الالتهاب السحائي
بذل النخاع الشوكي ومرض الحمى الشوكية
الالتهاب السحائي: هو التهاب الأغشية السحائية المبطنة للمخ والنخاع الشوكي. والميكروبات التي تسبب الالتهاب السحائي كثيرة ومتعددة، وقد تصل للأغشية السحائية؛ إما عن طريق الدم، أو عن طريق انتشار مباشر من بؤرة صديدية مجاورة، أوعن طريق جرح متقيح بفروة الرأس أو بالوجه أو بالعينين، وقد يحدث الالتهاب السحائي نتيجة لجرح نافذ بالرأس أو نتيجة لكسر بقاع الجمجمة.
أهم أنواع الالتهاب السحائي: هناك ستة أنواع مختلفة من الالتهاب السحائي ولا يمكن تشخيص أي نوع من هذه الأنواع إلا بعد فحص عينة بذل النخاع بكتريولوجيا وكيماويًا وفيرولوجيا، وأهم هذه الأنواع وأكثرها انتشارًا هو الحمى الشوكية، وتجدر الإشارة إلى أن الالتهاب السحائي الصديد يعتبر مرضا غير وبائي؛ حيث إنه من مضاعفات التهاب الأذن الداخلية، ويحدث بعد العمليات الجراحية في النخاع الشوكي، وبعد الإصابة بالالتهاب الرئوي في حالة ضعف المريض، وفي هذه الحالة يسمى الالتهاب السحائي الدرني.
الحمي الشوكية (الالتهاب السحائي الوبائي):
هو مرض خطير مُعدٍ نتيجة التهاب حاد بالسحايا المغلقة للمخ والنخاع الشوكي، ومسبب المرض ميكروب اسمه (المكور الثنائي السحائي). ويوجد هذا الميكروب في البلعوم الأنفي للأصحاء بنسبة تختلف من (5-15%)، وتزيد هذه النسبة عند حدوث وباء إلى (60-80%). والمرض موجود في كل بلاد العالم، والحالات موجودة على مدار السنة، ولكن على هيئة حالات فردية.
طريقة العدوى:
تنتقل العدوى من شخص حامل للمرض؛ أي عن طريق الرذاذ من أنف أو إفرازات حلق حامل الميكروب الذي لا تظهر عليه أية أعراض إكلينيكية إلى شخص آخر سليم، ويصل الميكروب من البلعوم الأنفي إلى الدم ومنه إلى السحايا فيحدث بها التهاب حاد وتقيحي.. وعن طريق الدم أيضًا قد تصل ميكروبات المرض إلى أعضاء أخرى من الجسم، مثل: الجلد، والمفاصل، والغدة النخامية، والغدة الموجودة فوق الكلى، أو قد تهاجم غشاء القلب أو المخ نفسه محدثة مضاعفات المرض المختلفة، هذا ولا تحدث العدوى عادةً من مريض إلى آخر (مريض).
معدل الإصابة:
المعدل العادي لإصابات الحمى الشوكية هو 3-5 حالات لكل مائة ألف من السكان، فإذا ظهرت عشرون حالة حمى شوكية لكل مائة ألف من السكان في أسبوع اعتبر المرض وباء. يزيد معدل الإصابة في التجمعات وأماكن الزحام مثل موسم الحج، وتأخذ الزيادة في معدلات الإصابة بالحمى الشوكية شكل موجات كل خمس سنوات، وبالنسبة لمعدلات سن الإصابة نجد أن 50% من الحالات تصيب الأطفال تحت سن خمس سنوات، وبعد سن 25 سنة تقل نسبة الإصابة، ويندر أن يصاب بها الأشخاص فوق سن الخمسين.
مدة الحضانة للمرض: تتراوح بين ثلاثة وخمسة أيام.
أعراض المرض الرئيسية: ارتفاع شديد في درجة الحرارة مع حدوث قشعريرة، وغالبًا ما يكون هناك تشنجات خاصة في الأطفال، وقيء متكرر غير مصحوب بغثيان.
- أهمية تشخيصية لمسبب المرض:
صداع شديد خصوصًا في الجهة الخلفية للرأس، لا يستجيب لأي مسكن، وغالبا يعصب المريض رأسه بمنديل للحد من شدة الصداع، وقد يكون هناك رشح من الأنف.
تحذير: عند وجود ثلاثي أعراض ارتفاع درجة الحرارة، والقيء، والصداع، فإنه يجب عرض المريض فورًا على أقرب مستشفى .
