السلام عليكم :
الأخ الكريم أبو محمد :
بناء على رغبتك في المناقشة بالموضوع الذي تفضلت به فإنني سأعرض بعض الذي استوقفني فيه ..
- - ماذا تعني بقولك ( خط كروي ) ؟ إذ المحفوظ أن الشكل الكروي هو : خطوط مغلقة دائرية متراكبة .. وأما بحسب ما ذكرتَ ( ...خط كروي مفتوح( فقد فهمت منه أنه لا يوجد في الكرة دوائر , وليست الكرة خط أو خطوط مغلقة , وبالتالي فلا يوجد – للكرة - قطر ثابت كما للدائرة والمربع والمستطيل والمثلث ونحوها من الأشكال المغلقة ... , وهنا أتساءل ما المراد من قولك (مع المحافظة على قطر هذا الشكل الكروي ) ؟
- - في وصفك لحركة الشمس , في جريانها منذ ابتداء الدهر لتتابع حركتها – التكورية - لم تراع فيه اختلاف وصف القرآن العظيم لهذين الأمرين , فقوله تعالى ( والشمس تجري لمستقر لها ) ينسب فيه الجريان للشمس نفسها , ففاعل تجري هو : الشمس , وأما قوله تعالى ( إذا الشمس كورت ) فقد نسب فيه التكوير لفاعل غير الشمس بل لفاعل غير معلوم , فالفعل ( كورت ) هو فعل لم يُسمَّ فاعله ونائب فاعله الضمير ( هي ) العائد إلى الشمس .. فشتان بين الفاعل ونائب الفاعل الذي هنا هو المفعول به ..
وعليه : ففعل الجريان يختلف عن فعل التكوير .. ولعل المفسرين – رحمهم الله تعالى – لاحظوا هل التباين في الدلالة فلم يفسروا هذا بذاك ولم يلحقوا أحدهما بالآخر ...
- - إن سياق الآيات الكريمة ( إذا الشمس كورت ) وما تلاها , لا ينبئ عن انتهاء وقوع حادث قد بدأ منذ زمن بعيد , بل سياقها يُشعر بما سيقع دفعة واحدة ( كورت , انكدرت , سُيرت , عُطلت , حُشرت , سُجرت , زُوجت , سُئلت ... )
- - في قولك (( ... وبمرور الدّهر ومواصلة مواجهة أشعّة الشمس للمنطقة القطبية الشمالية حتّى تجفّ البحار وتظهر الغابات ثمّ تشتعل وهنا يصدق قول الله {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} (6) سورة التكوير ... )) أجد أمراً يحتاج منك إلى زيادة بيان , فالآية الكريمة تقول ( وإذا البحار سُجرت ) وقد فسرت أنت هذا النص بجفاف المياه ثم نشوء الغابات ثم اشتعال الغابات .. فالتساؤل هنا : ما ذا يبقى من معنى لكلمة بحار بعد أن يجف ماؤها ؟ بمعنى آخر : ما المراد من كلمة البحار هنا ؟ هل هو الحفرة الكبيرة العميقة فقط ؟ أم الحفرة الكبيرة العميقة مع ما تحتويه من ماء وسواه ؟
- - ................
- - وبعدُ : فمما لا شك فيه أن من أعظم الأمور وأشرف الأعمال وأعلاها دراسة القرآن العظيم وسبر أغواره والبحث عن درره ولآلئه في شتى فنون العلم والمعرفة , فهو الكتاب الوحيد الفريد الخالد المحفوظ بحفظ الله له , الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. ولكن هناك أسساً وقواعد وضوابط يجب مراعاتها عند القيام بمثل هذا الأمر ...
ومن نافلة القول أن نذكر بأنه يجب علينا في هذا العصر الذي فقدنا فيه الإمساك بزمام أمور العلوم الكونية بعامة ولم نعد نملك المؤسسات والمختبرات العلمية العملاقة , يجب علينا أن نتريث كثيراً في مقابلة النظريات – بل والمكتشفات - العلمية بآيات القرآن العظيم , ولاسيما في الآيات التي تحتمل أكثر من معنى , لأن القرآن المجيد هو قرآن للناس جميعاً إلى قيام الساعة , فليس هناك حد للنظريات والاكتشافات العلمية ما دامت الأجيال تتعاقب , مصداقاً لقوله تعالى ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) وهذا ينطبق على كل عصر وزمان , لذلك ينبغي علينا أن لا نقول هذا مراد الله تعالى من هذه الآية , بل هذا فهمنا لها ... ومن هذا المنطلق نأخذ الإشارات القرآنية كدافع وحافز وباعث لنا على الانطلاق في رحاب هذا الكون لاستنطاقه واكتشاف مجاهيله مع التأكيد على أن هذا فهمنا للأمر والله أعلم بحقيقة مراده ... ( ولعلك أخي العزيز هذا ما أردتَه بقولك << ... ويسعدني أن تساهموا في مناقشتها لإصلاح ما فهمته خطئا أو المشاركة لأبرازها كإعجاز علمي من القرآن والسنّة والله المستعان >> )
كما أنه مما لا شك فيه أن مقابلة المكتشفات العلمية المقطوع بصحتها مع الآيات القرآنية المباركة قطعية الدلالة , من الأمور العظيمة الجليلة الداعية إلى الإسلام العظيم وبيان هديه وأنواره وصفائه وأنه دين يصلح لكل زمان ومكان ... ومن ذلك وصفه لتكوين الجنين في رحم أمه بأدق وصف .. و( بينهما برزخ لا يبغيان ) ... و مثل ذلك نقول في السنة المطهرة ...
وفقكم الله جميعاً لما يحبه ويرضاه ..
ولكم تحياتي