Advanced Search

المحرر موضوع: موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء  (زيارة 5050 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

أغسطس 07, 2007, 04:45:03 مساءاً
زيارة 5050 مرات

فلكينو

  • عضو خبير

  • *****

  • 1997
    مشاركة

  • مشرف قسم الفلك

    • مشاهدة الملف الشخصي
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« في: أغسطس 07, 2007, 04:45:03 مساءاً »


رحلات الفضاء:

بدأت رحلات الفضاء استجابة للفضول البشري لسبر أغوار الأرض والقمر والكواكب والشمس وغيرها من النجوم والمجرات. تجوب المركبات المأهولة وغير المأهولة خارج حدود الأرض، لجمع المعلومات القيمة عن الكون. فقد زار الإنسان القمر، وعاش في المحطات الفضائية لفترات طويلة. وهكذا ساعدنا استكشاف الفضاء في معرفة كنه العلاقة الحقيقية بين الأرض وبقية الكون. ويجيب استكشاف الفضاء عن كيفية تكون الشمس والكواكب والنجوم، وما إذا كانت هناك حياة في مكان آخر من الكون.

بدأ عصر الفضاء في اليوم الرابع من أكتوبر من عام 1957م. ففي ذلك اليوم أطلق الاتحاد السوفييتي أول قمر صناعي (سبوتنيك 1) ليدور حول الأرض. وكانت أول رحلة طيران فضائية مأهولة يوم 12 أبريل عام 1961م، حين دار رائد الفضاء السوفييتي يوري جاجارين حول الأرض في السفينة الفضائية فوستوك 1 في رحلة استغرقت 108 دقائق.

زادت المركبات غير المأهولة، التي تسمى المجسات الفضائية، من معرفتنا بالفضاء الخارجي والكواكب والنجوم. ففي عام 1959م، مر مجس فضائي بالقرب من القمر، وارتطم آخر به. وفي عام 1962م، حلق مجس أمريكي بالقرب من كوكب الزهرة. وفي عامي 1974 و1976م، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مجسين فضائيين ألمانيين إلى مدار كوكب عطارد القريب من الشمس. وفي عام 1976م، هبط مجسان أمريكيان على سطح كوكب المريخ. وقد عملت هذه المجسات على دراسة كل الكواكب عدا كوكب بلوتو، كما أنها استكشفت المذنبات والكويكبات.

بدأت أول رحلة مأهولة للقمر في 21 ديسمبر 1968م، عندما أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية المركبة الفضائية أبولو8، والتي دارت حول القمر ثماني مرات ثم عادت سالمة إلى الأرض. وفي 20 يوليو 1969م، هبط رائدا الفضاء الأمريكيان نيل أرمسترونج وإدوين ألدرين الابن بمركبتهما أبولو 11 على سطح القمر. وأصبح أرمسترونج أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر. وبعد ذلك قام رواد الفضاء الأمريكيون بخمس عمليات هبوط على سطح القمر قبل استكمال برنامج أبولو القمري عام 1972م.

وخلال سبعينيات القرن العشرين، طوّر رواد الفضاء مهارات مختلفة للعيش في الفضاء، على متن محطتي الفضاء سكايلاب وساليوت. وفي عامي 1987 و1988م، دار رائدا فضاء سوفييتيان لمدة 366 يومًا متتابعة على متن مركبة في الفضاء. وفي الثاني عشر من أبريل 1981م، انفجر مكوك الفضاء الأمريكي كولومبيا، وكان هذا المكوك أول مركبة فضائية قابلة لإعادة الاستخدام، وأول مركبة فضائية تستطيع الهبوط في المطارات العادية. وشهد يوم 28 يناير 1986م، مأساة مروعة، إذ انفجر مكوك الفضاء تشالنجر، وقتل جميع أعضاء طاقمه السبعة. وقد أعيد تصميم المكوك مرة أخرى، واستأنف رحلاته عام 1988م.

وفي السنوات الأولى من عصر الفضاء أضحى النجاح في ميدان الفضاء مقياسًا لتفوق الأمم وريادتها في العلوم والهندسة والدفاع الوطني، مما أدخل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق في تنافس محموم عرف بالحرب الباردة. ونتيجة لذلك، تنافست الدولتان لتطوير برامجهما المتعلقة بالفضاء. وقاد "سباق الفضاء" في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، الدولتين إلى إنجازات استكشافية هائلة. وبنهاية السبعينيات، قل إيقاع هذا السباق عندما عملت الدولتان على تحقيق أهداف مستقلة في الفضاء. وتتميز البرامج الفضائية اليوم بخطواتها الثابتة والراسخة في ظل التعاون الدولي.

وقدصاحب تطور البرامج الفضائية خلاف حاد حول التوازن الأمثل بين الاستكشاف بوساطة مركبات مأهولة أو مجسات غير مأهولة، حيث يفضل بعض الخبراء المجسات غير المأهولة لأنها أرخص وأكثر أمانًا، كما أنها أسرع من المركبات المأهولة. فالمجسات، في رأيهم، تستطيع القيام برحلات خطيرة قد لايطيقها البشر. ولكن، من جهة أخرى، لاتستطيع المجسات التفاعل مع الأحداث غير المتوقعة. أما اليوم، فإن مخططي البرامج الفضائية يفضلون اتباع استراتيجية متوازنة تجمع بين المجسات غير المأهولة والمركبات المأهولة. فالمجسات تستطيع الوصول إلى الأماكن المجهولة في الفضاء، أو الأماكن المعروفة التي تقع المعلومات المطلوب جمعها عنها في حدود ما هو متوقع. ولكن، في بعض الحالات، لابد أن يتبع الناس المجسات وأن يستخدموا براءة الكائن البشري ومرونته وشجاعته في استكشاف أسرار الكون.

تواريخ مهمة في استكشاف الفضاء:

1926 العالم الأمريكي روبرت هتشينجز جودارد يطلق أول صاروخ في العالم يستخدم داسرًا سائلاً.  
1957/4 أكتوبر الاتحاد السوفييتي يطلق سبوتنيك 1، أول قمر صناعي.  
1958  إنشاء الإدارة الوطنية للطيران والفضاء (ناسا).  
1959/12 سبتمبر الاتحاد السوفييتي يطلق لونا 2، أول مجس فضائي يصطدم بالقمر.  
1961/12 أبريل يوري جاجارين، رائد الفضاء السوفييتي، يصبح أول إنسان يدور حول الأرض.  
1961/5 مايو ألن بارتلت شبرد الأصغر، يصبح أول رائد فضاء أمريكي يغزو الفضاء.  
1962/20 فبراير جون هيرتشل جلين الأصغر، يصبح أول رائد فضاء أمريكي يدور حول الأرض.  
1963/16 يونيو فالنتينا تيرشكوفا، رائدة الفضاء السوفييتية، تصبح أول امرأة تطير في الفضاء.  
1964/12 أكتوبر الاتحاد السوفييتي يطلق فوسخود 1، أول كبسولة فضائية تحمل أكثر من رائد فضاء واحد (3 رواد).  
1968/21 ديسمبر الولايات المتحدة الأمريكية تطلق لونا 8، أول مركبة فضائية مأهولة تدور حول القمر.  
1969/20 يوليو رائدا الفضاء الأمريكيان نيل أرمسترونج وإدوين ألدرين الابن يصبحان أول كائنين بشريين يهبطان على سطح القمر.  
1970/17 أغسطس الاتحاد السوفييتي يطلق فينيرا 7، أول مجس يبث معلومات من سطح كوكب الزهرة بعد أن هبط عليه في 15 ديسمبر.  
1971/7 يونيو رواد الفضاء السوفييت يستخدمون ساليوت 1 بوصفها أول محطة فضائية مأهولة تدور حول الأرض.  
1975/8 يونيو الاتحاد السوفييتي يطلق المجس فينيرا 9 ليصبح أول مركبة فضائية تلتقط صورًا لكوكب الزهرة.  
1975/15 يوليو الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية يطلقان مشروع اختبار أبولو- سويوز بوصفهما أول بعثة فضائية مشتركة.  
1975/20 أغسطس الولايات المتحدة الأمريكية تطلق المجسين فايكنج1 (20 أغسطس، وفايكنج 2 (9 سبتمبر) لكوكب المريخ. هبط المجسان على المريخ عام 1976م وأرسلا صورًا ومعلومات عنه.  
1977/20 أغسطس الولايات المتحدة تطلق المجس فويجر 2 الذي طار إلى ما بعد كوكب المشتري عام 1979م، ثم اقترب من كوكب زحل عام 1981م، ثم كوكب أورانوس عام 1986م، وأخيرًا كوكب نبتون عام 1989م، وأرسل صورًا إلى الأرض.  
1985/2 يوليو وكالة الفضاء الأوروبية تطلق المجس جيوتو، الذي اجتاز المذنب هالي في 14 مارس 1986م، وصور نواة المذنب وأرسل معلومات عنه إلى الأرض.  
1986/28 يناير انفجار مكوك الفضاء الأمريكي تشالنجر بعد فترة قصيرة من إطلاقه،ومصرع جميع أفراد طاقمه السبعة.  
1989/18 أكتوبر الولايات المتحدة تطلق المجس جاليليو الذي وصل كوكب المشتري عام 1995م. تميز جاليليو بتقنيته العالية.  
1990/10 أغسطس دار مجس الفضاء الأمريكي ماجلان حول كوكب الزهرة وأرسل للأرض خرائط رادارية لسطح الزهرة.  
1995/22 مارس أكمل رائد الفضاء الروسي فالري بولياكوف 438 يومًا في الفضاء على متن المحطة الفضائية مير.  
1997/6 يوليو العربة الآلية سوجيورنر تهبط من سلم إنزال على المركبة الفضائية باثـفايندر للتحرك على سطح المريخ بهدف القيام بعمليات مسح للكوكب الأحمر.  
1997/15 أكتوبر الولايات المتحدة تطلق المجس كاسيني الذي من المتوقع أن يصل كوكب زحل عام 2004م.  

ما الفضاء:

الفضاء هو الفراغ القريب الذي تتحرك فيه جميع الأجسام الموجودة في الكون. فالكواكب، والنجوم وحتى المجرات التي تتكون من بلايين النجوم، نقاط صغيرة مقارنة بالاتساع الهائل للفضاء.


بداية الفضاء. يحيط الهواء بالأرض ويكون غلافها الجوي. وكلما بعدت المسافة عن الأرض يصبح الهواء أكثر رقة. ورغم عدم وجود حدود واضحة بين الغلاف الجوي والأرض، فإن أغلب الخبراء يعتقدون أن الفضاء يبدأ من ارتفاع 95كم من سطح الأرض. والفضاء الخارجي الذي يعلو الغلاف الجوي مباشرة ليس فارغًا تمامًا، ولكنه يحتوي على جسيمات هوائية وغبار فضائي وقطع معدنية وحجرية غير منتظمة الأشكال تسمى النيازك. كما تنتقل خلاله أنواع كثيرة من الإشعاعات. وقد أطلقت آلاف المركبات الفضائية التي تسمى الأقمار الصناعية لهذه المنطقة من الفضاء.

يمتد المجال المغنطيسي للأرض، أي الفراغ حول الكوكب الذي يلاحظ فيه وجود مغنطيسيته، إلى خارج الغلاف الجوي. ويأسر المجال المغنطيسي جسيمات مشحونة كهربائيًا من الفضاء الخارجي ليشكل نطاقين من الأشعة يعرفان باسم حزمتي فان ألن. وتسمى المنطقة الفضائية التي يتحكم فيها الغلاف المغنطيسي للأرض بحركة الجسيمات المشحونة الغلاف المغنطيسي. وتأخذ هذه المنطقة شكل قطرة الدمعة، حيث تبتعد النقطة المدببة عن الشمس. ويتلاشى المجال المغنطيسي للأرض وراء هذه المنطقة ليطغى المجال المغنطيسي للشمس. ولكن، رغم هذا، فإن جاذبية الأرض تكون فاعلة في هذه الأعماق السحيقة أيضًا. فحتى مسافة 1,6 مليون كم تبقي الجاذبية الأقمار الصناعية دائرة حول الأرض، بدلاً أن تهيم في الفضاء.

مصطلحات في استكشاف الفضاء:
 
إدارة البعثة الفضائية: وسائل في الأرض تشرف على الرحلة الفضائية.  
الاستخلاص من المدار: استعادة صواريخ بوساطة سفينة فضائية مدارية ووضعها في الغلاف الجوي لكوكب ما.  
الأكسجين السائل: يحتوي على الأكسجين بعد تبريده في درجة الحرارة -183°م ليتحول إلى سائل. يستخدم الأكسجين السائل في عمليات حرق وقود الصاروخ.  
الجاذبية الصغرية: حالة تحدث أثناء القيام برحلة مدارية، يسبح فيها الطاقم وكل الأشياء داخل السفينة الفضائية بتلقائية، دون الشعور بالوزن الذي تحدثه الجاذبية في العادة.  
جو الأرض والفضاء: يتضمن الغلاف الجوي ومناطق الفضاء التي تليه.  
الحمل الصافي: كل ما تحمله سفينة فضائية من طاقم وأجهزة وغيرهما.  
الداسر: أو الوقود الدافع، مادة يحرقها الصاروخ ليولد قوة دافعة. ويحتوي الداسر على وقود ومؤكسدات.  
الدرع الحراري: غطاء على المركبة الفضائية يحميها من الحرارة العالية أثناء عملية الولوج في الغلاف الجوي. يصنع الدرع من أنواع مختلفة من العوازل.  
رائد الفضاء: ربان مركبة فضائية. السرعة الاتجاهية المدارية: السرعة الدنيا المطلوبة للمحافظة على الدوران حول الأرض أو أي جسم آخر.  
سرعة الانفلات الاتجاهية: السرعة الدنيا التي ينبغي أن تصلها المركبة الفضائية للتغلب على قوة الجاذبية.  
صاروخ السبر: صاروخ يحمل أجهزة علمية لطبقة الغلاف الجوي العليا، أو الفضاء القريب من الأرض.  
القمر الصناعي: جسم صناعي يدور حول الأرض أو حول أي شيء آخر في الفضاء.  
القوة الدافعة: الدفع الذي يتلقاه الصاروخ بوساطة طرد الغازات الناتجة عن احتراق الوقود.  
القياس عن بعد: استخدام الإشارات الراديوية لاستقبال معلومات عن سفينة فضائية تقوم برحلة.  
المؤكسـد: مادة في الوقود الدافع (الداسر) للصاروخ تنتج الأكسجين اللازم لحرق الوقود.  
المجس الفضائي: مركبة فضائية غير مأهـولة ترسل لاستكشاف الكواكب والأجسام السماوية الأخرى والفضاء بين الكوكبي.  
المحطة الفضائية: مركبة فضائية مدارية صممت ليعيش فيها رواد الفضاء فترة طويلة.  
المدار: مسار مركبة فضائية أو جسم سماوي أثناء دورانه حول كوكب أو أي جسم آخر.  
المرحلة: جزء من الصاروخ له محركه الخاص.  
المركبة الفضائية: مركبة صممت لاستخدامها في الرحلات الفضائية.  
المركبة القمرية: جزء من المركبة الفضائية يمكن فصمها عن باقي الأجزاء وفصلها.  
المركز الفضائي: مقر على الأرض تتم فيه كل النشاطات المتعلقة بالرحلات الفضائية من إطلاق وتتبع وغيرهما.  
المعزز: صاروخ يزود المركبة الفضائية بمعظم الطاقة اللازمة لإطلاقها، أو كلها.  
مكوك الفضاء: مركبة فضائية يمكن استخدامها مرارًا، تقلع كالصاروخ وتهبط كالطائرة.  
الملاحة الفضائية: دراسة الفضاء والقيام بالرحلات الفضائية.  
اللقاء: مناورة فضائية يتم فيها التقاء مركبتين فضائيتين أو أكثر.  
نافذة الإطلاق: الفترة الزمنية التي ينبغي إطلاق المركبة الفضائية خلالها لتحقق رحلة ناجحة.  
النشاط خارج المركبة: النشاطات التي تجري خارج المركبة في الفضاء الخارجي.  
الولوج: مرحلة من رحلة فضائية تتحرك خلالها المركبة في الغلاف الجوي لكوكب ما قبل الهبوط عليه.