عدم القدرة على مواجهة الضوء، وحدوث زغللة بالعينين، وألم خلف الرقبة وبالأطراف ثم يعقب ذلك خطرفة شديدة… وبعد مدة قد تكون دقائق أو ساعات أو أيامًا قليلة جدًا، نجد أن الأعراض تزداد حدة، وتستمر درجة الحرارة مرتفعة جدًا، وتتصلب عضلات الرقبة والظهر والأطراف وقد يحدث انثناء الرأس للخلف وتقوس الظهر، وقد يدخل المريض في حالة غيبوبة، إذا لم يبادر في الإسراع بالعرض على الطبيب المختص للتشخيص والبدء الفوري للعلاج.
علامات المرض الرئيسية:
- عدم قدرة المريض وضع ذقنه على صدره، ويحدث ألم شديد عند محاولة ذلك.
- عند ثني إحدى الساقين على البطن بزاوية قائمة، وعند محاولة فرد الساق يحدث ألم شديد.
- عند ثني إحدى الساقين على البطن يحدث ثني الساحة الأخرى، وعند ثني الرأس على الصدر يحدث ثني لكلتا الساقين.
- وجود أربعة أنواع من الطفح الجلدي:
أ- البقع الحمراء المرتفعة عن الجلد.
ب- طفح نزفي.
جـ- طفح مدمم نزفي قد يعم معظم الجسم يشبه انسكاب زجاجة حبر أحمر على الجسم.
د- هربس في زوايا الفم.
2- حدوث غيبوبة- قد يحدث للمريض هبوط حاد في الدورة الدموية.
تحذير عند حدوث ثلاث علامات مجتمعة: ارتفاع درجة الحرارة - الغيبوبة - والطفح الجلدي في شخص كان طبيعيًا تمامًا منذ ساعات أو أيام، يستدعي عرضه فورًا على أقرب مستشفى.
كيفية التنبؤ بالحالة:
- بمجرد الشعور بأعراض المرض الأولى يجب عرض المريض على الطبيب المختص لتأكيد التشخيص.
- لا يصح أبدًا بدء أي علاج نوعي بدون استشارة الطبيب.
- يعتمد التنبؤ بالحالة على العلاج الناجح الكافي وبالجرعة المقررة، كما يعتمد على سرعة التشخيص وعدم الإهمال أو التراخي في العرض على الطبيب.
- عمر المريض أو سنه هنا له أهميته.. فالحالات الشديدة تكون في الأطفال الصغار.. وفي المسنين فوق سن الستين.
علاج وتمريض مريض الحمى الشوكية:
- يتم علاج المريض بمستشفى الحميات.. وعند الاشتباه في وجود المرض تؤخذ عينة فور وصول المريض النخاعي (بذل) بمعرفة الطبيب الإخصائي.. هذا السائل يكون رائعًا مثل الماء في الأحوال الطبيعية، أما في حالة الحمى الشوكية فيكون معكر اللون وتحت ضغط مرتفع.. وتؤخذ عينة السائل النخاعي في أنبوبة اختبار معقمة.. ومع احتياطات تعقيم كاملة، ثم ترسل فورًا للمعمل لعمل التحاليل الكميائية والبكتريولوجية اللازمة؛ لتحديد نوعية المرض، ونوع الميكروب، والمسبب للالتهاب السحائي.
يتخوف بعض أهل المرضى ويعتقدون خطأ أن بذل نخاع المريض عملية خطيرة، والحقيقة أن إجراء بذل النخاع ليس له آية أثار جانبية، ولا يحدث أي ألم أو مشقة للمريض؛ حيث إن له نوعين من الأهمية:
- أهمية تشخيصية لمعرفة مسبب المرض.
- أهمية علاجية حيث إنه يقلل الضغط على المخ والنخاع الشوكي مؤديًا لإزالة الصداع والقيء والتشنجات.
يتم عزل المريض في عنابر خاصة لهذا المرض.. والعزل مهم جدًا لكي نبعد خطورة العدوى عن المخالطين، وحتى يكون المريض تحت رعاية مركزة.
تراعى في حجرة المريض الإضاءة الخافتة والتهوية الجيدة، والتطهير اليومي.
تقليب المريض في الفراش مع دعك الجسم بالكحول والبودرة تجنبًا لحدوث قرح الفراش.
قد يحتاج المريض في أول الأمر وفي حالة الغيبوبة أن يتغذى عن طريق أنبوبة تصل للمعدة عن طريق الأنف، مع إعطاء المحاليل اللازمة عن طريق الحقن في الوريد.
قد يحتاج المريض إلى إعطائه المهدئات اللازمة إذا كانت هناك تشنجات.
الزيارة ممنوعة لراحة المريض ولمنع العدوى.
العلاج النوعي أمره متروك للطبيب يقرره حسب حالة كل مريض.
نسبة الشفاء من المرض:
مع التشخيص المبكر والعلاج الفوري الناجح تصل نسبة الشفاء إلى 90% في حالات الحمى الشوكية، لكن من الممكن أن يصاب المريض بنكسة فيعاوده المرض مرة أخرى بعد مضي سنة أو أكثر، وتصل نسبة الوفاة إلى حوالي 10% في حالة التشخيص المتأخر.
