سعدت كثيرا بالتعرف على هذا المنتدى، وبجدية ما يحتوية، خاصة أني من المهتمات في تخصص الفيزياء
أعرفكم على نفسي: طالبة في قسم الفيزياء وطالبة أيضا في قسم اللغة العربية، أحب كلا التخصصين وأتمنى أن أبدع في كليهما معا بطريقة مختلفة
أحب الكتابة الأدبية، ولذلك جعلت أولى مشاركاتي قصة كتبتها بعنوان : تجربة غريبة، دمجت فيها روح الفيزياء، أرجو أن تستمتعوا في قراءتها ، والمهم أن لا تجربوها أبدا.. فقط اقرؤها
'>
****
عنوان القصة: تجربة غريبة
انقطعت أنفاسه وهو يصعد ذلك الدرج، وما إن دخل إلى البيت حتى ألقى بجسده المنهك في أول مقعد وثير قابله.
مازجه الحقد والضيم على ذلك الطبيب الذي أمره بالإكثار من المشي، والتخفيف من الطعام، وتغيير كل عاداته السيئة؛ حتى يستطيع التخلص من بضعة كيلو جرامات. وكانت أولى تلك العادات هي أن يحاول استبدال المصعد بتسلق الجبال.. أعني استخدام الدرج، وحيث إنه يقطن في الطابق الرابع، فإن ذلك سيساعده كثيراً، ويكسبه خفة رياضية مدهشة.. هذا ما قاله الطبيب، وإن كان الأمر لم يعد يروق له بعد أول محاولة.
في صباح أحد الأيام، أخذ نفساً عميقاً قبل أن يقف على الميزان؛ ليرى كيف أصبحت النتيجة.. لا بأس، ولكن ما زال هناك عدد من الخطوط يود تجاوزها. حسناً، ربما أصابه بعض اليأس، وربما تعجّل قليلاً.
أخذ يفكر، وهو يعد فنجان القهوة، في طريقة أسرع للوصول إلى هدفه.. راح يتصور نفسه كالبالونة المنفوخة، من السهل حينها أن يخرج بعض ما فيها ليصير كما يتمنى.. هذا إن كان بالونة.. داعبت خيالاته رائحة القهوة المحترقة، بعد أن أخرجت القليل ممّا كان فيها؛ لتعيده إلى أرض الواقع ثانية..
في أثناء تفكيره الطويل بحلول- غير مناسبة- تذكر جاره في المبنى المقابل؛ مُعلم العلوم، الذي يهوى النظريات الفيزيائية جداً.. قام وأعد نفسه لزيارة قصيرة له.
انتظر طويلاً بعد أن دَقّ الجرس.. في النهاية فُتح له.. شعر أن مستقبِله رجل يراه ولا يراه.. في الحقيقة كان جاره هو من فتح له الباب، أخرجه من ذلك السرحان بعدما ابتسم في وجهه، وحياه تحية طيبة، وحينها لم يتمالك جاره الطيب إلاّ أن يدخله بيته..
- حسناً يا جاري، لقد مضى وقت طويل ولم أرك..
- حقًّا، ما أسرع الأيام! طلاّبي بالأمس أصبحوا رفقائي في المهنة.. ما خبرك أنت؟!
- تذكرتك اليوم، عندما احترقت قهوتي..
- قهوتك؟!
- نعم، لقد كنت أفكر في طريقة سريعة تنقذني من كتلتي..
- يا له من أمر، تقصد في طريقة تتخلص فيها من جاذبية الأرض لك..
- هو تقريبًا ما تقول، حينها تذكرتك..
- لا أملك دواءً للتخسيس..
- لم أقصد ذلك، ولكن لك أفكار غريبة، تروق لي أحياناً، أكثر من الطبيب..
- أي طبيب؟!
- لقد طلب مني أن أحاول الاستغناء عن المصعد، وطلوع الدرج..
- أحقاً طلب ذلك.. حسناً، ما رأيك في طريقةٍ توهمك بالتخلص من بعض الكيلوجرامات، وباستخدام المصعد؟ توهمني! ماذا تقصد؟
- أي أنك لا تفقدها حقيقة، وإنما فقط لبضع ثوان..
- لا بأس، أحب أن أجربها، ما دمتُ سوف أستخدم المصعد..
- حسناً، خذ معك ميزانًا إلى المصعد، وسأمليك ما تفعله في هذه الورقة..
بدت عليه الغبطة، وهو يقوم بتجربة غريبة لإنقاص الوزن. وبعد أن تأكد أن المصعد خالٍ، دخله وهو متأبط ذلك الميزان.. وضعه على الأرض، وجعل المصعد يرتفع إلى أعلى طابق في المبنى، ثم أخذ يقرأ ما كتب على الورقة..
"ضع رجليك فوق الميزان، وسجل قراءته في الورقة، تلك هي القراءة الحقيقية، وما ستقوم به الآن هو تغيير تلك القراءة إلى ما تحب. اجعل الآن المصعد في هبوط للأسفل..".
ضغط على الزر، وأكمل القراءة.. " سوف تلاحظ عدد الكيلو جرامات التي فقدتها بهذه الطريقة..".
نظر إلى الميزان.. يا للمفاجأة! حقاً كما قال: "وسبب ذلك أنك تسير مع تسارع الكرة الأرضية..".
كاد لا يصدق عينيه. كم كانت فرحته عظيمة بذلك. أراد أن يعاود الكَرّة، فأخذ يعيد المصعد إلى أعلى..
"إذا فكرت في الصعود وأنت واقف على الميزان، فسوف تلاحظ أنك الآن تُزيد من عدد كيلو جراماتك؛ لأنك تسير بعكس اتجاه تسارع الكرة الأرضية..".
صوب نظره إلى الميزان، وإذا هو فعلاً كما قال.. أزعجه ذلك؛ فإن فرحته بالأولى لم تكتمل بعد..
كان مبهوراً طوال الوقت بالنتائج، وهو ما بين صعود وهبوط، وهبوط وصعود. وفي آخر هبوط له، لاحظ أن الميزان يسجل قراءة عجيبة؛ إنه يتناقص بشكل جنوني. كم هو سعيد بهذا، ولكن لماذا..؟ تساءل، وأخذ يقرأ..
"إذا لاحظت وأنت تعيد التجربة كثيراً أن الميزان قد أصابه نوع من الاختلال، وهو يتناقص بسرعة، فهذا معناه أن المصعد قد تعطل، وهو في حالة هبوط اضطراري، وسبب ذلك أنك…".
*****
تمت