فإذا كانت حكومة المملكة العربية السعودية ممثلة بعدد من الجهات الرسمية الشرعية والعلمية والوزارية قد أقرت المعيار الجديد لتقويم أم القرى وهو: (إذا حدث الاقتران المركزي قبل غروب الشمس وغاب القمر بعد غروبها، يكون اليوم التالي هو الأول من الشهر الهجري الجديد).
بل وشكلت عدداً من اللجان المختصة لرصد أهلة بدايات الشهور موزعة على مختلف مناطق المملكة ، فلماذا يضرب بمعيار أم القرى وبالعلم الذي تملكه هذه اللجان المختصة بالأهلة عرض الحائط فيخرج من يشهد برؤية الهلال قبل أن يعلن حتى تقويم أم القرى ذلك وفي كلا الشهرين الكريمين؟ أليس من المنطقي أن يكون أعضاء هذه اللجان خارجين للرصد إن كان هناك هلال في الأفق؟؟
ولماذا يضطر أحد كبار المسؤولين في هذه اللجان أن يجلس في مقابلة مع إحدى القنوات الفضائية يوم التاسع والعشرين من شعبان الماضي وقت الغروب ولا يخرج لرصد الهلال ؟؟ أليس لأنه يعلم بأن لا هلال موجود في الأفق يرصده؟؟ لكن المفاجأة تأتيه وهو لا يزال جالساً في المقابلة بأنه قد تم إثبات دخول شهر رمضان بالرؤية الشرعية!! علماً بأن تقويم أم القرى يقول ان اليوم التالي هو الثلاثون ، وإلا لما كان جالساً في ذاك المكان أبداً .
وتتكرر الحادثة في هلال شهر ذي الحجة الذي غاب (بحسب الحسابات الفلكية) قبل غروب الشمس يوم التاسع والعشرين من شهر ذي القعدة والذي مرة أخرى يشير تقويم أم القرى أن اليوم التالي هو اليوم الثلاثون ، ليطلع علينا نفس الشهود (هدانا وإياهم الله) بإعلان رؤيتهم للهلال ليدخل شهر ذي الحجة بالطريقة التي دخل فيها شهر رمضان .
والسؤال هنا : أليس تقويم أم القرى بأوراقه التي تقلب كل يوم مرة والذي نتابع عليها أوقات الصلوات ونؤمن بها أيما إيمان ونصدقها أيما تصديق ، بل إنك إن خرجت وتابعت شروق الشمس أو غروبها فإنك لن تجد سوى الدقة التامة والتطابق الرائع بين ما يرى بالعين وبين ما هو مكتوب في التقويم ، أليس هو نفس التقويم الذي يضع على نفس أوراقه بدايات الشهور الهجرية ونهاياتها بحسب المعيار المعتمد والمصادق على صحته ؟؟
أليس هذا مدعاة للتساؤل ، أو ربما إحراج غير مباشر للقائمين على تقويم أم القرى الذين لطالما سهروا ويسهرون لإخراجه في أبهى حلة وأدق حسابات؟؟
وأتساءل مرة أخرى وأتمنى أن أجد لسؤالي جواباً كافياً وشافياً : هل نحن مكلفون بما نطيق من أفعال أم بخوارق القدرات والأفعال؟ بمعنى هل إن شهادة إنسان خارق ذي قدرات لا يطيقها أحد من البشر ملزمة للجميع ، أم أننا مكلفون فقط بما نطيق ؟ بمعنى ، إذا كان هناك من يستطيع أن يرى النجوم في وضح النهار ويستطيع أن يرى ما تعجز عن رؤيته التلسكوبات والمناظير (وهي قدرات البشر العادية) ويستطيع أن يرى هلالاً لم يبرح مكانه من الشمس ، فهل ما يراه يعد ملزماً للجميع؟
ولا أشك أن أحداً إلا ويعلم يقيناً بأن القمر هو جرم تابع للأرض وأنه يدور حولها مرة كل شهر ، وهو يتقدم كل ليلة مسافة يسيرة في السماء نحو الشرق إلى أن يشرق يوم الرابع عشر بدراً وقت غروب الشمس ، ثم تنحدر به الأيام عوداً على بدء حتى يعود هلالاً أخيراً أو عرجوناً قديماً يرى وقت الفجر قبيل شروق الشمس ، ثم يستتر ليلة إن كان الشهر ناقصاً أو ليلتين إن كان تاماً ثم يعود ويظهر من جديد ناحية الغرب بعد غروب الشمس ليبدأ شهراً جديداً ورحلة تتكرر لكن في موضع آخر حول الشمس في مجرتنا العملاقة وفي كون الله الواسع (وكل في فلك يسبحون). فإن كان الذين ادعوا رؤية الهلال في ليلته الأولى على يقين مما رأوا ، فإنه الهلال لن يكذبهم ولن يخالف قوانين الله وسننه الكونية فهو دائر حول الأرض ما شاء الله وبقي الزمان ، وسيظهر في ليلته الثانية أعلى وأبعد عن الشمس عما كان عليه في ليلته التي شوهد فيها
يـــتــبـــع ......