الفضاء بين الكواكب: يطلق على هذا الفضاء أيضًا اسم الفضاء بين الكوكبي. وفي هذه المنطقة تتحكم الجاذبية الشمسية في حركة الكواكب. وتفصل مسافات شاسعة بين الأجسام التي تتحرك في الفضاء بين الكوكبي. فالأرض، على سبيل المثال،تدور حول الشمس على بعد 150 مليون كم منها، بينما تدور الزهرة على مسافة 110 مليـون كم عنهـــا. والزهــرة تقـترب كثيـــرًا من الأرض ـ 40مليون كم ـ كلما مرت مباشرة بين الشمس والأرض. ولكن هذه المسافة أبعد 100 مرة من المسافة بين الأرض والقمر.


الفضاء بين النجوم: يسمى أيضًا الفضاء بين النجمي. والمسافات في هذه المنطقة هائلة إلى درجة أن الفلكيين لا يقيسونها بالكيلومترات، بل بالسنوات الضوئية. فأقرب النجوم إلى الشمس، والذي يسمى القنطورس أو الظلمان، يبعد عن الشمس 4,3 سنة ضوئية. والسنة الضوئية تساوي 9,46 تريليون كم، وهي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة، بسرعة 299,792كم/ ثانية. وتتحرك بين النجوم غازات مختلفة وسحب رقيقة وغبار بارد ومذنبات تائهة وأجسام كثيرة لم تكتشف بعد.

الوصول إلى الفضاء والعودة منه:

ينطوي استكشاف الفضاء على تحديات فنية كبيرة، ولذا ينبغي أن تطلق المركبة الفضائية وفق سرعة اتجاهية معينة (سرعة ذات قيمة واتجاه). وإذا كانت مركبة الفضاء تحمل طاقمًا من الملاحين، فلابد لها أن تكون قادرة على إبطاء سرعتها كي تهبط بسلام.

تجهيز المركبة الفضائية:

تبنى المركبات الفضائية في مصانع خاصة تتمتع بأقصى درجات النظافة. فالقليل من التلوث يمكن أن يتسبب في إحداث خلل يؤدي بدوره إلى عطب في معدات المركبة. وتنقل المركبة بعد ذلك إلى موقع الإطلاق بشاحنة أو بارجة أو قاطرة أو طائرة، وهناك يجمِّع الطاقم المركبة ويختبرها للتأكد من كفاءة أدائها. وعندما تصبح المركبة جاهزة تمامًا للإطلاق ينقلها المختصون إلى منصة الإطلاق لتزويدها بالوقود.



التغلب على الجاذبية:

هو أكبر معضلة تواجه السفينة الفضائية. والجاذبية تعطي كل الأشياء التي على الأرض أوزانها، وتجعل الأجسام الحرة السقوط تتسارع إلى أسفل. وعلى سطح الأرض يساوي التسارع الناتج عن الجاذبية، والذي يسمى اختصارًا ج، حوالي10م/ الثانية/ الثانية.

ويساعد صاروخ قوي يطلق عليه اسم مركبة الإطلاق المركبة الفضائية على التغلب على الجاذبية. ولكل مركبة إطلاق جزءان أو أكثر، تسمى المراحل. ولابد أن تبذل المرحلة الأولى قوة دافعة تكفي لرفع المركبة الفضائية من على سطح الأرض. ولتقوم المركبة بهذه المهمة بفاعلية، فإن القوة الدافعة للمعزز يجب أن تفوق وزنه. وتزيد القوة الفائضة ـ وهي القوة الدافعة مطروحًا منها وزن المركبة ـ سرعة المركبة الفضائية وترتقي بها في السماء. ويولد المعزز القوة الدافعة بحرق الوقود ونفث غازات إلى خارج المركبة. أما محركات الصاروخ، فتعمل بوقود خاص يسمى الداسر. ويتكون الداسر من وقود سائل أو صلب ممزوج بمؤكسد. والمؤكسد مادة توفر الأكسجين اللازم لحرق الوقود في منطقة انعدام الهواء في الفضاء الخارجي. ويستعمل الأكسجين السائل مؤكسدًا بصفة عامة.


ويطلق على السرعة الدنيا المطلوبة للتغلب على الجاذبية والبقاء في الفضاء السرعة المدارية. وعند درجة تسارع مقدارها 3ج، أي ثلاثة أضعاف تسارع الجاذبية، تصل المركبة لسرعتها المدارية في تسع دقائق. وعند ارتفاع 190كم تساوي السرعة المطلوبة لتحافظ المركبة الفضائية على سرعتها المدارية، وبالتالي البقاء في المدار، حوالي 8كم/ الثانية.

وتسحب شاحنة أو جرار (تراكتور) الصاروخ وحمله الصافي لمنصة الإطلاق، حيث يتم وضعه فوق حفرة من اللهب. ويزود العاملون الصاروخ بالداسر بوساطة أنابيب خاصة.

وعند الإطلاق، تشتعل محركات مرحلة الصاروخ الأولى حتى تفوق قوتها الدافعة وزن الصاروخ. وتجعل القوة الدافعة الصاروخ يرتفع مبتعدًا عن منصة الإطلاق. وإذا كان الصاروخ من النوع الذي يتكون من عدة مراحل، فإن المرحلة الأولى تنفصل عنه بعد استخدام الداسر مباشرة. وتبدأ المرحلة الثانية في الاشتعال لعدة دقائق تنفصل بعدها عند نفاد الداسر. وفي بعض الحالات تبدأ مرحلة الصاروخ العليا الصغيرة في الاحتراق حتى تتحق السرعة المدارية


وتختلف طريقة إطلاق مكوك الفضاء قليلاً عن باقي المركبات الفضائية. فلمكوك الفضاء معززات صلبة الداسر، بالإضافة إلى محركات الصاروخ الرئيسية التي تحرق الداسر السائل. وتعطي المعززات والمحركات الرئيسية القوة الدافعة اللازمة لانطلاق الصاروخ من منصة الإطلاق. وبعد مرور دقيقتين أو أكثر، تنفصل المعززات من المكوك وتعود للأرض بوساطة مظلة. وتستمر المحركات الرئيسية في الاشتعال حتى يصل المكوك إلى سرعته المدارية. وتساعد محركات صغيرة أخرى المكوك على الوصول إلى سرعته المدارية.

وتعمل المركبة الفضائية على تشغيل صاروخ آخر، يساعدها في الارتقاء إلى ارتفاع أعلى. وعندما تصل المركبة الفضائية إلى سرعة تزيد عن 40% من السرعة المدارية، فإنها تكون قد حققت سرعة الانفلات، وهي السرعة اللازمة لتكون بمنأى عن الجاذبية الأرضية.


العودة إلى الأرض تصاحبها مشكلة تقليص سرعة المركبة الفضائية الهائلة. ولتحقيق ذلك تستخدم المركبة الفضائية المدارية صواريخ صغيرة تعيد توجيه مسار المركبة إلى طبقة الغلاف الجوي العلوي. وتسمى هذه العملية الاستخلاص من المدار. وتوجه المركبة الفضائية العائدة للأرض من القمر، أو من أي كوكب آخر، مسارها أيضًا، لتنزلق بخفة على طبقة الغلاف الجوي العلوي، وعندئذ تساعد مقاومة الهواء على إبطاء سرعة السفينة.

تؤثر السرعة الفائقة المصاحبة لعودة المركبة من الفضاء إلى الغلاف الجوي على عدم تدفق الهواء خارج مسار المركبة المندفعة بالسرعة الكافية. وبدلاً عن ذلك تتجمع جزيئات الهواء أمام المركبة وتنضغط بإحكام، ويرفع هذا الانضغاط درجة حرارة الهواء إلى أكثر من 5,500°م، أي أن الهواء يكون أسخن من سطح الشمس. وتحرق هذه الحرارة المتولدة المركبة الفضائية غير المجهزة تجهيزًا جيدًا في ثوان. ولحماية المركبة الفضائية من هذه الحرارة يغطى سطحها الخارجي بواق حراري يتكون من ألواح عازلة من ألياف المرو (الكوارتز). وتستخدم بعض المركبات أنظمة للتبريد. وكانت المركبات الأولى تستخدم دروع تخوية تمتص الحرارة وتخترق طبقة إثر أخرى وتتبخر.

ويعتقد كثير من الناس خطأ أن المركبة الفضائية تتعرض للحرارة العالية جراء احتكاكها بالهواء. وقد ثبت فنيًا أن هذا الاعتقاد ليس صحيحًا، لأن الهواء رقيق جدًا، وسرعته على سطح المركبة الفضائية ليس كافيًا لإحداث مثل هذا الاحتكاك الهائل.

تتراوح قوة إبطاء سرعة المجسات الفضائية غير المأهولة بين 60 و90ج، أي بين 60 و90 ضعف سرعة الجاذبية، في زمن يتراوح بين 10 و 20 ثانية. وتستخدم مكوكات الفضاء أجنحتها للانزلاق فوق الغلاف الجوي، وتمدد فترة تناقص سرعتها إلى أكثر من 15 دقيقة، وبالتالي فإن قوة إبطاء سرعتها تصل إلى 1,5ج.

وعندما تفقد المركبة الفضائية معظم سرعتها أكثر، فإنها تتهادى ساقطة خلال الهواء. وتعمل المظلات على تخفيف سرعتها أكثر. وفي بعض الأحيان يتم إشعال صاروخ صغير في الثواني الأخيرة ليخفف من الآثار الناتجة من عملية الهبوط. وتستخدم بعض المركبات والمكوكات الفضائية أجنحتها لتنحدر في المدرج وتهبط مثل الطائرات تمامًا. وكانت الكبسولات الفضائية الأمريكية الأولى تستخدم وسائد مائية تهبط بها في المحيط.

الأقمار الصناعية المهمة :

تاريخ الإطلاق  الاسم  المنجزات  
1958م 18 ديسمبر  بروجكت سكور بث  أول رسالة صوتية من الفضاء.  
1962م 10 يوليو  تلستار1  أول قمر صناعي ينقل برامج تلفازية بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.  
1963م 26 يوليو  سِنْكوم 2  أول قمر صناعي تزامني.  
1963م 06 أبريل  إرلي برْد  أول قمر اتصالات تجاري.  
1967م 11 يناير  إنتلسات 2ب  أول قمر صناعي من سلسلة أقمار صناعية في مدار مستقر: استخدم للتلفاز أو البيانات أو الصوت.  
1971م 26 يناير  إنتلسات 4أ  أول قمر اتصالات دوني عالي السعة.  
1972م 9 نوفمبر  أنك 1  أول قمر اتصالات كندي.  
1977م 14 ديسمبر  سي. اس  أول قمر اتصالات ياباني.  
1981م 21 فبراير  كومستار. د  قمر صناعي تزامني: جزء من منظومة اتصالات واسعة الانتشار.  
1982م 10 أبريل  إنسات - 1   أول قمر اتصالات هندي.  
1988م 15 يونيو  سات لايت/بان أمريكان   أول قمر اتصالات عن بعد دولي ذو ملكية خاصة.
الاقمار الصناعية لدراسة الطقس:

1959م 17 فبراير  فانغارد 2  أول قمر صناعي بيث معلومات جوية إلى الأرض.  
1960م 1 أبريل  تيروس 1  أخذ أول الصور الجوية المفصَّلة.  
1974م 17 مايو ا س ـ ام ـ اس ـ 1  أول قمر صناعي لدراسة الطقس يعمل على الدوام في مدار متزامن.  
1975م 16 اكتوبر  جوز ـ 1  أول قمر صناعي لدراسة الطقس له سرعة كافية للمحافظة على موضع مراقبة واحد فوق الأرض.  
1978م 16 يونيو  جوز ـ 3  مجهز بمعدات تمكِّن من تزويد الصور في الليل والنهار بأنماط طقس الأرض.  
1980م 9 سبتمبر  جوز ـ د  مصمَّم كي يتعقب العواصف.  
1984م 12 ديسمبر  ن و أ أ- ف  مرصد لدراسة الطقس مجهز بمعدات تساعد في البحث عن البعثات في كل مكان وإنقاذها.

أقمار صناعية ملاحية:
1960م 13 أبريل  ترانزيت 1ب  أول قمر صناعي ملاحي  
1961م 29 يونيو  ترانزيت 4أ  أول قمر صناعي يستخدم القدرة النووية.  
1961م 15 نوفمبر  ترانزيت 4ب  طريقة لاختبار استخدام الجاذبية الأرضية في إبقاء الأقمار الصناعية في الموضع الصحيح.  
1978م 21 فبراير  نافستار  أول قمر صناعي من منظومة صُمِّم كي يؤمِّن مواضع صلاحية على أساس مستمر.
 
أقمار صناعية علمية:

1958م 31 يناير  إكسبلور ر1  أول قمر صناعي أمريكي اكتشف إشعاع فان ألن في الفضاء.  
1962م 7 مارس  أوسو 1  أول مرصد شمسي في مدار المرصد الشمسي.  
1962م 26 أبريل  أيريل U.K. NO.1  أول قمر صناعي عالمي نقل معدات أمريكية وبريطانية.  
1963م 2 أبريل  إكسبلور ر17   أول قمر صناعي لدراسة جو الأرض.  
1967م 7 سبتمبر  بيوسات لايت 2  حمل خلايا حية، ونباتات، وحيوانات إلى الفضاء ثم عاد بها إلى الأرض.  
1968م 7 ديسمبر  أوسو2  أول مرصد فلكي مداري.  
1972م 23 يوليو  لاندسات ـ1  صور الأرض بأطوال مختلفة من الضوء ليزود بمعلومات عن المصادر الطبيعية في الأرض.  
1973م 10 يونيو  إكسبلور ر49  أجرى أبحاثًا في علم الفلك الراديوي على الجانب البعيد من القمر.  
1976م 4 مايو  لاجوز أ ول قمر صناعي ضخم للقياسات الجغرافية عالية الدقة.  
1977م 12 أغسطس  هيو 1  مرصد مداري استخدم لتحديد موضع أجسام في الفضاء الخارجي الذي يصدر الأشعة السينية  
1978م 24 أكتوبر  نمبص 7   جمع معطيات لدراسة جو الأرض والمحيطات.  
1978م 13 نوفمبر  هيو 2  بعث بصور فوتوغرافية لأشباه النجوم وأجسام أخرى تصدر الأشعة السينية.  
1979م 18 فبراير  ساجي  صُمِّم في الأساس لقياس الكربون الفلوري في الطبقة الجوية العليا.  
1979م 20 سبتمبر  هيو 2  قام برصد (مراقبة التقاط) وتحليل أشعة جاما والأشعة الكونية في أعماق الفضاء.  
1980م 14 فبراير  سولار ماكس  صُمِّم لدراسة الشواظ الشمسية والشروط المتوفرة في الشمس لإحداث مثل هذه الانفجارات.  
1983م 25 يناير  إيراس  جمع معلومات عن الأشعة تحت الحمراء الذي تطلقه الغيوم المغبرة والنجوم والمجرات.  
1984م 16 أغسطس  أمبتي  أنتج مذنَّبًا اصطناعيًا لجمع المعلومات عن الرياح الشمسية والمغنيتوسفير (الغلاف المشحون حول الأرض)  
1989م 17 نوفمب ر كوبي  صُمِّمَ ليرسم خريطة لإشعاع الخلفية الكوني ومن ثم يختبر النظريات حول تشكل الكون.



