السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
شكراً لكم أخوتي الكرام و جزاكم الله خيراً
مهارات التفكير الإبداعي:
يعرف معجم التربية و علم النفس التفكير الإبداعي Creative thinking بأنه القدرة على اكتشاف علاقات جديدة و حلول أصيلة تتسم بالجدة و المرونة(مجمع علم النفس و التربية،1982) و تعرفه موسوعة التربية الخاصة بأنه القدرة على إنتاج أكبر عدد من الأفكار الأصيلة غير العادية و درجة عالية من المرونة في الاستجابة و تطوير الأفكار و الأنشطة و الابتكار لدى معظم الطلاب بدرجات متفاوتة. أي أن التفكير الإبداعي هو تفكير ذو نتائج خلاقة و ليست روتينية أو نمطية (عادل عز الدين الأشول، موسوعة التربية الخاصة، 1987).
و يعتبر الإنتاج الإبداعي من ضرورات الحياة المعاصرة، و ما يراه العالم اليوم من تقدم و تغير سريع في مجالات العلوم و التكنولوجيا و الفنون هو تعبير عن تلك الظواهر الإنسانية التي ينتج عنها ذلك الناتج الإبداعي. و يعتبر هذا الناتج الإبداعي إسهاماً حقيقياً من أجل تقدم الإنسان و رفاهيته، لذا نجد أن الدول المتقدمة تعمل على استغلال طاقاتها البشرية من أجل أفضل استثمار ممكن للقدرات الإبداعية متمثلاً في مدى الرعاية التي توجه إلى هؤلاء الأفراد المبدعين في كل مجالات الحياة ( عبد الحليم محمود، الأسرة و إبداع الأبناء، 1980).
يضاف إلى ما سبق أن متطلبات عصر المعلومات و تطورها المستمر يدفعنا إلى البحث عن حلول مختلفة للمشاكل الهامة التي تواجهنا، و من أفضل هذه الحلول التفكير الإبداعي الذي يدعنا لمواجهة متطلبات القضايا العصرية، و قد أشار الكثير من المفكرين إلى أنه لا يمكن أن نجلس في أماكننا و نأمل في اختراع تكنولوجي يشفي المجتمع من أمراضه. فإن المتطلبات الأساسية للمجتمع تتطلب وجود عقلية تعتمد على التفكير بصورة عامة و على التفكير الإبداعي بصورة خاصة، لذا فقد اهتم الكثير من التربويين بالتفكير الإبداعي للاستفادة من إمكاناته الإدراكية و المعرفية و التعبيرية في خلق الشخصية المبدعة التي لها فوائد اجتماعية كثيرة، و ذلك من خلال تقديم المعلومات و الأنشطة المختلفة التي تؤدي دوراً كبيراً في خلق الشخصية المبدعة ( السيد عبد الحليم، الإبداع و الشخصية، 1971).
و اهتمام المجتمع برعاية الطلاب المبدعين يشكل أمراً هاماً تحدد في ضوئه معالم المجتمع و مستقبله، فالمبدعون هم الثروة الحقيقية للمجتمع، و المدرسة بحكم وظيفته كمؤسسة تربوية لا تقتصر مسئوليتها على إثراء الجانب العلمي للطالب، بل تتعدى ذلك إلى تكوينه اجتماعياً و نفسياً، و في نفس الوقت توفير الظروف المناسبة لجميع الطلاب و خاصة الطلاب ذوى القدرات و الإمكانات المتميزة لتعرّفهم، و لتنمية مهاراتهم و صقل تفوقهم و إثراء قدراتهم، و العوامل التي تساعد على تحقيق ذلك توافر المعلم المؤهل و القادر على القيام بدوره كاملاً في تنمية الإبداع لتلك الفئة من المبدعين.
و لكي نحكم على إبداع الطالب لابد من قياس جوانب و مهارات التفكير الإبداعي و التي تتمثل في:
* الطلاقة و تنقسم إلى: الطلاقة الفكرية، و الطلاقة اللفظية، و الطلاقة الارتباطية، و الطلاقة التعبيرية.
* الأصالة، و هي القدرة على إنتاج استجابات أصيلة أي قليلة التكرار بالمعنى الإحصائي داخل الجماعة التي ينتمي إليها الفرد.
* المرونة و هي القدرة على إنتاج أكبر عدد من الأفكار.
و فيما يلي عرض تفصيلي لكل مهارة من مهارات التفكير الإبداعي:
1- الطلاقة Fluency
الطلاقة تعني استحضار أفكار متعددة في مدة محددة و وضع هذه الأفكار في الصيغ اللفظية بهدف الحصول على حلول مبتكرة، و تعني في الرياضيات تعويد التلاميذ على إعطاء عدة حلول مختلفة لموضوع معين أو مسألة ما أو قضية ما، حتى تتكون لديهم القدرة على استدعاء أكبر عدد من الأفكار عند تعرضهم لمشكلة رياضية أو هندسية معينة ثم اختيار الحل أو الفكرة التي يجدها التلميذ أكثر إقناعاً.
و الطلاقة الفكرية Ideational fluency هي القدرة على استدعاء أكبر قدر ممكن من الأفكار المناسبة في فترة زمنية محددة لمشكلة و مواقف مثيرة
Tzabeth.B.Hurlocr,1979
و يقصد بها في الرياضيات عدم إعطاء التعريف أو القانون أو النظرية مباشرة حتى لا يحدث في هذا التعلم الاعتماد على توصيل الفكرة مباشرة للتلميذ، بل أعطي للتلميذ الفرصة لكي يفكر و يبتكر و يستدعي أفكاراً مختلفة من خلال تعرضه لموضوع الدرس.
