وتابع الشيخ العبيكان "فأقول إنه بالنسبة لعموم المسلمين فصيامهم صحيح ما دام أن ولي الأمر اعتمد الرؤية ولو مع وجود الخطأ في دخول الشهر لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون" أخرجه الترمذي وحسنه وكذلك أبو داود قال الترمذي: فسر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: "إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعُظْم الناس" وترجم أبو داود على هذا الحديث: "باب إذا أخطأ القوم الهلال.
وقال الخطابي معنى الحديث: "أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعة وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماض ولا شيء عليهم من وزر أو عيب. وكذلك الحج إذا أخطؤوا يوم عرفة وليس عليهم إعادته وكذلك أضاحيهم تجزئهم وإنما هذا رفق من الله ولطف بعباده". انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فيمن رأى وحده هلال رمضان ورد قوله قال: "يصوم مع الناس ويفطر مع الناس وهذا أظهر الأقوال لقوله صلى الله عليه وسلم: (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون) وأنه لو رأى هلال النحر وحده لم يقف دون سائر الحاج.انتهى
و قال ابن مفلح في الفروع إن رآه عدلان ولم يشهدا عند الحاكم أو شهدا فردهما لجهله بحالهما لم يجز لأحدهما ولا لمن عرف عدالتهما الفطر بقولهما في قياس المذهب. قاله المجد (أي ابن تيمية جد شيخ الإسلام ) ولما فيه من الاختلاف وتشتيت الكلمة.انتهى
أما بالنسبة للجهة المسؤولة عن إثبات الأهلة فبما أن الأمر اشتهر بين الناس من أن الفلكيين قرروا استحالة الرؤية تلك الليلة وكتب بعض الفضلاء مقالات في الصحف يؤكدون حصول الخطأ في دخول الشهر كما أكده عدم رؤية الهلال في مصر تلك الليلة على الرغم من إثبات مجلس القضاء دخوله ومن المعلوم قطعا أنه إذا رؤي حقا في السعودية فلا بد أن يرى في مصر لوقوعها غربا عنها.
وتابع العبيكان "وقد صرح صاحب الفضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء في إذاعة القرآن الكريم بوجود ذلك الخطأ وبما أنه تكرر ذلك منذ سنين ولم يكن هناك استجابة لتلافي هذا الخطأ ولا تطبيق لما صدرت به القرارات من مجلس الشورى ومجلس الوزراء وتم اعتمادة من الملك.
فقد رأيت أنه من المناسب توضيح الأمر براءة للذمة فإنه لما قال صلى الله علية وسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" فإن الخطاب موجه إلى عموم المسلمين لأجل الاعتماد على الرؤية الصحيحة التي تتم برؤية العدل الضابط لما يشهد به مع سلامة تلك الشهادة من القوادح اليقينية والتي توافرت في هذا الزمن خاصة وكما جاء في توصيات مؤتمر الأهلة الذي تولت عقده منظمة المؤتمر الإسلامي في المملكة بمدينة جدة عام 1419هـ،
وألقى فيه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله كلمة وحضره عدد كبير من العلماء المسلمين في الشريعة وعلم الفلك وكان لوزارة العدل السعودية دور كبير في إنجاحه وشرفت بترؤس وفد المملكة فيه، حيث كان من ضمن التوصيات عدم قبول الشهادة برؤية الهلال إذا قرر علماء الفلك أن الهلال يغيب قبل الشمس تلك الليلة حيث إن الشهادة المقبولة لابد أن تنفك عما يكذبها حسا وعقلا وشرعا، وأنه متى قرروا أن الشمس ستغيب قبل القمر فعندئذ تقبل الشهادة بشروطها حيث إن الحساب في ذلك دقيق لا يحتمل الخطأ أبدا. فيعتمد الحساب في النفي لا في الإثبات ولا يمكن أن يتعارض الحساب مع الرؤية الصحيحة فالله عز وجل يقول: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب)
وأضاف الشيخ العبيكان "وبما أن هيئة كبار العلماء في المملكة أصدرت قراراً برقم 108 وتاريخ 2/11/1403هـ بجواز الاعتماد على المراصد وأوصت بإيجاد مراصد في عدد من مناطق المملكة. وصدر قرار من مجلس الشورى برقم 11/5/18 وتاريخ 3/2/1418هـ وأويد بقرار مجلس الوزراء ذي الرقم 143 والتاريخ 22/8/1418هـ بالموافقة على لائحة تحري رؤية هلال أوائل الشهور القمرية وتم اعتمادها من الملك وجاء في هذه اللائحة في المادة الثالثة ما نصه :
تقوم وزارة الداخلية بتكوين لجنة أو أكثر حسب الحاجة في المناطق التي تكون مظنة لرؤية الهلال تسمى (لجنة تحري رؤية هلال أوائل الشهور القمرية).
وفي المادة الرابعة : تكون هذه اللجان على النحو الآتي:
1- مندوب من قبل الإمارة رئيساً:
2 - أحد طلبة العلم من غير القضاة ترشحه المحكمة عضوا
3 - مندوب من قبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عضوا، وعلى اللجنة أن تستعين بمن تراه من المعروفين بحدة البصر.
ونصت المادة السادسة على: تختار كل لجنة أنسب الأماكن لتحري الرؤية، وفي حالة وجود مراصد تابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أو تابعة للجامعات فإنها تعد مكانا للتحري, وعلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والجامعات تسهيل ذلك.
ونصت المادة السابعة: أخذا في الاعتبار ما ورد في الفقرتين الخامسة والسادسة من قرار مجلس هيئة كبار العلماء ذي الرقم 108 والتاريخ 2/11/1403هـ تؤمن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عند الحاجة مراصد متنقلة ومناظير مكبرة في الأماكن التي لا تتوفر فيها مراصد ثابتة.
ونصت المادة الثامنة: تتولى مدينة الملك عبدالعزيز والتقنية إعداد جداول سنوية أو أكثر توضح مواعيد الاقتران (مولد الهلال) شهريا ومواعيد شروق الشمس والقمر وغروبهما وموقع الهلال وشكله في ليالي مظنة رؤيته ويتم إرسالها إلى وزارتي الداخلية والعدل لتوزيعها على الجهات المختصة.
و نصت المادة الحادية عشرة: يعتمد معدو تقويم أم القرى في حساب أوائل الشهور القمرية على غروب الشمس قبل القمر حسب توقيت مكة المكرمة وتتخذ إحداثيات المسجد الحرام أساسا لذلك".
شهود يلغون عمل اللجان الرسمية
وأضاف العبيكان " وقد تم تكوين اللجان وزاولت عملها وترسل الجداول كل سنة إلى وزارة العدل ولكن من المؤسف أننا ما زلنا نجد الاعتماد على شهادة بعض الشهود الذين لم يقفوا مع اللجان الرسمية, حسبما نصت عليه لائحة تحري رؤية الهلال ومع تأكيد تلك اللجان عدم رؤية الهلال في الليلة التي شهد بها أولئك الشهود ومع عدم إمكانية رؤيته بالمراصد لعدم وجوده في الأفق بعد غروب الشمس, والأدهى والأمر من ذلك أن مجلس القضاء بهيئته الدائمة, طلب ترائي الهلال ليلة الجمعة".