العيش فى الفضاء:

  عندما يدور الناس حول الأرض، أو يسافرون إلى القمر، فإنهم يعيشون في الفضاء إلى حين. وهناك يتعرضون إلى ظروف تختلف اختلافًا كبيرًا عن تلك الموجودة على الأرض. فلا هواء في الفضاء. وترتفع الحرارة وتهبط إلى درجات مفرطة، ويصدر عن الشمس إشعاع في غاية الخطورة. وتشكل بعض الجسيمات المادية التي تملأ الفضاء مصدر خطورة لمرتادي الفضاء. فعلى سبيل المثال، تهدد جسيمات الغبار التي تسمى النيازك الدقيقة المركبات الفضائية بسرعتها الهائلة المدمرة. كما أن أنقاض (مخلفات) البعثات الفضائية السابقة يمكنها أن تدمر المركبة الفضائية.

وعلى الأرض يمثل الغلاف الجوي واقيًا طبيعيًا للأرض ضد هذه المخاطر. أما في الفضاء فيحتاج رائد الفضاء والأجهزة التي تصحبه إلى أنواع أخرى من الحماية. ولابد لهم أيضًا من تحمل الآثار الجسمية الناتجة عن الرحلة الفضائية، والعمل على حماية أنفسهم من قوى التسارع الهائلة خلال عمليتي الإطلاق والهبوط. ولابد أيضًا من توفير الحاجات الأساسية لرائد الفضاء مثل التنفس والأكل والشرب والتخلص من فضلات الجسم والنوم وغيره

الحماية من اخطار الفضاء:

تمكن المهندسون العاملون مع الاختصاصيين في طب الفضاء من التغلب على معظم مخاطر العيش في الفضاء أو تقليلها إلى درجة كبيرة. فقد جعلوا للمركبة الفضائية بدنًا مزدوجًا، بحيث يتهشم الجسم الذي يرتطم بالبدن الخارجي، فلا يستطيع اختراق البدن الداخلي.

يحمى رواد الفضاء من الإشعاع بطرق شتى. فعلى سبيل المثال، يتم تركيب مرشحات (فلاتر) على نوافذ المركبة الفضائية، تحمي الرواد من خطر الأشعة فوق البنفسجية.

ويحمى رواد الفضاء أيضًا من الحرارة العالية والآثار الجسمية المصاحبة لعمليتي الإقلاع والهبوط، بتزويد المركبات الفضائية بواقيات حرارية تقاوم درجة الحرارة العالية، وتقوية بنائها بحيث تتحمل قوى التسارع الساحقة. ويكون جلوس الرواد بطريقة لا تجعل الدم يندفع بقوة من الرأس إلى أسفل الجسم مما يسبب حالات الدوخة والغشية (الإغماء).

وترتفع درجة الحرارة داخل المركبة بسبب الحرارة المنبعثة من النبائط الكهربائية وأجسام الطاقم. ولهذا يعمل نظام التحكم الحراري على تنظيم درجة الحرارة، حيث يضخ النظام بعض السوائل المسخنة بحرارة القمرة إلى ألواح مشعة، والتي تطلق الحرارة الزائدة في الفضاء. وتُدفع السوائل الباردة مرة أخرى إلى ملفات بالقمرة.



الجاذبية الصغرى:

 تتعرض المركبة الفضائية، وكل شيء داخلها، عند دخولها مدارًا ما إلى حالة تعرف باسم الجاذبية الصغرية، حيث تسقط المركبة ومحتوياتها بتلقائية منتجة حالة شبيهة بانعدام الوزن داخل المركبة. ولهذا السبب تعرف الجاذبية الصغرية بالجاذبية الصفرية أيضًا. ولكن، على أية حال، فإن من الخطأ فنيًا استخدام هذين المصطلحين. فالجاذبية في المدار لاتقل عن الجاذبية في الأرض إلا بدرجة ضئيلة. فالمركبة الفضائية ومحتوياتها تسقط باستمرار في اتجاه الأرض، ولكن سرعة المركبة الأمامية الهائلة أثناء هبوطها وعودتها للأرض تجعل سطح الأرض ينحني بعيدًا عنها. ويبدو أن السقوط المتواصل تجاه الأرض يجعل كل محتويات المركبة الفضائية بلا وزن، وهي الحالة التي يطلق عليها أحيانًا انعدام الوزن.

وتؤثر الجاذبية الصغرية على الرواد والمعدات معًا. فعلى سبيل المثال، لايتدفق الوقود من مستودعاته في الجاذبية الصغرية إلا بعد ضخه بغاز تحت ضغط عال. ولايرتفع الهواء الساخن في الجاذبية الصغرية ويتم تنشيط دورة الهواء بوساطة المراوح. وتنتشر جسيمات الغبار والماء في القمرة وتتجمع في مرشحات المراوح.

أما جسم الإنسان فيتأثر بالجاذبية الصغرية بطرق عديدة، حيث يعاني أكثر من نصف الرواد في أي بعثة فضائية من غثيان مستمر ربما صاحبه أحيانًا تقيؤ. ويعتقد بعض الخبراء أن "مرض الفضاء" هذا، والذي يسمى أيضًا متلازمة التكيف الفضائى، رد فعل طبيعي للجاذبية الصغرية. وتعالج هذه الحالة التي تستمر لبضعة أيام ببعض الأدوية.

وتؤثر الجاذبية الصغرية أيضًا على الجهاز الدهليزي، فتحدث خللاً في إحساسه بالاتجاهات المختلفة. ويتكون الجهاز الدهليزي من أعضاء التوازن في الأذن الداخلية. فبعد مضي عدة أيام في الفضاء، لايتعرف الجهاز الدهليزي على الإشارات الاتجاهية. وتستأنف أعضاء هذا الجهاز عملها عند عودة رائد الفضاء إلى الأرض.

يعاني جسم رائد الفضاء لأيام، وربما لأسابيع، من حالة تعرف باسم عدم التكيُّف. وفي هذه الحالة تضعف عضلات الجسم لقلة استخدامها، وينتاب القلب والأوعية الدموية الخمول. وتعالج هذه الحالة بالتدريبات البدنية الجادة مثل ركوب الدراجات الهوائية، واستخدام طواحين الدوس، وغيرهما من النشاطات البدنية.

وتعاني عظام رائد الفضاء بعد قضائه عدة شهور في الفضاء من زوال التمعدن. ويعتقد كثير من الأطباء أن زوال التمعدن يحدث لعدم الضغط على العظام في حالة انعدام الوزن. وقد أثبتت حالات الرواد الروس الذين قضوا مددًا طويلة في الفضاء أن التدريبات الجادة والحمية الخاصة يمكن أن يقللا من الإصابة بزوال التمعدن.

تأمين المتطلبات الأساسية في الفضاء:

تجهز مركبة الفضاء المأهولة بأنظمة المساعدة على الحياة والمصممة كي تؤمن متطلبات جسم رائد الفضاء. فهناك أنظمة محمولة مساعدة على الحياة يمكن حملها في علبة خلفية تمكن رائد الفضاء من العمل خارج مركبته.

التنفس. ينبغي أن تجهز مركبة الفضاء المأهولة بمصدر للأكسجين الذي يستعمله الطاقم في عملية التنفس. كما يجب أن تحتوي على وسائل التخلص من ثاني أكسيد الكربون الناتج من عملية الزفير. وتستخدم المركبات المأهولة مزيجًا من الأكسجين والنيتروجين يماثل نظيره الموجود على سطح الأرض، في مستوى سطح البحر. وتعمل المراوح على تدوير الهواء، بالقمرة وفوق حاويات مليئة بكريات مادة كيميائية تسمى هيدروكسيد الليثيوم، والتي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء. ويمكن أيضًا التخلص من ثاني أكسيد الكربون بإمراره على بعض المواد الكيميائية. وتساعد مرشحات الفحم النباتي على التحكم في الروائح.

الأكل والشرب. ينبغي أن يكون الطعام على المركبة الفضائية مغذيًا وسهل التجهيز وملائمًا للتخزين. فقد كان رواد الفضاء في البعثات الأولى يأكلون طعامًا مجمدًا جافًا تم تغليفه في أنابيب بلاستيكية، وأزيل منه الماء. وكان رائد الفضاء يشرع في تناول طعامه بعد مزجه بالماء.

أما اليوم، وبعد مضي سنوات على ارتياد الفضاء، فقد أصبح الطعام الذي يقدم للرواد أكثر شهية. فاليوم يستمتع الرواد بتناول الطعام الجاهز الذي لايقل جودة عن ذلك الذي يعد على الأرض. فقد توافرت في المركبات الفضائية معدات لتدفئة الطعام وتبريده، بل وتجميده.

ونظرًا لأهمية ماء الشرب لأية بعثة فضائية، فإن خلايا الوقود بالمكوكات الفضائية تنتج ماء نقيًا عند توليدها للكهرباء اللازمة للمركبة. ويعاد استخدام الماء في الرحلات التي تستغرق وقتًا طويلاً في عمليات الغسيل والنظافة. وتنقي أجهزة إزالة الرطوبة الهواء من الرطوبة الناتجة من عملية الزفير.

التخلص من فضلات الجسم. يمثل تراكم فضلات الجسم وطرحها مشكلة كبيرة في الفضاء، وبخاصة أثناء المرور بحالة الجاذبية الصغرية. ويستخدم رواد الفضاء نبيطة تشبه مقعد المرحاض. وتعمل القوة الماصة الناتجة من تدفق الهواء على تحريك الفضلات إلى مجمعها تحت المقعد. ويستخدم الرواد في المركبات الصغيرة أقماعًا عند التبول وأكياسًا بلاستيكية عند التخلص من الفضلات القوية. وعندما يعمل الرواد خارج المركبة الفضائية، فإنهم يرتدون معدات خاصة يتم التخلص من فضلاتهم فيها.



الاستحمام. تتم الطريقة البسيطة للاستحمام في المركبة الفضائية بوساطة قطعة أسفنج وفوط مبللة بالماء. واستخدم الرواد الأوائل غرف استحمام في شكل حجيرات بلاستيكية قابلة للطي، حيث كان الرواد ينثرون الماء على أجسادهم، ثم يفرغون الحجيرة من الماء، ويجففون أنفسهم بالفوط. أما المحطات الفضائية الحديثة فتشتمل على حجيرات استحمام ثابتة.

النوم. يستطيع رواد الفضاء النوم على أكياس نوم مزودة بأشرطة تربطهم بسطح ناعم ووسائد. ويفضل رواد الفضاء النوم سابحين في الهواء ومقيدين بأشرطة قليلة تحميهم من الارتطام بمعدات القمرة. ويضع رواد الفضاء عصابات على أعينهم تقيهم ضوء الشمس المتسلل من نوافذ المركبة أثناء دورانها. وينام الرواد في الفضاء نفس المدة التي ينامونها على الأرض.

الترويح. للترويح أهمية خاصة لصحة رواد الفضاء العقلية في الرحلات الطويلة. فالتحديق عبر نوافذ المركبة الفضائية يزجي وقتًا طيبًا للرواد. وتزخر المحطات الفضائية بالكثير من الكتب وأشرطة التسجيل والألعاب الحاسوبية. وتتيح التدريبات الرياضية أيضًا فرص الترويح.

التحكم في المواد المخزونة والنفايات. يعد حفظ وتنظيم آلاف المواد المستخدمة في المركبة الفضائية من المشكلات الكبيرة التي يواجهها رواد الفضاء. فهناك أدراج وخزانات تحوي مواد كثيرة، وتعلق أشياء أخرى بالجدران والأسقف والأرضيات. ويعمل الحاسوب على حصر جميع هذه المواد المخزونة، ويحدد أماكنها وطرق إحلال بعضها محل بعض. أما النفايات، فإن الطاقم يعمل على تخزينها في مكان غير مستغل من المركبة، ثم يتم التخلص منها بإلقائها خارج المركبة، لتحترق في الغلاف الجوي، وربما عادوا بها للأرض حيث يتم التخلص منها.


الاتصال مع الأرض. يتصل رواد الفضاء مع إدارة البعثة، وهي الجهة التي تشرف على الرحلة الفضائية من الأرض، بعدة طرق من أهمها استخدام الراديو والتلفاز. وترسل الحواسيب وأجهزة الإحساس وغيرها من المعدات الإرشادية إشارات منتظمة إلى الأرض. وتستطيع أجهزة الفاكسميلي (الناسوخ) التي بالمركبة استقبال المعلومات من الأرض

مجسات ومركبات الفضاء المهمة:

تاريخ الإطلاق    الاسم      الدول المطلقة      المنجـــــــزات  
1959م12 سبتمبر  لونا 2 الاتحاد السوفييتي أول مِجَسّ يصطدم بالقمر  
1962م23 أبريل  رينجر 4 الولايات المتحدة أول مجس أمريكي يصطدم بالقمر. وقد أخفق في بث صور تلفازية إلى الأرض.  
1964م 28 نوفمبر  مارِينر 4 الولايات المتحدة صوّر المريخ يوم 14 يوليو عام 1965م، وقاسى ظروفًا صعبة في الفضاء.  
1966م31 يناير  لونا 9 الاتحاد السوفييتي قامت بأول هبوط سهل على القمر في 3 فبراير. وأرسلت 27 صورة إلى الأرض.  
1966م 31 مارس  لونا 10 الاتحاد السوفييتي أول مركبة فضائية للدوران حول القمر بدأت دورانها في 3 أبريل.  
1967م 12 يونيو  فينيرا 4 الاتحاد السوفييتي أول مركبة فضائية لإرسال معطيات عن الغلاف الجوي للزهرة.  
1967م 8 سبتمبر  سيرفيور 5 الولايات المتحدة هبطت على القمر وأرسلت معلومات عن تربة القمر إلى الأرض لتحليلها.  
1968م 14 سبتمبر  زوند 5 الاتحاد السوفييتي أول مجس للدوران حول القمر والعودة كي يهبط على الأرض هبوطًا سهلاً.  
1970م 17 أغسطس  فينيرا 7 الاتحاد السوفييتي أول مركبة فضائية لبث معطيات من سطح كوكب الزهرة، هبطت في 15 ديسمبر 1970م.  
1970م 12 سبتمبر  لونا 16 الاتحاد السوفييتي أول مركبة فضائية غير مأهولة للعودة بعينات من القمر، هبطت في 20 سبتمبر.  
1971م 28 مايو  مارس3 الاتحاد السوفييتي حمل كبسولة قامت بأول هبوط سهل على سطح المريخ، هبط في 2 ديسمبر 1971م.  
1971م 30 مايو  مارينر9 الولايات المتحدة  أول مجس للدوران حول المريخ، بدأ دورانه في 13 نوفمبر 1971م.  
1972م 2 مارس  بيونير10 الولايات المتحدة  طارت متجاوزة كوكب المشتري في 3 ديسمبر 1973م وأرسلت معطيات علمية إلى الأرض. في 13 يونيو 1983م أصبحت أول مركبة تسافر إلى ما وراء كل الكواكب.  
1973م 6 أبريل  بيونيرـ ساتورن الولايات المتحدة مرت بالقرب من كوكب المشتري يوم 2 ديسمبر 1974م وطارت متجاوزة زحل في 1 سبتمبر 1979م وأرسلت معطيات علمية وصورًا لكلا الكوكبين.  
1973م 3 نوفمبر  مارينر10 الولايات المتحدة  أول مجس للطيران على ارتفاع منخفض من كوكبين، ارسلت صورًا ومعطيات من كوكب الزهرة يوم 5 فبراير عام 1974م ومن كوكب عطارد يومي 29 مارس و 21 سبتمبر 1974م ويوم 16 مارس 1975م.  
1975م 8 يونيو  فينيرا 9 الاتحاد السوفييتي أول مركبة فضائية غير مأهولة لتصوير سطح كوكب الزهرة، هبطت يوم 22 أكتوبر.  
1975م 20 أغسطس  فايكنج 1  الولايات المتحدة أرسلت صورة معطيات من كوكب المريخ. هبطت يوم 20 يوليو 1975م.  
1975م 9 سبتمبر  فايكنج 2 الولايات المتحدة هبطت على كوكب المريخ في سبتمبر 1976م. أرسلت صورًا ومعطيات علمية.  
1977م 20 أغسطس  فويجر2 الولايات المتحدة طارت إلى ما بعد المشتري في يونيو 1979م. وطارت بالقرب من كوكب زحل في أغسطس 1981م وطارت بالقرب من كوكب أورانوس في يناير 1986م وطارت بالقرب من كوكب نبتون في أغسطس 1989م وأرسلت صورًا إلى الأرض.  
1977م 5 سبتمبر  فويجر 1 الولايات المتحدة  اجتازت كوكب المشتري يوم 5 مارس 1979م، وطارت بالقرب من كوكب زحل يوم 12 نوفمبر 1980م. حققت اكتشافات عديدة بخصوص الكوكبين وأقمارهما.  
1978م 20 مايـــو  بيونيرفينوس1 الولايات المتحدة  بثت صورًا رادارية لسطح كوكب الزهرة، بدأت تحلق في المدار يوم 4 ديسمبر.  
1978م 8 أغسطس  بيونيرفينوس2 الولايات المتحدة دخلت الغلاف الجوي لكوكب الزهرة يوم 9 ديسمبر وقاست كثافته وتركيبه.  
1978م 9 سبتمبر  فينيرا 11 الاتحاد السوفييتي أجرت تحليلاً كيميائيًا للجزء السفلي من الغلاف الجوي لكوكب الزهرة، هبطت يوم 25 ديسمبر.  
1978م 14 سبتمبر  فينيرا 12 الاتحاد السوفييتي أرسلت إلى الأرض إحصاءات عن الغلاف الجوي لكوكب الزهرة، هبطت يوم 21 ديسمبر.  
1981م 30 أكتوبر  فينيرا 13 الاتحاد السوفييتي بعثت صورًا ملونة لكوكب الزهرة وحللت عينات من التربة، هبطت يوم 1 مارس 1983م.  
1985م 2 يوليـــو  جيوتو وكالــة الفضــاء  اجتازت مذنَّب هالي يوم 13 مارس 1986م وصورت نواة المذنب وبعثـت بإحصـاءات الأوروبية علمية.  
1989م 4 مايو  ماجلان الولايات المتحدة استخدمت الرادار لعمل خرائط لمعظم سطح كوكب الزهرة في عامي 1990م و1991م.  
1989م18 أكتوبر  جاليليو الولايات المتحدة  وصل إلى المشتري في عام 1995م؛ أرسل معطيات علمية عن المشتري والأقمار التابعة له.  
1990م 16 أكتوبر  يوليسيس وكالــة الفضــــاء الأوروبية/الولايات المتحدة الأمريكية فحص المناطق القطبية للشمس في عامي 1994م و 1995م.  
1997م 5 أكتوبر  كاسيني الولايات المتحدة من المنتظر أن يصل زحل عام 2004م.  
2001م 23 مارس  المحطة مير روسيا تم تحطيمها، رغم قدرتها على العمل الفضائي، بسبب نقص ميزانية نفقاتها.