أما الطلاقة اللفظية Word Fluency فتعني القدرة على إنتاج عدد كبير من الألفاظ، و ذلك من خلال مناقشة المعلم لتلاميذه و تعويدهم على ربط كل المفاهيم المتعلقة بالدرس بعضها ببعض
Sandifer:1972
و في الرياضيات حين يعطي المدرس عدة أسئلة من خلال تدريسه لموضوع ما في الهندسة مثلاً بعد تدريسه لموضوع الزاوية و إعطاء أنواع الزوايا يمكن أن يوجه المعلو لتلاميذه سؤالاً عن: أنواع الزوايا، و يذكر التلميذ زاوية حادة، زاوية مستقيمة، زاوية قائمة، زاوية منفرجة، زاويتين متجاورتين، زاويتين متكاملتين، زاويتين متقابلتين بالرأس.. و يترك المعلم التلميذ يذكر أكبرعدد من هذه الأنواع، و هنا تظهر قدرته على إنتاج أكبر عدد من الألفاظ التي ترتبط بمفهوم الدرس. و يظهر في المثال القدرة على تنمية الطلاقة اللفظية.
و في الرياضيات حين يعرض المعلم مشكلة على تلاميذه بأن يعطي لهم مستقيماً، و يطلب من كل تلميذ رسم المستقيم في كراسته و بحيث يعطي كل تلميذ اسماً للمستقيم (أ ب) مثلاً أو (س ص) و يقوم التلميذ بذكر ضلعي الزاوية المستقيمة، ثم يربط بين اتحاد هذين الشعاعين و يفكر هل هما على استقامة واحدة، و ما قياس الزاوية المستقيمة. و هنا سيعطي للتلميذ تعريفاً للزاوية المستقيمة بأنها زاوية يقع ضلعاها على استقامة واحدة و قياسها 180.
و هنا لم نعطِ التعريف مباشرة، بل جعلناه يفكر و يستدعي أفكاراً مختلفة من خلال موضوع الدرس.
أما الطلاقة الارتباطية Associational fluency فتعني وعي الفرد بالعلاقات و السهولة التي يستطيع بها تقديم الفكرة بطريقة متكاملة المعنى. و عادة ما تقاس هذه القدرة بأن يطلب من التلميذ أن يكتب المترادفات الملائمة لكلمات تُعطى له.
(sandifer, 1972)
و الطلاقة التعبيرية Expressional Fluency تعني السرعة التي تترابط بها الكلمات في غضون وقت معين، و عادة تقاس الطلاقة التعبيرية بأن يطلب من المفحوص ترتيب كلمات لكي تؤلف نصاً منظماً ذا معنى.
Bloomberg,1973
و يمكن أن بتحقق ذلك من خلال إعطاء التلميذ معطيات المسألة أو الاتمرين و تعويده على أسلوب كتابة البرهان المنطقي بسرعة بحيث يربط المعطيات بعضها ببعض، و يدرك العلاقة بين المعطيات و المطلوب و يدرك مبررات كل خطوة من خطوات البرهان و بحيث يوضع في الاعتبار سرعة الوصول إلى البرهان.
2- الأصالة Omgiimality
و هي القدرة على إنتاج استجابات أصلية، أي قليلة التكرار بالمعنى الإحصائي داخل الجماعة التي ينتمي إليها الفرد.
Bloombery,1973
و مثال ذلك: يمكن تنمية قدرة الأصالة لدى التلميذ، و ذلك بتعويده على إعطاء عدة حلول مختلفة للموفق الرياضي الذي يتعرض له. و يمكن أن يتم ذلك في الهندسة من خلال إعطاء التلميذ فرصة لحل التمرينات الهندسية بأكثر من طريقة و ‘طائهم مواقف هندسية تجعلهم يتوصلون بها إلى عدة حلول مختلفة يمكن أن تكون مباشرة و بعيدة عن الأفكار العادية.
(Jeah. Roger,1985)
3- المرونةFlexibility
و هي القدرة على إنتاج أكبر عدد من الأفكار فمثلاً إذا طلبنا من شخص أن يذكر أكبر عدد من الاستعمالات المختلفة لشيء ما فهو ينتقل في تفكيره من استخدام إلى استخدام آخر. أي من نوع من الأفكار إلى أفكار أخرى.
Guillford.S.P.1950
مثال ذلك: إذا سألنا التلميذ عن الأشكال المختلفة التي يمكن أن تكون متوازي الأضلاع، فتكون إجابته: مستطيل – مربع- معين- شبه منحرف، لأن كلا من هذه الأشكال يتحقق فيه خواص هذا الشكل. و إذا أعطينا التلميذ أربع قطع من الخشب و طلبنا منه تحقيق ما سبق لمتوازي الأضلاع و يكون شكلاً يكون متوازي أضلاع فيبدأ بتكوين شكل رباعي، و من ثم يكون متوازي أضلاع، ثم يتدرج بتفكيره و يعطى للشكل الناتج صبغة جديدة ليكون مستطيلا ثم شبه منحرف ثم مربعا ثم معينا. و يستفيد التلميذ من الخشب المعطى له ليعتمد على الأطوال عند تكوين الأشكال المختلفة فإذا كانت الأخشاب متساوية في الطول كون منها كلا من المربع و المعين، فإذا كانت غير متساوية كون فيها شكلاً رباعياً فقط، و لكن يمكن أن يغير من هذا الشكل ليكون مستطيلا- معينا- متوازي أضلاع، و هنا نلاحظ تطور تفكير التلميذ و المرونة التي أثبتها في إنتاج عدد كبير من الأفكار لتحقيق الموقف التي تعرض له.