مضاعفات الحمى الشوكية:
تحدث هذه المضاعفات نتيجة لامتداد الالتهاب من الأغشية السحائية للأنسجة المجاورة، وقد يحدث الاستسقاء السحائي، وخصوصًا في الأطفال مؤديًا لتضخم الرأس، أو يمتد إلى القلب فيحدث التهاب بعضلات القلب وغشاء التامور.. عن طريق الدم قد يصل ميكروب المرض لمفصل الركبة أو الكوع؛ فيَحدث التهاب صديدي بالمفاصل، أو قد تتأثر بعض الأعصاب المخية فيحدث شلل بأعصاب العين والوجه، أو يحدث شلل نصفي في أحد أطراف اليدين أو الرجلين.. ومع وجود المضادات الحيوية المناسبة أصبحت هذه المضاعفات نادرة الحدوث، والحمد لله رب العالمين.
ما هي الإجراءات المتبعة مع المخالطين لمريض الحمى الشوكية؟
المخالط هو الشخص الموجود مع المريض في مربع الاتصال (الموجود مع المريض في نفس المكان)، وإذا ظهرت حالة حمى شوكية في منزل أو تجمع ما؛ فبعد أن يعزل المريض بالمستشفى لا بد من مراقبة المخالطين طبيًا حتى لا يكون من بينهم من يحتضن ميكروب المرض؛ فيصبح حاملا للعدوى.
الحماية والوقاية للمخالطين بإعطائهم المركبات الكيميائية أو المضادات الحيوية هي أكثر الوسائل فاعلية فور اكتشاف إحدى حالات الحمى الشوكية، فيعطى المخالط عقار الريفامبسين Rifampicin بجرعة (10 ميللجرامات لكل كيلو جرام من وزن الجسم)، مقسمة إلى (2-4 مرات يوميًا) لمدة يومين فقط، أو عقار المينوسيكلين Minocy clin، والجرعة 100 ميللجرام مرتين يوميًا لمدة يومين للبالغين، أو عقار الإمبيسللين Ampicill للأطفال.
طرق الوقاية من المرض:
- التهوية الجيدة في أماكن التجمعات.
- عدم استخدام المتعلقات الشخصية للأفراد الآخرين .
- أي شخص وبخاصة في أماكن التجمعات مثل موسم الحج يشكو من (ثلاثي): ارتفاع درجة الحرارة، قيء غير مصحوب بغثيان، وصداع شديد، (أو ثلالي): ارتفاع درجة، غيبوبة، وطفح جلدي في شخص كان طبيعيًا تمامًا منذ ساعات أو أيام- يجب عرضه على أقرب مستشفى حميات أو إخصائي حميات.
ما هو دور التطعيم في الوقاية؟
- وجد أن معظم المواطنين يكتسبون مناعة طبيعية ضد المرض بعد مرحلة الطفولة نتيجة لتعرضهم أو إصابتهم بالفعل ببعض فصائل الميكروب السحائي الثنائي غير الضارة، أو ببعض الميكروبات ذات التفاعل المتبادل مع ميكروبات السحائي الثنائي.
- وعلى ذلك يجب تطعيم أفراد التجمعات الكبيرة الأكثر تعرضًا للعدوى، مثل:
- المسافرين لأداء فريضتي الحج والعمرة.
- المجندين الجدد في القوات المسلحة والأمن المركزي.
- طلبة السنة الأولى المستجدين بالمدارس.
- نزلاء المساجين الجدد.
- الوافدين الجدد من الطلبة في المدن الجامعية .
- لا يعطي الطعم حماية مطلقة ضد الميكروب؛ حيث لا تزيد نسبة الحماية عن 70%.
- فاعلية الطعم 6-4 شهور فقط.
- إعادة التطعيم قبل عامين من التطعيم الأول قد يعرضهم للحساسية.
لماذا لا يعطى التطعيم لمخالطي المريض؟
لأن التطعيم لا يفيد في المخالط؛ لأنه إما أن يكون حاملا للميكروب، أو أصيب بالفعل بالمرض العدوى، وفترة حضانة المرض قصيرة لا تتعدى الأسبوع، بينما لا يعطي التطعيم تأثيره في منع العدوى قبل أسبوعين.
- يعطى الطعم الواقي من الحمى الشوكية ضد أنواع: أ، ج، A/c بجرعة ½ سم تحت الجلد مرة واحدة، ولا يحدث هذا الطعم أية آثار جانبية مثل السخونة أو الرعشة. والطعم معبأ في زجاجات تكفي كل منها خمسين شخصًا، ولا يجوز إعطاء الطعم قبل سن سنتين، وأنسب وقت للتطعيم في الخريف في شهر أكتوبر من كل عام أو قبل السفر إلى المشاعر المقدسة.