العمل في الفضاء:

يشرع أفراد الطاقم بالعمل داخل المركبة أو خارجها عند وصولها إلى مدارها، وذلك لتحقيق أهداف البعثة.

الملاحة والتوجيه والسيطرة. يستخدم رواد الفضاء أنظمة ملاحة حاسوبية، ويقومون بوضع علامات على النجوم لتحديد موقعهم واتجاههم. كما تستخدم في الأرض أنظمة متابعة عالية التقنية تقوم بقياس موقع مركبة الفضاء بالنسبة للأرض. ويستخدم رواد الفضاء صواريخ صغيرة تشبه صواريخ المركبة الفضائية لإمالة المركبة قليلاً أو دفعها نحو المكان الذي يراد إرساء المركبة فيه. وتراقب الحواسيب كل التغييرات التي يحدثها الرواد للتأكد من أنها قد تمت على الوجه الأمثل.

تشغيل الأجهزة وإدارتها. يتم إيقاف جميع الأجهزة عن العمل عند إطلاق المركبة. ويعمل الرواد على إعادة إدارتها وتشغيلها في الفضاء، ثم يتم إيقافها مرة أخرى عند الهبوط.

رصد الملاحظات العلمية والقيام بالأبحاث. يستخدم رواد الفضاء أجهزة خاصة لرصد الأرض والنجوم والشمس، كما يجرون التجارب المتعلقة بتأثير الجاذبية الصغرية على أنفسهم والمواد المختلفة والحيوان والنبات.

الالتحام. يساعد الرادار طاقم المركبة الفضائية على التحكم في سرعتها واتجاهها عندما تقترب من هدفها الذي قد يكون محطة فضائية أو قمرًا صناعيًا. وعندما تستوي المركبة في المكان الصحيح إلى جوار الهدف فإنها تلتحم (تلتقي) به بوساطة أجهزة خاصة. ويستطيع مكوك الفضاء استخدام ذراعه الآلية في الاتصال بالأهداف التي أطلق من أجلها.

صيانة المعدات وإصلاحها. تضم المركبة الفضائية آلاف القطع من المعدات ذات الجودة العالية، ولكن، ورغم ذلك، قد يتعرض بعضها للعطب. فربما تحطم الحوادث بعض المعدات، أو قد يحتاج القديم منها للاستبدال. يحدد رواد الفضاء نوع العطب، والوحدة التي تأثرت به، ويقومون بإصلاحها أو استبدالها.

تركيب المحطات الفضائية. يتحتم على رواد الفضاء أحيانًا، العمل بوصفهم عمال بناء وتشييد في الفضاء. فهم يقومون بتركيب المحطات الفضائية من أجزاء حملوها معهم في المكوك. وكثيرًا ما يضيف رواد الفضاء أجزاء جديدة للمحطات الفضائية أو ينصبون هوائيات وألواحًا شمسية. هذا بالإضافة إلى عملهم في تركيب توصيلات الهواء والقدرة الكهربائية داخل المحطة وخارجها.

الخروج من المركبة الفضائية. قد تستدعي الضرورة عمل رواد الفضاء خارج المركبة. ويسمى هذا النوع من العمل النشاط خارج المركبة. ويستعد رواد الفضاء للعمل خارج المركبة بارتداء البذلات الفضائية والدخول إلى حجيرة ذات بابين تسمى هويس الهواء. وعقب ذلك يقوم الرواد بإطلاق الهواء من الحجيرة، وفتح الباب الخارجي، ثم الخروج من المركبة. وعند عودتهم، فإنهم يغلقون الباب الخارجي، ويسمحون بدخول الهواء إلى الحجيرة ثم يفتحون الباب الداخلي الذي يؤدي إلى باقي أجزاء المحطة الفضائية حيث يستبدلون بذلاتهم الفضائية.

وتساعد البذلات الفضائية في الإبقاء على حياة رواد الفضاء لمدة تتراوح بين ست وثماني ساعات. وتصنع البذلة من طبقات من مادة النيلون أو التيفلون. وتقي هذه البذلات المحكمة الحياكة رواد الفضاء من الحرارة والبرد والجسيمات الفضائية. وهناك جهاز على ظهرها يزود مرتديها بالأكسجين ويتخلص من ثاني أكسيد الكربون والرطوبة. وبالبذلة راديو يساعد في القيام بالاتصالات اللازمة بين رائد الفضاء وزملائه، ومع الأرض. وتتيح الخوذة لرائد الفضاء رؤية أفضل، وتقيه من الأشعة الشمسية الضارة. وتعتبر القفازات من أهم أجزاء البذلة الفضائية، وتكون في العادة رقيقة ومرنة تمكن رائد الفضاء من الإحساس بالأجسام الصغيرة، واستخدام الأدوات بسهولة ويسر.

يتبع .......

و لكم جزيل الشكر ........  '<img'>

      فلكينو
(فلكى بالفطرة)

 اسف للغياب بسبب ظروف الدراسة

أغسطس 08, 2007, 04:10:26 مساءاً
رد #1

فلكينو

  • عضو خبير

  • *****

  • 1997
    مشاركة

  • مشرف قسم الفلك

    • مشاهدة الملف الشخصي
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« رد #1 في: أغسطس 08, 2007, 04:10:26 مساءاً »
فجر عصر الفضاء:

عندما بدأ الناس يحلمون بالطيران فوق سطح الأرض، أدركوا أن الأجسام الموجودة في السماء يمكن أن تصبح مقصدًا للمسافرين من البشر. ففي بداية القرن السابع عشر الميلادي، أصبح عالم الفلك والرياضيات الألماني يوهانز كيبلر، أول عالم يصف السفر إلى العوالم الأخرى، كما طور أيضًا قوانين الحركة الكوكبية التي توضح مدارات الأجسام في الفضاء. انظر: كيبلر، يوهانز.

وفي عام 1687م، وصف العالم الإنجليزي السير إسحق نيوتن قوانين الحركة، ومكنت هذه القوانين العلماء من التنبؤ بأنواع مسارات الطيران المطلوبة للدوران حول الأرض، والوصول إلى العوالم الأخرى. ووصف نيوتن أيضًا كيف يمكن أن يبقى قمر صناعي ثابتًا في مداره. ويوضح قانون نيوتن الثالث، الذي ينص على أن لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويضاده في الاتجاه، كيفية عمل الصاروخ. انظر: نيوتن، السير إسحق؛ الحركة (قوانين الحركة لنيوتن).

الأحلام المبكرة للطيران في الفضاء. أدرك العلماء، خلال القرن الثامن عشر الميلادي، أن الهواء يصبح رقيقًا في الارتفاعات الشاهقة. ويعني ذلك أن الهواء قد يكون غائبًا تمامًا بين الأرض والعوالم الأخرى، وبالتالي ستصبح الأجنحة عديمة الفائدة. وقد اقترح العديد من الكتاب، ذوي الخيال الواسع، وسائل عجيبة للسفر إلى هذه العوالم.

وفي عام 1903م، أكمل كونستانتين تسيولكوفسكي، وهو مدرس روسي، أول مقالة علمية حول استخدام الصواريخ للسفر إلى الفضاء، وبعد بضع سنوات، نجح كل من روبرت هتشينجز جودارد، من الولايات المتحدة الأمريكية، وهيرمان أوبرث من ألمانيا، في إيقاظ الاهتمام العلمي برحلات الفضاء. فقد عكف هذان الرجلان اللذان كانا يعملان بصورة مستقلة، على دراسة الصعوبات التقنية في أبحاث علم الصواريخ ورحلات الفضاء. وحصل كل منهما بذلك على لقب أبو طيران الفضاء.

وفي عام 1919م، شرح جودارد كيفية استخدام الصواريخ لاستكشاف الغلاف الجوي العلوي، في مقالته طريقة للوصول إلى ارتفاعات شاهقة. وتصف المقالة أيضًا طريقة إطلاق صاروخ إلى القمر. كذلك ناقش أوبرث في كتابه الصاروخ في الفضاء بين الكوكبي (1923م)، العديد من المسائل التقنية المتعلقة بطيران الفضاء، حتى أنه وصف ما يمكن أن تكون عليه سفينة الفضاء. وكتب تسيولكوفسكي سلسلة من الدراسات الجديدة في عشرينيات القرن العشرين، اشتملت على وصف تفصيلي للصواريخ المتعددة المراحل.



خلال ثلاثينيات القرن العشرين سارت أبحاث الصواريخ إلى الأمام في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والاتحاد السوفييتي. ونجح الفريق الذي يقوده جودارد في بناء أول صاروخ يعمل بالوقود السائل في عام 1926م، على الرغم من انعدام الدعم الحكومي الأمريكي للمشروع، بينما تلقى العلماء الألمان والسوفييت اعتمادات مالية من حكوماتهم لتطوير القذائف العسكرية.

وفي عام 1942م، أثناء الحرب العالمية الثانية، طور خبراء الصواريخ الألمان بقيادة فرنهر فون براوان، القذيفة الموجهة ف-2، وأطلقت الآلاف من هذه القذائف على المدن الأوروبية، وخاصة لندن، وتسببت في دمار واسع الانتشار وفقدان للأرواح.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945م، هاجر العديد من مهندسي الصواريخ الألمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، للمساعدة في تطوير القذائف العسكرية. وكانت البحرية الأمريكية تعمل على تطوير الصواريخ الكبيرة مثل صاروخي إيروبي وفايكنج. وفي عام 1949م، تمكن فريق الصواريخ من بناء واختبار أول صاروخ من مرحلتين في العالم؛ حيث شكلت القذيفة ف-2 المرحلة الأولى، وصاروخ واك كوربورال المرحلة الثانية. وقد ارتفع هذا الصاروخ إلى علو 400كم.

وبحلول عام 1947م، كان الاتحاد السوفييتي قد بدأ في سرية، برنامجًا ضخمًا لتطوير الصواريخ العسكرية بعيدة المدى. وفي أربعينيات القرن العشرين، نشرت جمعية ما بين الكواكب البريطانية الصغيرة في حجمها، والقوية في تأثيرها خططًا دقيقة لمركبة الهبوط القمرية المأهولة، والبذلات الفضائية، واللقاءات المدارية، كما ركزت جمعية الصواريخ الأمريكية على هندسة القذائف. وفي عام 1950م، بدأ الاتحاد العالمي لرواد الفضاء، الحديث التكوين آنذاك، في عقد مؤتمرات سنوية.

الاقمار الصناعية الاولى:

أعلنت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي في عام 1955م، خططًا لإطلاق أقمار صناعية، وعلى متنها أجهزة قياس علمية. وكان من المفترض إطلاق الأقمار الصناعية خلال السنة الجيوفيزيائية العالمية، التي تبدأ في يوليو من عام 1957م، والتي تمثل فترة للتعاون العالمي في مجال البحث العلمي. وقدم السوفييت وصفًا تفصيليًا للأجهزة الراديوية التي ستشتمل عليها أقمارهم، ولكن برنامج الصواريخ السوفييتي ظل سرًا حتى ذلك الوقت. ولذا فإن العديد من الناس في البلاد الأخرى لم يصدقوا أن السوفييت يملكون التقنية المتقدمة المطلوبة لاستكشاف الفضاء.

وفي الرابع من أكتوبر عام 1957م، أذهل السوفييت العالم بنجاحهم في الوفاء بوعدهم، وتقدمهم على الولايات المتحدة في ذلك. فقبل ستة أسابيع من ذلك التاريخ، كان صاروخ R-7 السوفييتي ذو المرحلتين قد قام بأول طيران له لمسافة 8000كم. أما في هذه المرة، فقد حمل R-7 أول قمر صناعي، وهو سبوتنيك (سمي لاحقًا سبوتنيك 1). وتعني سبوتنيك رفيق السفر باللغة الروسية. قذف صاروخ R-7 بالقمر الصناعي البالغ وزنه 83كجم بالإضافة إلى مرحلة الصاروخ الرئيسي، إلى مدار حول الأرض. وتمكن هواة الاستماع إلى الإشارات الراديوية في جميع أنحاء العالم من التقاط إشارة سبوتنيك المميزة "بيب - بيب".


سباق الفضاء. كان رد فعل العالم الغربي تجاه إطلاق سبوتنيك مزيجًا من الدهشة والخوف والاحترام. وأمر رئيس الوزراء السوفييتي نيكيتا خروتشوف بتخصيص اعتمادات مالية ضخمة لمشاريع المتابعة، التي ستستمر في إذهال وإبهار العالم. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، عاهد المسؤولون أنفسهم على عمل كل ما يمكن عمله للحاق بالسوفييت. وهكذا بدأ سباق الفضاء.

وتلا ذلك المزيد من النجاحات السوفييتية. فبعد شهر من إطلاق سبوتنيك، أطلقوا قمرًا آخر أسموه سبوتنيك2، وحمل هذا الأخير كلبة سميت لايكا إلى الفضاء. وأثبتت الرحلة أن بإمكان الحيوانات أن تصمد، وتبقى حية في وجه التأثيرات المجهولة للجاذبية الصغرية. وفي عام 1959م، أصبح لونا2 أول مجس فضائي يصل إلى القمر. وفي وقت لاحق من ذلك العام، صور لونا 3 الجزء البعيد من القمر الذي لايمكن رؤيته من الأرض.

أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد أطلقت أول قمر صناعي لها، وهو إكسبلورر 1، في يوم 31 يناير من عام 1958م. ثم أطلقت قمرها الثاني فانجارد 1، في 17 مارس عام 1958م. وكان هذان القمران والأقمار التي تلتهما، أصغر بكثير من نظيراتها السوفييتية، لأن الصواريخ التي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لحمل هذه الأقمار، كانت أصغر حجمًا وأقل قوة من الصواريخ التي استخدمها الاتحاد السوفييتي. وقد أعطت هذه الصواريخ الاتحاد السوفييتي موقع الصدارة في سباق الفضاء. ولأن الرحلات المأهولة إلى القمر ستتطلب توفر صواريخ أكبر حجمًا، فقد بدأ كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية برامج ضخمة لتصميم وبناء واختبار الصواريخ.

تنظيم وإدارة أنشطة الفضاء. يكمن مفتاح فهم النجاح النهائي الذي حققته برامج الفضاء الأمريكية، في التخطيط المركزي. ففي عام 1958م، تم إنشاء وكالة مدنية للفضاء، سميت الإدارة الوطنية للطيران والفضاء (ناسا)، واستوعبت العديد من الباحثين في مجال الطيران، كما ضمت مختبرات الفضاء العسكرية. وساعد تشكيل ناسا في الوصول إلى اتفاق بين الجهات ذات المصالح المتنافسة، مثل فروع المؤسسات العسكرية، والجامعات، وصناعة الطيران والفضاء، والسياسيين.

أما بالنسبة لأنشطة الفضاء السوفييتية، فقد كان التنسيق فيما بينها يتم بوساطة لجان تنفيذية خاصة. وقد حاولت هذه اللجان الربط بين وحدات الفضاء المتعددة في كل من المؤسسة العسكرية والمؤسسة الصناعية بالإضافة إلى الخبراء والعلماء المتنافسين، ولكنها لم تنجح في تنسيق أنشطة الفضاء السوفييتية بصورة فعّالة وكافية لمواجهة التحديات المعقدة التي يتضمنها سباق الفضاء

المجسات الفضائية:



المجس الفضائي أداة غير مأهولة ترسل لاستكشاف الفضاء، وقد يعمل بعيدًا في الفضاء أو يدور حول كوكب أو قمر، أو يهبط عليهما، وقد يقوم برحلة في اتجاه واحد، أو يحضر معه إلى الأرض عينات وبيانات. وترسل معظم المجسات بيانات من الفضاء بوساطة الراديو، مستخدمة في ذلك العملية المعروفة باسم القياس عن بعد.

ويمكن تصنيف المجسات القمرية والكوكبية التي تهبط على أهدافها، وفقًا لطريقة هبوطها. فالمركبات الارتطامية لاتحاول تخفيض سرعتها عند اقترابها من الهدف. وفي مركبات الهبوط العنيف تكون أجهزة القياس موضوعة داخل رزم مبطنة تمكنها من تحمل صدمة الهبوط العنيف دون أن تتلف. وتهبط مركبات الهبوط الرفيق في سهولة ويسر. وتنغرز المركبات الاختراقية عميقًا في سطح الهدف.

كيف ينجز المجس الفضائي مهمته:

تستكشف المجسات الفضاء بعدة طرق. فالمجس الفضائي يسجل ملاحظات حول درجة الحرارة والإشعاع والأجسام الموجودة في الفضاء الخارجي، كما يسجل أيضًا ملاحظات عن الأجسام القريبة. وبالإضافة إلى ذلك، يعمل المجس الفضائي على تعريض بعض المواد الأرضية لظروف الفضاء، حتى يتمكن العلماء من ملاحظة التأثيرات التي تحدث لها. وقد يجري المجس الفضائي أيضًا تجارب مثل إطلاق مواد كيميائية أو حفر التربة السطحية على البئية المحيطة به. وأخيرًا، تمكن حركة المجس، العلماء الذين يتحكمون فيه على سطح الأرض، من تحديد الظروف السائدة في الفضاء. فالتغيرات في المسار والسرعة يمكن أن توفر معلومات عن الكثافة الجوية ومجالات الجاذبية.

مركبات الاستكشاف المبكرة غير المأهولة. بدأت المعدات المعروفة باسم صواريخ السبر في حمل أجهزة قياس علمية إلى الغلاف الجوي العلوي والفضاء القريب من الأرض، منذ بداية أربعينيات القرن العشرين واكتشفت هذه الصواريخ العديد من الظواهر الجديدة، كما التقطت أول صور للأرض من الفضاء.

كان إطلاق سبوتنيك 1 في عام 1957م، بمثابة إشارة لبدء سباق الفضاء. وقد حمل سبوتنيك 1 عددًا قليلاً من أجهزة القياس وأجهزة الإرسال، ولكنه مهد الطريق للمجسات المتطورة التي ستقوم لاحقًا باستكشاف الفضاء.

وقامت العديد من الأقمار الصناعية المبكرة بسبر بعض مناطق الفضاء التي لم ترسم لها خرائط من قبل. وخلال فترة أواخر خمسينيات وستينيات القرن العشرين، أجرت سلسلة الأقمار الصناعية الأمريكية المسماة إكسبلورر والسوفييتية المسماة كوزموس، تحليلاً للبيئة الفضائية بين الأرض والقمر. وسجلت الأقمار الصناعية الأمريكية المسماة بيجاسوس اصطدامات النيازك الدقيقة. وخلال أوائل سبعينيات القرن العشرين، أجرت الأقمار الصناعية السوفييتية بروجنوز دراسات عن الشمس.


المجسات القمرية. بدأت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي في إطلاق مجسات فضائية تجاه القمر في عام 1958م. وكان لونا 1، الذي أطلقه الاتحاد السوفييتي في 2 يناير عام 1959م، أول مجس فضائي يقترب من القمر، حيث مر متجاوزًا القمر على مسافة لا تتعدى نحو 6,000كم، واتخذ له مدارًا حول الشمس. واستطاعت الولايات المتحدة الأمريكية، بعد شهرين من ذلك التاريخ، تحقيق إنجاز مماثل بوساطة مجسها الفضائي بيونير 4. وكان أول مجس يصطدم بالقمر المجس السوفييتي لونا 2، الذي أطلق في 12 سبتمبر 1959م. وبعد شهر من ذلك التاريخ دار المجس لونا 3 خلف القمر واستطاع تصوير الجزء المحجوب منه.

بدأ الاتحاد السوفييتي في اختبار مركبات الهبوط العنيف القمرية في عام 1963م. وبعد إخفاقات عديدة، نجحوا في تحقيق ذلك بوساطة المجس لونا 9، الذي أطلق في يناير 1966م. وتمكن برنامج المجس الأمريكي سيرفيور من تحقيق سلسلة من عمليات الهبوط الرفيق الناجحة، بدءًا من عام 1966م. وخلال الفترة من عام 1970م إلى عام 1972م، تمكنت ثلاثة من المجسات السوفييتية من إحضار عينات من التربة القمرية في كبسولات صغيرة. وأرسل اثنان من هذه المجسات سيارات جيب يتم التحكم فيها عن بعد، للتجول فوق سطح القمر.

وبدءًا من عام 1966م، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية خمسة مجسات تسمى المركبات المدارية القمرية إلى المدار، لتصوير سطح القمر. وكشفت هذه المركبات عن وجود "نتوءات" من الجاذبية في مجال الجاذبية القمري، ناتجة عن مادة كثيفة مدفونة تحت البحار القمرية. وسميت هذه المناطق ذات المادة المحكمة التراص التركيزات الكتلية أو الماسكونات، وكان عدم اكتشافها سيؤثر حتمًا على مهام مركبة الفضاء أبولو التي حملت رواد الفضاء إلى القمر.

المجسات الشمسية. بدءًا من عام 1965م، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية سلسلة المجسات الفضائية الصغيرة المسماة بيونير إلى مدارات حول الشمس، لدراسة الإشعاع الشمسي. ومازال العديد من هذه المجسات يعمل حتى الآن، بعد مرور عشرين عامًا على إطلاقها. وفي عامي 1974م و1976م، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مجسين من مجسات هليوس الألمانية الصنع، واللذيْن مرا داخل مدار كوكب عطارد، لقياس الإشعاع الشمسي. وأطلق المجس الفضائي يوليسيس في عام 1990م، بوساطة كل من الولايات المتحدة الأمريكية ووكالة الفضاء الأوروبية، وهي منظمة مكونة من 14 قطرًا أوروبيًا. وكان من المتوقع أن يقوم المجس بملاحظة المناطق القطبية للشمس في عامي 1994م و1995م.

مجسات المريخ. أطلق الاتحاد السوفييتي في عام 1960م اثنين من المجسات الموجهة نحو كوكب آخر، وكانا موجهين نحو المريخ. ولكن لم يستطع أي من المجسين بلوغ المدار المطلوب. وبعد مزيد من الإخفاقات السوفييتية، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1964م، مجسين من مجسات مارينر في اتجاه المريخ. وقد طار المجس مارينر 4 بالقرب من المريخ في 14 يوليو 1965م، وأرسل إلى الأرض مجموعة من الصور الرائعة والقياسات، وأثبت أن الغلاف الجوي للمريخ أرق بكثير مما كان متوقعًا، وأن سطحه يشبه سطح القمر.

عام 1971م، أسقط المجس السوفييتي مارس3 أول كبسولة تهبط هبوطًا رفيقًا على المريخ، ولكنها فشلت في إرسال بيانات صالحة للاستخدام. وفي العام نفسه، وصل المجس الأمريكي مارينر 9 إلى المريخ، وصوّر معظم سطح الكوكب. كما مر المجس مارينر9 أيضًا بالقرب من قمري المريخ الصغيرين فوبوس وديموس وصورهما.

وفي عام 1976م، هبط مجسا الفضاء الأمريكيان فايكنج 1 وفايكنج2 على سطح المريخ، وظلا يعملان لعدة سنوات؛ وقاما بقياس الطقس وإجراء العديد من التجارب المعقدة بغرض الكشف عن أشكال الحياة على الكوكب، ولكنهما لم يجدا أي دليل على وجود حياة.

وفي عام 1992م، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية المجس مارس أوبزيرفر. وفي عام 1993م، فقدت ناسا الاتصال مع المجس قبل ثلاثة أيام من الموعد المحدد لدخوله في مدار حول المريخ. ولم تتمكن ناسا من استعادة الاتصال مطلقًا واعتبر المجس مفقودًا.

مجسات الزهرة. أطلق الاتحاد السوفييتي أول المجسات الموجهة نحو الزهرة في عام 1961م، ولكن محاولاته باءت بالفشل. وكان المجس الأمريكي مارينر2 أول مجس ناجح يطير متجاوزًا الزهرة ويرسل بيانات إلى الأرض، وذلك في 14 ديسمبر 1962م. ومر مارينر 5 بالقرب من الزهرة في عام 1967م، وأرسل بيانات مهمة. وطار مارينر 10 متجاوزًا الزهرة، ومر ثلاث مرات بالقرب من عطارد، في عامي 1974م و1975م.

وأخيرًا نجحت محاولات السوفييت في الحصول على بيانات من كوكب الزهرة في عام 1967م، عندما أسقط فينيرا 4 مجسًا بوساطة مظلة، وأرسل بيانات من الغلاف الجوي المفرط الكثافة للكوكب. وفي عام 1970م، وصل المجس فينيرا 7 إلى سطح الزهرة، دون أن يصاب بعطب.

وأثناء الفترة من عام 1975م إلى عام 1985م، هبطت العديد من المجسات الأخرى على سطح الكوكب وسجلت ملاحظات لفترات بلغت في مجموعها 110 دقيقة، قبل أن تدمرها الحرارة والضغط. وفي عام 1978م أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مجسين إلى الزهرة هما بيونير فينوس 1 و2. وقد أرسل بيونير فينوس 1 للتحليق في مدار حول الزهرة، بينما أسقط بيونير فينوس 2 أربعة مجسات في الغلاف الجوي للكوكب.

استطاعت المجسات التي اتخذت لها مدارًا حول الزهرة، إنتاج خرائط تقريبية لسطح الكوكب بوساطة الموجات الراديوية المرتدة عن الأرض. واستخدم بيونير فينوس 1 الرادار لرسم خرائط لمعظم سطح الكوكب، بدرجة وضوح بلغت 80كم. ويعني ذلك أن الأشياء التي تفصل بينها مسافة 80كم على الأقل، تظهر بوضوح على الخريطة. وفي عام 1983م، حمل مجسان سوفييتيان أنظمة رادار تمكنت من رسم خرائط لمعظم نصف الكرة الشمالي لكوكب الزهرة، بدرجة وضوح بلغت 1,5كم. وفي عام 1990م، وصل المجس الأمريكي ماجلان إلى الزهرة واستطاع رسم خرائط لسطح الكوكب بأكمله تقريبًا، بدرجة وضوح بلغت 100 متر


- المجس الفضائى فوياجير 2 -

المشتري وما بعده. ينبغي للمجسات الموجهة للكواكب الموجودة في الفضاء الخارجي، مثل المشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو، مواجهة بعض التحديات الخاصة والتغلب عليها. فأحزمة الإشعاع الموجودة بالقرب من المشتري تتميز بدرجة عالية من الكثافة، مما يستوجب حماية الدوائر الكهربائية للحاسوب. ويتطلب الضوء الخافت للشمس عند هذه الكواكب، فترات تعريض طويلة لآلات التصوير. وتعني المسافات الشاسعة إلى هذه الكواكب، أن الأوامر الراديوية سوف تستغرق عدة ساعات للوصول إلى المجسات.

أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية أولى مجساتها الموجهة للمشتري، وهما بيونير10 و بيونير11، في عامي 1972م و1973م. وبعد الانتهاء من ملاحظة المشتري، أعيد توجيه بيونير11 إلى كوكب زحل، حيث وصل إلى هناك في عام 1979م. وأعيدت تسميته ليصبح بيونير ساتورن. وخلال الفترة بين عامي 1979م و1981م، وفّرت مجسات فويجر المتطورة بيانات أكثر تفصيلاً عن المشتري وزحل. وقد استمرت هذه المجسات في استكشاف الفضاء، حيث طار المجس فويجر2 متجاوزًا أورانوس في يناير 1986م، ونبتون في أغسطس 1989م. وأرسلت المجسات صورًا رائعة للكواكب البعيدة وحلقاتها وأقمارها، كما سجلت كميات ضخمة من البيانات العلمية، واكتشفت براكين نشطة على لو، أحد أقمار المشتري، وحمات (ينابيع حارة) على تريتون، أحد أقمار نبتون. وأظهرت الأقمار الأخرى تشكيلات غريبة من الجليد والصخور.

كان المجس الفضائي جاليليو، الذي أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية في مهمة إلى المشتري عام 1989م، أكثر تطورًا من المجسات الكوكبية المبكرة الأخرى. وقد تكون من جزءين ـ مجس للغلاف الجوي، ومركبة فضاء مدارية أكبر حجمًا. وصل جاليليو إلى المشتري عام 1995م. وبحلول عام 1989م، كان الكوكب الوحيد الذي لم تتم زيارته بعد هو بلوتو.

المجسات الموجهة إلى المذنبات. طار مجسان سوفييتيان بالقرب من الزهرة، وأسقطا أجهزة قياس علمية في الغلاف الجوي للكوكب، ثم اعترضا مذنب هالي أثناء مروره بالقرب من الشمس، في عام 1986م. وفي عام 1985م، أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية أول مجساتها بين الكوكبية. وقد مر المجس، الذي أطلق عليه اسم جيوتو، مقتربًا من نواة المذنب على نحو لم يحققه أي مجس آخر، وأرسل صورًا مثيرة مأخوذة عن قرب للمذنب. وأطلقت اليابان أيضًا مجسين صغيرين. وبعد توقف عن العمل لسنوات عديدة، أعيد تنشيط جيوتو مرة أخرى ليطير متجاوزًا المذنب جريج ـ سكجيلرب في يوليو 1992م.

