيداً عن قناعاتك العميقة. بعد أن تحدد الفجوات بين ما يهمّك أكثر وكيفية استثمارك لمواردك، استخدم وقتاً مستقطعاً (إجازة أسبوعية، دورة دراسية، أو خلوة) لإعادة التفكير في التزاماتك القديمة وتحديد التزامات جديدة أكثر انسجاماً مع قيمك. بتطبيق هذه العملية بشكل روتيني، تصبح أنت ـ وليس التزاماتك القديمة ـ من سيحدد الاتجاه الذي ستأخذه حياتك.
التطبيق لكي تدير الفجوة بين قناعاتك والتزاماتك، أبدأ بتطبيق الخطوات التالية:
•قم بإعداد جدول بالقيم التي تؤمن بها.
•أكتب لائحة بالأمور التي تحتل الأهمية القصوى بالنسبة إليك.مثال ذلك:بدلاً من كتابة "المال"، أكتب "توفير الأمن المادّي لعائلتي"، أو "كسب ما يكفي من المال للتقاعد باكراً".
•أهدف إلى كتابة ما بين خمس وعشر قيم.واكتب ما تقيّمه فعلاً ـ لا ما تظن أنه ينبغي أن يكون ذا قيمة.
قيّم كيفية استثمارك لمواردك حدد مقدار المال، والوقت، والطاقة التي تخصصها لقيمك.ومقابل كل قيمة ذكرتها في اللائحة، سجّل ما يلي:*لنسبة المئوية من مدخولك المنزلي التي تخصصها لتلك القيمة. * عدد الساعات التي تنفقها على تلك القيمة في كل أسبوع. * نوعية الطاقة (عالية، متدنية) التي تخصصها لنشاطاتك المرتبطة بتلك القيمة. (كل ساعة تقضيها في نشاط عندما تكون مفعماً بالحيوية والتركيز تمثل التزاماً أكبر من ساعة تقضيها في نشاط وأنت مرهق وشارد الذهن).حدد الفجوات التي تفصل بين قيمك والتزاماتك هل تتلقّى بعض من القيم التي ذكرتها في اللائحة القليل من مالك ووقتك وطاقتك أو لا تتلقّى شيئاً منها على الإطلاق؟ وهل توجد قيمة وحيدة تمتص حصة غير متكافئة من مواردك وتحرم أولوياتك الأخرى منها؟
حاول أن تفهم السبب الذي أدى إلى بروز هذه الفجوة
•يمكن أن يكون لمظاهر الفصل بين ما تقيّمه وبين ما تنفق عليه مالك أسباب عديدة.ربما قد أخذت على عاتقك التزامات بدون تفكير في مضامينها على المدى البعيد.وعلى سبيل المثال:قطعت إحدى منظِّمات الأعمال في نيويورك وعداً بتخصيص مزيد من الوقت لشريكها الذي يعمل في لندن. لكن عندما قرّرت أن تبيع شركتها الجديدة إلى إحدى الشركات المنافسة في الساحل الغربي من خلال صفقة تملك على مدى خمس سنوات، احتاجت إلى الانتقال إلى سان فرانسيسكو لكي تدير أعمالها من هناك.وهي تنفق الآن المزيد من الوقت حتى في تنقلاتها ـ إضافة إلى كونها مشتتة بين التزامين متعارضين ألتزمت بهما في وقت واحد.
•وربما تركْتَ للآخرين مهمة تحديد ما يعنيه "النجاح"نيابة عنك.فقد استحق أحد صغار المصرفيين ثناء زملائه بسبب أخلاقياته المهنية الرفيعة.وعندما أصبح والداً، أراد أن يمضي مزيداً من الوقت مع عائلته، وهو الأمر الذي أصاب زملاءه بالحيرة. وبما أنه كان يتوق بشدّة لسماع المديح من زملائه، فقد استمرّ في إدمانه على العمل ـ وأعطى من حيث الواقع لزملائه حق تحديد أولوياته. عليك أن تغيّر مجرى حياتك من الصعب معايرة الالتزامات عندما لا تواجه أزمات. ويمكن لاستراحة –إجازة أسبوعيّة، أو دورة تعليمية، أو أية وسيلة أخرى ـ أن تساعدك في فهم الصورة الحقيقية وإعطائك عذراً للإخلال بالتزامات قديمة وصياغة التزامات جديدة.ولكي تتجنّب "زحف الالتزامات"، عليك أن تتخلّى عن التزاماتك القديمة أو تعيد التفكير فيها مقابل كل التزام جديد تقطعه على نفسك.