لم ترسل الولايات المتحدة الأمريكية مجسًا إلى المذنب هالي بسبب العجز في الميزانية. ومع ذلك، أدرك العلماء في ناسا أنه يمكن تحويل أحد المجسات الصغيرة الموجودة في الفضاء، لاستشكاف مذنب آخر. فقد كان القمر الصناعي المسمى المستكشف العالمي الثالث للشمس والأرض، قد أمضى سنوات عديدة في الفضاء بين الأرض والشمس. وفي عام 1983م، تم تحويل مساره إلى الفضاء بين الكوكبي، وأعيدت تسميته ليصبح اسمه مستكشف المذنبات العالمي. وفي 11 سبتمبر 1985م، مر متجاوزًا المذنب المسمى جياكوبيني ـ زينر، وأصبح أول مجس يصل إلى أحد المذنبات.

الناس فى الفضاء:

في عام 1958م، بدأ العلماء في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي في بذل جهود جادة لتصميم مركبة فضائية يكون بمقدورها حمل البشر. وقد اختار كلا البلدين تطوير كبسولة بدون أجنحة توضع في أعلى مركبة إطلاق مكونة من صاروخ معدل بعيد المدى.
تسبب احتمال سفر الناس إلى الفضاء، في الكثير من القلق لدى العلماء. فقد أظهرت الاختبارات التي أجريت على الحيوانات أن السفر في الفضاء قد لا يشتمل على أي مخاطر بدنية، لكن كانت هناك هموم جدية تتعلق بالمخاطر النفسية المحتملة. وكان بعض الخبراء يخشى أن تؤدي الضغوط الناتجة عن الإطلاق والطيران والهبوط إلى إصابة المسافرين في الفضاء بالرعب أو الإغماء.

فوستوك وميركوري : أول الناس في الفضاء: تمثلت الجهود الأولى لإرسال إنسان إلى الفضاء في برنامج مركبة الفضاء السوفييتية فوستوك (الشرق) ومركبة الفضاء الأمريكية ميركوري. وقد بلغ وزن الكبسولة فوستوك نحو 4,500كجم، وكان من المقرر إرسالها إلى المدار على متن قذيفة R-7 معدلة. وتكونت الكبسولة من قمرة قيادة كروية الشكل ومركبة خدمة أسطوانية، وهي الجزء الذي يحتوي على نظام الدفع. وزودت المركبة بمقعد قذفي ليوفر وسيلة نجاة لرائد الفضاء في حالة وقوع حادث مؤسف أثناء الإطلاق. وتميز نظام دعم الحياة داخل المركبة باستخدام مزيج من الأكسجين والنيتروجين، مماثل لما هو موجود في الجو عند مستوى سطح البحر.

وبلغ وزن الكبسولة الأمريكية ميركوري نحو 1,360كجم، وكان من المقرر إرسالها إلى الفضاء على متن صاروخ ردستون أو صاروخ أطلس. وزودت الكبسولة المخروطية الشكل، بمظلات للهبوط في المحيط، حيث توفر المياه وسيلة إضافية لامتصاص الصدمة. وتميز نظام دعم الحياة داخل المركبة باستخدام الأكسجين النقي عند درجة ضغط منخفضة. وفي حالة تعرض المعزز لعطل أثناء الإطلاق، تنفصل الكبسولة وبداخلها رائد الفضاء بوساطة صاروخ يعمل بالوقود الصلب، ملحق بمقدمة الكبسولة.

أحيط البرنامج السوفييتي بقدر كبير من السرية مقارنة بالبرنامج الأمريكي. وقد أطلق البلدان مركبات فضائية مدارية غير مأهولة، بغرض الاختبار، في عامي 1960م و1961م، وتعرضت الصواريخ المستخدمة في إطلاق بعضها للإخفاق. وأرسل البلدان أيضًا حيوانات إلى الفضاء خلال هذه الفترة، كان من ضمنها الشمبانزي هام، الذي طار لمدة 18 دقيقة داخل إحدى كبسولات ميركوري في 31 يناير 1961م.

وحدثت أول وفاة في برنامج الرحلات المأهولة، في 23 مارس 1961م، عندما احترق رائد الفضاء السوفييتي المتدرب فالنتين بوندارينكو، في الحريق الذي شب في غرفة الضغط. وقد تكتم المسؤولون السوفييت على هذه الحادثة.

وكان أول إنسان يرسل إلى الفضاء هو الطيار بالقوات الجوية السوفييتية يوري جاجارين، الذي تم إطلاقه على مركبة الفضاء فوستوك (سميت لاحقًا فوستوك 1) في 12 أبريل 1961م. وقد دار جاجارين دورة واحدة حول الأرض في 108 دقائق وعاد سالمًا. وكانت المركبة الفضائية تدار بربان آلي خلال الرحلة بأكملها. وتبع ذلك رحلة رائد الفضاء غيرمان تيتوف على متن فوستوك2، في أغسطس من ذلك العام، والتي دار فيها 17 مرة حول الأرض، في 25 ساعة.

وأطلق برنامج ميركوري أولى رحلاته المأهولة في 5 مايو 1961م، عندما قذف أحد صواريخ ردستون رائد الفضاء ألن شبرد الأصغر إلى الفضاء في كبسولة سماها شبرد فريدم 7. وقد طار شبرد لمدة 15 دقيقة في مهمة تحت مدارية، أي مهمة لم تبلغ السرعة والعلو المطلوبين للدوران حول الأرض.

وكادت الرحلة تحت المدارية التي قام بها رائد الفضاء فيرجيل جريسوم في 21 يوليو 1961م، أن تنتهي على نحو مأساوي، عندما فُتح جانب الكبسولة ميركوري قبل الأوان، بمجرد هبوطها في المحيط الأطلسي، وامتلأت المركبة سريعًا بالماء، ولكن جريسوم تمكن من السباحة ناجيًا بنفسه.

وفي 20 فبراير 1962م، أصبح رائد الفضاء جون جلين، أول أمريكي يدور حول الأرض، حيث أكمل ثلاث دورات في أقل من خمس ساعات، واستطاع توجيه كبسولته في اتجاهات مختلفة، واختبر العديد من الأنظمة، كما قام بملاحظة الأرض.

وبعد ثلاثة أشهر، قام رائد الفضاء سكوت كاربنتر بتكرار مهمة جلين، حيث أكمل مهمة من ثلاث دورات حول الأرض. ساعدت المهمة التي قام بها رائد الفضاء والتر شيرا في أكتوبر 1962م ـ ودار فيها حول الأرض ست مرات ـ في توسيع مجالات اختبار المركبة. وكانت آخر مهمة لميركوري في مايو 1963م، وكان على متنها رائد الفضاء جوردون كوبر، واستغرقت الرحلة يومًا ونصف اليوم.

واستمر الاتحاد السوفييتي خلال نفس الفترة في إطلاق مركباته من طراز فوستوك، في مهام علمية. ففي أغسطس 1962م، أقلعت فوستوك3 و فوستوك4، بفارق يوم واحد، ومرتا متجاورتين في الفضاء. وأطلق الاتحاد السوفييتي أيضًا كبسولتين أخريين هما فوستوك5 وفوستوك6، في يونيو 1963م. وقضى أحد الرواد ما يقارب الخمسة أيام في المدار، مسجلاً بذلك رقمًا قياسيًا جديدًا، أما فالنتينا ترشكوفا، فهي أول امرأة تطير في الفضاء.


فوسخود وجميني: الرحلات الفضائية المتعددة الأفراد. أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1961م، عن برنامج جميني الذي سيتم بموجبه إرسال اثنين من الرواد إلى الفضاء في نسخة مكبرة من الكبسولة ميركوري. ودفع هذا الإعلان، المخططين السوفييت إلى تعديل الكبسولة فوستوك بحيث أصبحت تتسع لثلاثة رواد كحد أقصى. وكانت الضغوط السياسية للتفوق على الولايات المتحدة الأمريكية قوية جدًا إلى الحد الذي دفعت فيه المهندسين السوفييت إلى التضحية ببعض تدابير السلامة مثل المقاعد القذفية، عند توسيع الكبسولة.

أُطلقت الكبسولة فوسخود (الشروق) (سميت لاحقًا فوسخود 1)، وهي أول كبسولة فضائية متعددة الأفراد في العالم، في 12 أكتوبر 1964م، حيث أمضى رواد الفضاء الثلاثة، فلاديمير كوماروف، وكونستنتاين فيوكتيستوف، وبوريس يجوروف، 24 ساعة في المدار. وأصبحوا أول رواد فضاء يهبطون على الأرض داخل كبسولتهم، بدلاً من الهبوط في المحيط.

وفي مارس 1965م، خرج رائد الفضاء ألكسي ليونوف عبر مسد هوائي قابل للنفخ ملحق بالمركبة فوسخود 2، ليصبح أول إنسان يمشي في الفضاء. وبعد تعطل الربان الآلي للكبسولة، اضطر ليونوف وبافل بلياييف إلى توجيهها للهبوط يدويًا. وأخطأ رائدا الفضاء في الاستدلال على منطقة الهبوط المقررة سلفًا وهبطا في غابة معزولة، مما اضطرهما إلى مقاومة الذئاب الجائعة، حتى وصلتهم فرق الإنقاذ في اليوم التالي.

وأُطلقت جميني 3، وهي أول رحلة مأهولة ضمن برنامج جميني، في 23 مارس 1965م. وقد استخدم رائدا الفضاء جريسوم وجون يونج صواريخ المناورة الخاصة بالكبسولة لتعديل مسارها في الفضاء. ومع إطلاق مركبة الفضاء جميني 4 في 3 يونيو 1965م، أصبح رائد الفضاء إدوارد وايت أول أمريكي يمشي في الفضاء. وأمضى رواد الفضاء الذين كانوا على متن جميني 5، التي أطلقت في 21 أغسطس من عام 1965م، قرابة ثمانية أيام في الفضاء، وهو رقم قياسي تم تحقيقه بفضل استخدام خلايا الوقود لتوليد الكهرباء.

وكان المقصود من إطلاق جميني 6 ـ في الأساس ـ الالتحام مع صاروخ أجنا الذي أطلق في الفضاء قبل ساعات قليلة من إطلاق المركبة. ولكن بعد فقدان صاروخ أجنا غير المأهول بسبب إخفاق المعزز، ضمت ناسا رحلة جميني 6 إلى رحلة جميني 7 المقرة سلفًا، والبالغة مدتها 14 يومًا. وقد أطلقت جميني 7، حسب ماهو مخطط لها، في 4 ديسمبر 1965م، وأقلعت جميني 6 بعد 11 يومًا من هذا التاريخ. وفي غضون ساعات، تمكن رائدا الفضاء شيرا وتوماس ستافورد من تحريك مركبتهما، لتصبح في حدود 30 سنتيمترًا من جميني 7 وطاقمها المكون من فرانك بورمان وجيمس لوفل الأصغر. ودارت المركبتان معًا حول الأرض لعدة ساعات قبل أن تفترقا.

وفي 16 مارس 1966م، أكملت جميني 8 أول عملية التحام بين مركبتين فضائيتين في العالم، عندما التحمت مع صاروخ أجنا في الفضاء. وقد تعرضت المركبة الفضائية لارتجاج عنيف، ولكن الرائدان نيل آرمسترونج وديفيد سكوت تمكنا من إعادة السيطرة عليها، والهبوط بها اضطراريًا في غرب المحيط الهادئ.

تم إجراء المزيد من الاختبارات على الالتحام والنشاط خارج المركبة على رحلات جميني الأربع المتبقية. واكتسب رواد الفضاء ومراقبو الرحلات خبرات حيوية من هذه الرحلات، استعدادًا للتحديات الكبيرة المتمثلة في الرحلات القمرية المأهولة.

 
نموذج مقلَّد لمركبة أبولّو القيادية. ويظهر رائدا الفضاء وليم أ. أندرز (إلى اليسار) وجيمس لوفل (إلى اليمين) يتمرنان للطيران حول القمر
 
نموذج مقلَّد لمركبة أبولّو القمرية. رائد الفضاء نيل أرمسترونج يتمرن على الهبوط على القمر. شكلت هذه النماذج المقلدة جزءًا مهما من التحضير للرحلة.

أبولو: مهمة إلى القمر

ساد السباق للوصول إلى القمر، سباق الفضاء في ستينيات القرن العشرين. وفي عام 1961م، دعا الرئيس جون كنيدي، في خطاب أمام الكونجرس، إلى التزام الولايات المتحدة الأمريكية "بإنزال رجل على القمر وإعادته سالمًا إلى الأرض" قبل انقضاء عقد الستينيات. وكان الهدف من ذلك إثبات التفوق الأمريكي في مجال العلم والهندسة والإدارة والقيادة السياسية.

درست ناسا العديد من المقترحات المتعلقة بإرسال رحلة مأهولة إلى القمر، ووقع اختيارها على خطة تقوم فيها عربة تسمى مركبة القيادة/ الخدمة بالدوران حول القمر، دون الهبوط عليه. وعوضًا عن ذلك، ستقوم مركبة خاصة تسمى المركبة القمرية بحمل اثنين من رواد الفضاء إلى سطح القمر. وعندما ينتهي الرائدان من مهمتهما، ستقلع بهما المركبة القمرية عائدة إلى مركبة القيادة/ الخدمة الموجودة في المدار القمري. وقد وفرت هذه العملية المعقدة التي أطلق عليها اسم اللقاء المداري القمري كميات ضخمة من وقود الصواريخ، عن طريق الامتناع عن جعل مركبة القيادة/ الخدمة، الثقيلة الوزن، تهبط على سطح القمر ثم تقلع عائدة إلى الفضاء مرة أخرى. واحتاجت المهمة بأكملها صاروخًا واحد من طراز ساتورن 5. وفي عام 1962م، أصبح اللقاء المداري القمري الإستراتيجية الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية. وعندما قررت الحكومة السوفييتية سرًا، محاولة الوصول إلى القمر قبل الولايات المتحدة الأمريكية، اختارت الإستراتيجية نفسها.

التجهيز للرحلة. تعرض برنامج الفضاء الأمريكي لكارثة أليمة يوم 27 يناير 1967م، أثناء الاستعدادات لإطلاق أول رحلة مأهولة من رحلات أبولو. فقد توفي ثلاثة رواد، هم: جريسوم ووايت وروجر تشافي، عندما اندلعت النار فجأة داخل مركبة القيادة المحكمة الإغلاق، أثناء فحص أرضي. وربما بدأ الحريق نتيجة لقصر في إحدى الدوائر الكهربائية. وساعد الأكسجين النقي على اشتعال النار بضراوة.

وبعد ذلك بشهور قليلة تعرض البرنامج الفضائى السوفييتي أيضًا لكارثة. فقد أطلق السوفييت الكبسولة سويوز (الوحدة) 1، وعلى متنها رائد واحد. وكان مفترضًا أن ترتبط بها سفينة فضائية أخرى مأهولة، ولكن سويوز 1 عانت من مشاكل، ولذا فإن السفينة الأخرى لم تطلق. وقد أمر طاقم القيادة الأرضية الكبسولة بالعودة إلى الأرض، ولكن فشلاً في البراشوت (مظلة الهبوط) أدى إلى سقوطها على الأرض، ومقتل رائد الفضاء كوماروف.

وبينما كانت مركبة القيادة/ الخدمة لأبولو والكبسولة سويوز تخضعان لإعادة التصميم، كانت اختبارات أخرى تجري حسب الخطة. فقد نجحت عملية الإطلاق الأمريكية غير المأهولة لمعزز ساتورن 5 الأول، والتي أجريت في 9 نوفمبر 1967م. وفي أوائل عام 1968م أرسلت مركبة قمرية غير مأهولة إلى المدار، حيث أجرت اختبارات على محركاتها.

الدوران حول القمر. بحلول أواخر عام 1968م، كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أنجزت عملية إعادة تصميم مركبة القيادة/ الخدمة لأبولو، كما استطاع المهندسون التغلب على المشاكل التقنية المرتبطة بصواريخ ساتورن 5. ولكن إنجاز المركبة القمرية تأخر كثيرًا عن الموعد المحدد.

كان لدى المسؤولين في ناسا معلومات عن الاستعدادات السوفييتية لإطلاق مركبة قمرية مأهولة. وشجع اكتمال إعداد مركبة القيادة/ الخدمة ومعزز ساتورن هؤلاء المسؤولين على اتخاذ قرار إطلاق مركبة مأهولة لتدور حول القمر دون مركبة قمرية. وقد هدفت الرحلة إلى اختبار الملاحة والاتصال حول القمر، وتوفير التدريب الجيد لكل من الرواد وطاقم القيادة الأرضي. وبالإضافة إلى ذلك، هدفت الرحلة إلى منع السوفييت من استباق رحلة الهبوط على القمر برحلة مأهولة بسيطة تدور حول القمر.

انطلقت المركبة أبولو 8، في أول رحلة مأهولة إلى القمر، من مركز كنيدي الفضائي في كيب كنفرال بفلوريدا، في 21 ديسمبر 1968م. وقد احتشد مئات الآلاف من الناس في الشواطئ المجاورة، لمشاهدة انطلاق المركبة التي أقلت الرواد بورمان ولوفيل ووليم أنورز. وبعد ثلاثة أيام أطلق الطاقم صاروخًا محمولاً لتغيير المسار والدخول في مدار دائري حول القمر. وبعد تدوين الملاحظات وأخذ صور فوتوغرافية عاد الرواد إلى الأرض، حيث هبطت المركبة بسلام في المحيط الهادئ، بالقرب من هاواي، في 27 ديسمبر.

أطلقت ناسا رحلتين إضافيتين اختباريتين للتأكد من سلامة المركبة القمرية وكفاءتها. فقد أجرى طاقم أبولو 9 اختبارًا على المركبة القمرية في مدار منخفض حول الأرض، بينما أجرى طاقم أبولو 10 اختباره على المركبة في مدار قمري.



الهبوط على القمر. كانت بعثة أبولو 11 أول بعثة تهبط على القمر، حيث انطلقت المركبة في 16 يوليو 1969م، وعليها ثلاثة رواد هم نيل أرمسترونج وإدوين ألدرين الابن ومايكل كولنز.

حملت أول مرحلتين لساتورن 5 المركبة الفضائية إلى ارتفاع 185كم، حيث بلغت سرعتها 24,800كم في الساعة، أي أقل من السرعة الاتجاهية للمدار بقليل. وبعد ذلك بقليل استأنفت المرحلة الثالثة عملها لدفع المركبة إلى السرعة المطلوبة، ثم وقفت في الوقت الذي كانت المركبة فيه تأخذ طريقها في المدار. وعندئذ أجرى الرواد فحصًا على المركبة الفضائية، وخططوا مسار الرحلة إلى القمر، ثم أديرت المرحلة الثالثة مرة أخرى لرفع السرعة إلى 39,100كم في الساعة، وهي السرعة الكافية لدفع المركبة خارج نطاق الجاذبية الأرضية. وفي الطريق إلى القمر فصل الرواد مركبة القيادة ـ الخدمة عن صاروخ ساتورن وأداروها ثم لحموها مع المركبة القمرية، التي كانت ماتزال ملتصقة بساتورن. وبعد ذلك انفصلت المركبتان الملتحمتان عن ساتورن.

استمر طيران أبولو 11 نحو القمر لفترة ثلاثة أيام. وقد ظلت الجاذبية الأرضية تشد المركبة بقوة، مقللة بذلك سرعتها، ولكن مع ابتعاد المركبة الفضائية عن الأرض، كانت قوة الجاذبية الأرضية تقل بالتدريج. وفي الوقت الذي بلغ فيه ارتفاع المركبة عن الأرض 346,000كم، كانت سرعة المركبة قد انخفضت إلى 3,200كم في الساعة. ولكن جاذبية القمر بدأت تشد المركبة إليه بعد ذلك، مما أدى إلى أن تستعيد المركبة سرعتها بالتدريج.

كانت رحلة أبولو 11 تهدف إلى المرور مباشرة خلف القمر. ولكن المركبة كانت تطير بسرعة عالية، بحيث لم تستطع جاذبية القمر الضعيفة الإمساك بها. وقد تطلب وضع المركبة في مدار قمري منخفض حرقًا صاروخيًا كابحًا.

وبعد الدخول في المدار القمري فحص الرواد المركبة القمرية، وهي مركبة زودت بمرحلة هبوط تتصل بها أربع أرجل، وتحتوي على المحرك وخزانات وقود للهبوط. واشتملت المركبة القمرية أيضًا على مرحلة صعود على السطح، احتوت على كابينة طاقم صغيرة ومحرك صغير لإطلاق الرواد مرة أخرى إلى الفضاء. واحتوت غوالق عند قاعدة المركبة القمرية على المعدات الاستكشافية والعلمية.

فصل أرمسترونج وألدرين المركبة القمرية عن مركبة القيادة/ الخدمة، وشغَّلا مرحلة هبوط المركبة القمرية، وبدآ مناروات الهبوط. استخدم الرائدان صواريخ المركبة القمرية لكبح المركبة، وذلك لانعدام غلاف جوي يبطئ الهبوط. وبقي كولنز في مركبة القيادة/ الخدمة، في المدار القمري.

ولمساعدة طاقم المراقبة الأرضية على التمييز بين الإشارات الصوتية الصادرة عن مركبة القيادة/ الخدمة والإشارات الصادرة عن المركبة القمرية، استخدم الرواد إشارات نداء مختلفة لكل من المركبتين، حيث أطلقوا على مركبة القيادة/ الخدمة اسم كولومبيا، وعلى المركبة القمرية اسم إيجل، أي العقاب ( الصقر).

تحكم حاسوب المركبة القمرية في كل مناورات الهبوط، ولكن كان بإمكان قائد المركبة تجاوز الحاسوب في حالة حدوث أي شيء غير متوقع. ولكي تستقر المركبة على سطح القمر، نظر أرمسترونج خارج النافذة، واختار موقع الهبوط. وعندما أصبحت المركبة القمرية على ارتفاع 1,5متر، فوق سطح القمر، امتدت مجسات من أرجل المركبة إلى أسفل، معطية إشارات. ثم توقف المحرك، وهبطت المركبة القمرية فوق منخفض يسمى بحر السكون، في 20 يوليو 1969م. وعندئذ أرسل ألدرين تقريرًا موجزًا عن وضع المركبة، وبعد فترة وجيزة أطلق أرمسترونج عبارته الشهيرة "هيوستون، بحر السكون الآن، لقد هبطت إيجل".

استكشاف القمر. بعد هبوط المركبة القمرية مباشرة أجرى الرواد فحصًا شاملاً للتأكد من أن عملية الهبوط لم ينتج عنها كسر أي معدات، ثم استعدوا للخروج.

كان آرمسترونج وألدرين يلبسان الأطقم الفضائية أثناء الهبوط. وللحصول على الهواء، وصَّلا خراطيم هواء من جهاز إمداد في الكابينة إلى وحدتيهما الظهريتين، ونقلا الهواء من الكابينة، وفتحا كوة صغيرة تحت نافذتيهما الأماميتين. زحف آرمسترونج إلى الخلف، عبر الكوة، وتلاه ألدرين، وهبطا على سلم مثبت على أرجل المركبة القمرية، فوق منصة واسعة عند قاعدة أرجل المركبة.

وأرسلت آلة تصوير تلفزيونية مثبتة بجانب المركبة القمرية صورًا مشوشة للرائدين إلى الأرض. وخطا آرمسترونج خطوته الأولى من المنصة فوق سطح القمر، وقال: "هذه خطوة واحدة صغيرة لرجل، ولكنها قفزة عملاقة للبشرية".

ولم يجد الرائدان صعوبة في التكيف مع جاذبية القمر الضعيفة. وأخذا عينات من الصخور والتربة بعد أن صورا مواقعها قبل أخذها. كذلك وضع الرائدان معدات علمية أوتوماتية على سطح القمر. وفي أثناء ذلك كان كولنز يدون ملاحظات علمية متنوعة، ويلتقط صورًا، من مركبة القيادة ـ الخدمة.

يتبع .....

و لكم جزيل الشكر .....  '<img'>

      فلكينو
(فلكى بالفطرة)

 اسف للغياب بسبب ظروف الدراسة

سبتمبر 01, 2007, 08:49:48 مساءاً
رد #2

maths

  • عضو خبير

  • *****

  • 1037
    مشاركة

  • عضو مجلس الرياضيات

    • مشاهدة الملف الشخصي
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« رد #2 في: سبتمبر 01, 2007, 08:49:48 مساءاً »
موضوع مفيد جدا

جزاك الله خيرا على كل حرف وبارك الله لك في همتك العالية

كانت هناك حقيقة معلومة بسيطة كنت أبحث عنها ووجدتها هنا. شكرا لك

سبتمبر 02, 2007, 02:22:10 صباحاً
رد #3

فلكينو

  • عضو خبير

  • *****

  • 1997
    مشاركة

  • مشرف قسم الفلك

    • مشاهدة الملف الشخصي
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« رد #3 في: سبتمبر 02, 2007, 02:22:10 صباحاً »
السلام عليكم .....

لا شكر على واجب انا من يجب ان اشكرك لان مداخلتك هذة اعطنى الحماسة لاكمل الموضوع كونوا على اتصال   '<img'>

و لكم جزيل الشكر ......  '<img'>

      فلكينو
(فلكى بالفطرة)

 اسف للغياب بسبب ظروف الدراسة

سبتمبر 05, 2007, 11:05:28 مساءاً
رد #4

فلكينو

  • عضو خبير

  • *****

  • 1997
    مشاركة

  • مشرف قسم الفلك

    • مشاهدة الملف الشخصي
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« رد #4 في: سبتمبر 05, 2007, 11:05:28 مساءاً »


العودة إلى الأرض. استخدمت مرحلة هبوط المركبة القمرية منصة إطلاق لبدء مرحلة الصعود. ولتخفيف المركبة الفضائية ترك الطاقم كل المعدات الإضافية وراءهم بما في ذلك الأحمال الظهرية وآلات التصوير، ثم انطلقت المركبة، حيث دخلت المدار، وارتبطت بمركبة القيادة ـ الخدمة التي كانت في انتظارها. وبعد الارتباط نقل الرواد العينات والأفلام إلى مركبة القيادة ـ الخدمة، وفصلوا مرحلة الصعود، ثم أداروا الصاروخ المحمول على المركبة مرة أخرى لدفع المركبة خارج المدار القمري، واتخذوا طريقهم نحو الأرض.

كانت الرحلة حول الأرض شبيهة بالرحلة نحو القمر. وسقطت المركبة على المحيط الهادئ في 24 يوليو. وبعد عودة أبولو 11 إلى الأرض، وضعت ناسا المادة القمرية، ورواد الفضاء، وكل المعدات التي تعرضت لجو القمر، في معزل. وقد طبق العزل، الذي استمر لفترة 17 يومًا بالنسبة لرواد الفضاء، لتحديد احتمال التلوث بأي جراثيم أو أي مواد ضارة أخرى من القمر، ولكن لم يعثر على أي مادة ضارة.

عمليات الهبوط الأخرى على سطح القمر. أجرى رواد أبولو ست عمليات هبوط على القمر بين عامي 1969 و1972م. وقد حملت كل بعثة أجهزة مختلفة إلى القمر، تشتمل عادة على مرسمة زلازل، وهي نبيطة تستخدم لرصد الزلازل والحركات الصغيرة الأخرى لقشرة القمر، وتسجيلها. وفي بعثات تالية، أرسل موجهو البعثات مرحلة ساتورن الصاروخية الفارغة، ومرحلة صعود المركبة القمرية، المرتبطة بها، إلى سطح القمر لإحداث موجات زلزالية. وقد أعطت هذه الموجات معلومات عن التركيب الداخلي للقمر.

ومن أهم المهام التي نيطت برواد أبولو إحضار عينات من سطح القمر للدراسة. وفي بعض الطلعات استخدم الرواد مثاقيب لجمع عينات التربة من أعماق متفاوتة حتى عمق 3 أمتار، وجمعوا حوالي 384كجم من العينات. وأطلقت بعض البعثات أقمار بحث علمي صغيرة بالقرب من القمر.

هبطت المركبة القمرية أبولو 12 بدقة على سطح القمر في 19 نوفمبر 1969م، وتمكن الرائدان تشارلز كونارد الأصغر وآلان بين من الوصول، مشيًا على الأقدام، إلى المجس الفضائي سيرفيور 3، التي كانت قد هبطت من قبل، واستعادا عينات للدراسة. وقطعت البعثة أبولو 13، التي أطلقت في أبريل 1970م، رحلتها بعد فترة وجيزة، بعد أن أدى انفجار إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مركبة القيادة ـ الخدمة، واضطر طاقمها بقيادة لوفيل إلى استخدام نظم الانقاذ الخاصة بالمركبة القمرية ليتمكنوا من العودة إلى الأرض. وهبطت أبولو 14 وعليها الرائدان ألان شبارد الأصغر وإدجار متشيل بالقرب من فوهة فرا ماورو في 5 فبراير 1971م.

وهبطت أبولو 15 بالقرب من جبال الأبناين القمرية في 30 يوليو 1971م، وأصبح الرائدان دافيد سكوت وجيمس إيروين أول رائدين يقودان عبر سطح القمر، عندما قادا مركبة تجول قمرية، تدار بالبطارية، وتسمى عادة الجوال القمري، لمسافة تزيد عن 27كم. وهبطت أبولو 16، وعليها الرائدان جون يونج وتشارلز ديوك الأصغر، على منطقة ديكارت في 20 أبريل 1972م. أما آخر بعثة قمرية، وهي أبولو 17، فقد هبطت على جبال الثور في 11 ديسمبر 1972م، وكان على متنها الرائدان يوجين سيرنان وشميث هاريسون.

أثبتت رحلات أبولو التفوق التقني الأمريكي، وانتهي السباق على القمر بانتصار أمريكي واضح. فقد وفرت هذه الرحلات معلومات علمية فريدة، كان من الصعب تجميعها باستخدام المجسات وحدها، ومكنت هذه المعلومات العلماء من دراسة أصل القمر والكواكب الداخلية في النظام الشمسي، بدرجة من الدقة لم تتحقق من قبل. وبالإضافة إلى ذلك أجبر برنامج أبولو مئات الفرق الصناعية والبحثية على تطوير أدوات وتقنيات جديدة، استخدمت فيما بعد في المهام العادية. فقد طورت إلكترونيات دقيقة، ومعدات مراقبة طبية جديدة، نتيجة برامج أبولو، وأنعش هذا التقدم الاقتصاد الأمريكي. وفوق ذلك كله، أثارت بعثات أبولو خيال الناس، وأضافت الكثير إلى معرفتهم بموقع الأرض في الكون.

المحاولات السوفييتية للوصول إلى القمر
 نفى المسؤولون في الاتحاد السوفييتي السابق رسميًا أي وجود لبرنامج سوفييتي مواز لبرنامج أبولو. وقد ظل هذا النفي الرسمي مقبولاً على نطاق واسع، في جميع أنحاء العالم، إلى أن بدأ الاتحاد السوفييتي في تسريب معلومات جديدة في الثمانينيات، تفيد بأن الحكومة السوفييتية خططت لبرنامج قمري طموح، ولكن لم يكتب له النجاح.

ويعود فشل الخطط السوفييتية الخاصة بالرحلات القمرية المأهولة، في الغالب، إلى غياب السلطة المركزية. فقد أدت المنافسة بين الفرق المختلفة المتخصصة في تصميم المركبات الفضائية ، وغيرها من المنظمات العاملة في حقل الفضاء، إلى وقف التعاون. وقد كانت المركبة السوفييتية الموازية لمركبة أبولو القيادة ـ الخدمة مركبة بشخصين محورة عن الكبسولة سويوز، وأطلق عليها اسم ل-1. وكانت المركبة السوفييتية القمرية ل-3 شبيهة بالمركبة القمرية التي طورت في الولايات المتحدة، ولكنها كانت تحمل شخصًا واحدًا. وكان المعزز السوفييتي ن1 أكبر حجمًا من ساتورن5، غير أنه كان أقل قوة بسبب استخدامه وقودًا أقل كفاءة.

وضمن برنامج تجريبي كان مقررًا أن تطير الكبسولات السوفييتية المأهولة ل-1 عبر القمر. وكان مخططًا لهذا البرنامج أن ينفذ في عامي 1966 و1967م، أي قبل أن تحاول الولايات المتحدة الهبوط على القمر. وقد أطلق السوفييت على الطلعات الاختبارية غير المأهولة اسم زوند. وتدرب ثلاثة أزواج من رواد الفضاء على البعثات القمرية.

عانت السفن القمرية السوفييتية من مشاكل خطيرة، حيث انفجر عدد من معززات المركبات ل-1، كما تعرضت المركبة ل-1 غير المأهولة لصدوع خطيرة، أدت إلى استحالة السماح لرواد الفضاء بارتيادها، واجهضت الجهود السوفييتية للوصول إلى القمر أيضًا، بسبب الفشل المستمر للمعزز العملاق ن-1. وقد أجريت أربع طلعات اختبارية سرية بين عامي 1969 و1972م، ولكن كل المركبات انفجرت.


مشروع أبولو- سويوز الاختباري. في عام 1972م، تم الاتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، على الاشتراك في أول بعثة فضائية دولية مأهولة، حيث خططا لإجراء التحام مداري بين كبسولة سويوز سوفييتية وكبسولة أبولو أمريكية. وقد بدأ مشروع أبولو- سويوز الاختباري في 15 يوليو 1975م، وفيه التحمت كبسولة أبولو بقيادة توماس ستافورد بنجاح مع كبسولة سويوز بقيادة إليكسي ليونوف.



المحطات الفضائية
المحطات الفضائية أماكن يستطيع فيها الناس أن يحيوا ويعملوا في الفضاء لفترات طويلة. وهي تدور حول الأرض عادة على ارتفاع يتراوح بين حوالي 300 و 480كم. وتؤدي المحطة الفضائية وظائف المرصد والمعمل والمصنع والورشة والمخزن ومستودع الوقود. وهي أكبر بكثير من المركبات الفضائية المأهولة، ولذا توفر راحة أكبر. وقد تنقل المركبات الفضائية المأهولة الناس بين الأرض والمحطة الفضائية، بينما تمد المركبة الفضائية غير المأهولة المحطة بالغذاء والماء والمعدات والبريد.

ويمكن بناء المحطات الفضائية الصغيرة على الأرض وإطلاقها في المدار بصواريخ كبيرة، ولكن المحطات الكبيرة تجمع عادة في الفضاء. وتحمل الصواريخ والمكوكات الفضائية قطع (أجزاء) المحطة الفضائية إلى الفضاء، حيث يقوم رواد الفضاءبتجميعها. ويمكن تغيير القطع القديمة وإضافة قطع جديدة لتوسيع المحطة.

وللمحطة الفضائية منصة التحام واحدة على الأقل لاستقبال المركبات الفضائية الزائرة. وتتكون معظم منصات الالتحام من مدخل مؤطر يسمى البويب، يتصل ببويب على المركبة الفضائية الزائرة لتكوين غلق غير منفذ للهواء، وعند فتحهما يكوِّن البويبان نفقًا مضغوطًا بين المحطة والمركبة الفضائية الزائرة.

ينطوي أهم واجبات طاقم المحطة الفضائية على إجراء البحوث العلمية. فهم على سبيل المثال، يحللون تأثيرات الجاذبية الصغرية على المواد المختلفة، أو يستقصون سطح الأرض، أو يدرسون النجوم والكواكب.

وينفق رواد المحطة الفضائية الكثير من وقتهم في تجميع المعدات وتوسيع تسهيلات المحطة. ويشمل هذا تقديم الأعمدة، وتوصيل خطوط الكهرباء والغاز، ولحم الوصلات المستديمة بين قطع المحطة. وعلى الطاقم أيضًا إصلاح المعدات التالفة أو تغييرها.

ساليوت وسكايلاب
 سيطرت البعثات الفضائية إلى القمر على البرامج الفضائية السوفييتية والأمريكية خلال الستينيات، ولكن كلتا الدولتين أنشأتا محطات فضائية بسيطة خلال تلك الفترة. وكانت هذه المحطات ذات شكل أسطواني، بمنصة التحام عند أحد الطرفين، وألواح قدرة شمسية بارزة إلى الخارج من الجانبين. واختير تصميمها بحيث تحتوي على كمية من الهواء والغذاء والماء تكفي لفترة تتراوح بين 6 و12 شهرًا. وقد حورت المركبات الفضائية المأهولة التي بنيت أساسًا للطلعات القمرية، أي أبولو الأمريكية وسويوز السوفييتية، لنقل الناس إلى المحطات الفضائية.

ساليوت. أطلق الاتحاد السوفييتي أول محطة فضائية، وهي ساليوت1، في 19 أبريل 1971م، وكانت مكونة من قطعة واحدة، بمنصة التحام واحدة. وفي 17 يونيو 1971م، تمكن ثلاثة رواد، هم جورجي دوبروفولسكي وفيكتور باتسابيف وفلاديسلاف فولكوف، من تنفيذ عملية التحام ناجحة بين مركبتهم الفضائية، سويوز 11 وساليوت 1، وقضوا 23 يومًا على متن المحطة الفضائية يدونون الملاحظات الطبية ويجرون التجارب. وفي حادث مأساوي قتل الرواد الثلاثة بسبب تسرب الهواء من المركبة الفضائية سويوز 11أثناء رحلة العودة إلى الأرض.

وفي عام 1974م استضافت ساليوت 3 بعثة لتصوير الأرض، استغرق عملها 15 يومًا، كما استقبلت ساليوت 4 بعثتين في عام 1975م، استغرقت الأخيرة منهما 63 يومًا. وفي عام 1976م، كررت ساليوت 5 المهمة التصويرية التي نفذتها ساليوت 3.

وفي عام 1977م، أطلق الاتحاد السوفييتي ساليوت 6، والتي اشتملت على منصتي التحام، منصة على كل من طرفي القطعة الرئيسية. وقد مكن هذا التصميم الجديد طاقم المحطة الفضائية من استقبال الأطقم الأخرى أو الإمداد من المركبات الأخرى. وفي يناير 1978م، جهزت مركبة سيوزـ وهي مركبة معدّلة غير مأهولة أطلق عليها اسم بروجريس (التقدم) ـ وبدأت هذه المركبة في تغذية ساليوت 6 بإمدادات متجددة ومعدات، وبذلك أصبحت أول محطة فضائية تستقبل إمدادات الوقود وغيرها. وقد أطالت هذه المقدرات أعمار المحطات الفضائية، ومكنت الأطقم من إصلاحها وتحديثها، كما أصبح بالإمكان تزويد المحطات بقطع الغيار والأجهزة الحديثة عند الحاجة. ولذلك كله امتد عمل ساليوت 6 إلى حوالي 5 سنوات، استقبلت خلالها 16 طاقمًا، قضوا حوالي 6 أشهر في المدار. وبين عامي 1982 و1986م استضافت ساليوت 7 رحلات امتدت لحوالي 8 شهور.

سكايلاب. كانت سكايلاب أول محطة فضائية أمريكية، حيث أطلقها المعزز ساتورن- 5 في المدار، في 14 مايو 1973م. وقد بني سكايلاب من المرحلة الثالثة الفارغة لإحدى صواريخ ساتورن 5، وزوِّد بقطعة غالقة للهواء ومنصة التحام وتلسكوب شمسي.

وصل الرواد بيت كونارد وجوزيف كيروين وباول ويتز إلى سكايلاب في 25 مايو. وكانت المحطة قد أصيبت بتحطم أثناء الإطلاق، نتج عنه فقدان معظم عزلها الحراري وإحدى لوحتيها الشمسيتين. وبالإضافة إلى ذلك، أدى ارتطام اللوحة الأخرى بالكتل الناتجة عن التحطم، إلى انطباقها، وبالتالي عجزها عن العمل، ولذلك اضطر الطاقم إلى العمل خارج المحطة عدة مرات لتحرير اللوحة. وقد أثبت نجاح هذه الرحلة التي استغرقت 28 يومًا أهمية وجود أناس في الفضاء يقومون بإصلاح المحطات الفضائية وصيانتها.

استقبلت سكايلاب أيضًا بعثتين أخريين. وواصل رواد البعثتين تشغيل المحطة، وأثناء ذلك، كانوا يقومون بإجراء التجارب الطبية، وتصوير الأرض، ومراقبة الشمس. وقد استمرت الرحلة الثانية لفترة 59 يومًا، بينما استمرت الرحلة الثالثة لفترة 84 يومًا.

كان المسؤولون في الولايات المتحدة يأملون في الاحتفاظ بسكايلاب في المدار لفترة أطول، لاستضافة بعثة مكوك فضائي، ولكن المحطة سقطت عن مدارها في يوليو 1979م، وتناثر حطامها فوق غربي أستراليا وفي المحيط الهندي.

مير.أطلقت المحطة الفضائية مير (السلام) في 20 فبراير 1986م، واحتوت على منصتي التحام- منصة على كل طرف- وأربعة بويبات أخرى، صممت جميعها للصق القطع المعملية، بحيث تؤدي المحطة الأم دور محور العجلة، الذي تثبت عليه القطع في شكل يشبه برامق العجلة (الأسلاك المشدودة داخل الإطار الحديدي). وقد زودت المحطة أيضًا بمعدات حديثة وألواح قدرة شمسية متطورة.

وبعد إطلاق مير، أرسل الاتحاد السوفييتي ثلاث قطع معملية إلى المدار، التحمت بالقطعة المحورية. وابتداء من عام 1987م، توالت بعثات أطقم الرواد لفترة امتدت إلى أكثر من عام. وكان كل طاقم يغادر المحطة بعد وصول الطاقم الجديد، وذلك باستثناء فترة واحدة في عام 1989م، امتدت لعدة أشهر، ظلت المحطة خلالها شاغرة.

وبعد خمس عشرة سنة من العمل قامت مير خلالها بإجراء 86,331 دورة حول الأرض أعلن الروس وفاة المحطة مير. فقد تناثرت المحطة إلى 1500 جزء على مساحة قطرها 3000كم بفعل ثلاث دفعات لعملية الإسقاط. وكان سقوطها في المحيط الهادئ عند خط الطول 150° غرباً وخط العرض 444° جنوباً عند الساعة 559 بتوقيت غرينتش يوم 23 مارس 2001م. ورغم أن المحطة كانت قادرة على إنجاز عملها الفضائي إلى أن قرار تحطيمها كان بسبب نقص الميزانية إذ فاقت نفقاتها السنوية 250 مليون دولار.

ألفا. في عام 1984م، أصدر الرئيس رونالد ريجان تفويضًا ببناء محطة فضائية دائمة كبيرة "خلال عشر سنوات"، ولكن الموعد المحدد لإكمال بناء المحطة تأخر، وازدادت تكلفة البناء عن التكلفة المقدرة، بسبب التغييرات المتعددة للتصاميم. وفي عام 1993م، وجه الرئيس بيل كلينتون وكالة ناسا لإعادة تصميم المحطة الفضائية المقترحة، والتي أطلق عليها اسم فريدم (الحرية)، وذلك لخفض التكلفة والفترة الزمنية التي يتطلبها البناء. وسوف تشارك الولايات المتحدة وكندا واليابان وروسيا ووكالة الفضاء الأوروبية في برنامج إعادة بناء المحطة الفضائية، التي تقرر بناؤها من عدة قطع مضغوطة وألواح قدرة شمسية، وغير اسمها إلى ألفا.

وستوفر الولايات المتحدة معظم الإطار الهيكلي للمحطة، بما في ذلك الجملون الرئيسي والعديد من الألواح الشمسية، كما ستوفر أيضًا قطعة معملية للأعمال العلمية، وقطعة سكنية تهيَّء المسكن لطاقم مكون من ستة أشخاص. وستوفر روسيا ثلاث قطع بحثية وقطعة خدمية توفر ضروريات الحياة العادية والأعمال المنزلية. وقد خططت روسيا أيضًا لتوفير ألواح شمسية للمحطة، بينما خططت الوكالة القومية للتنمية الفضائية باليابان ووكالة الفضاء الأوروبية لبناء قطع معملية للمحطة. وستوفر كندا ذراع روبوت، وإيطاليا قطعة مضغوطة للمحطة.

وقد تقرر أن تكون محطة ألفا الفضائية معملاً دوليًا رئيسيًا للأبحاث الفضائية. وستتطلب عملية البناء في الفضاء أكثر من 30 طلعة للمكوك الفضائي الأمريكي ومركبات الإطلاق الروسية.



المكوكات الفضائية

عمل الباحثون في مجال الطيران، خلال خمسينيات وستينيات القرن العشرين، على إنشاء طائرات صاروخية مجنحة. وكان المؤيدون لبناء الطائرات الفضائية المجنحة يرون أن مثل هذه المركبات يمكنها الهبوط على المهابط الجوية العادية. فإضافة الأجنحة إلى المركبة الفضائية يزيد وزنها، ولكن الأجنحة تجعل عملية الهبوط أسهل بكثير، وأقل تكلفة، من الهبوط على الماء، وذلك لأن الأخير يتطلب عددًا كبيرًا من السفن والطائرات، بالإضافة إلى أن الماء المالح يحطم المركبة الفضائية بدرجة تجعلها غير قابلة للإصلاح.

بدأت ناسا تصميم مكوك فضائي قابل لإعادة الاستخدام أثناء العمل على برنامج أبولو. وفي عام 1972م، وقع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون على أمر تنفيذي قضى بالبدء رسميًا في برنامج المكوك الفضائي. وقد صممت المكوكات الفضائية بحيث تقلع منفجرة مثل الصواريخ وتهبط مثل الطائرات، وبحيث يمكنها نقل ما لايقل عن 100 بعثة.

يتكون نظام المكوك الفضائي من ثلاثة أجزاء: 1- المدوِّر 2- خزان خارجي 3- معززان صاروخيان صلبان. وتضم مقدمة المدور المجنح كابينة الطاقم المضغوطة. ويحتوي ظهر المكوك الأوسط، الذي يقع تحت ظهر الإقلاع، على مقاعد إضافية وغوالق معدات ونظم الغذاء وتسهيلات النوم وحمام صغير. ويربط غالق هوائي الظهر الأوسط بحجيرة الحمل الصافي، وهي المنطقة التي توضع فيها الشحنة. ويضم ذيل المدور المحركات الرئيسية ومجموعة أصغر من المحركات تستخدم في عمليات المناورة في الفضاء.

ويتصل الخزان الخارجي بجوف المدوِّر، ويحتوي على الدواسر السائلة المستخدمة في المحركات الرئيسية. ويرتبط بجانبي الخزان معززان صاروخيان، يحتويان على الدواسر الصلبة.

وكان على مصممي المكوك الفضائي التغلب على عدد من التحديات التقنية. فقد كان مطلوبًا أن تكون المحركات الرئيسية للمكوك قابلة لإعادة الاستخدام مرات عديدة، كما احتاج المكوك نظام تحكم حاسوبي مرن ودقيق، بالإضافة إلى درع حراري من نوع جديد يمكنه مقاومة الدخول عدة مرات في الغلاف الجوي الأرضي.


بداية عصر المكوك. في عام 1977م أجرت ناسا عددًا من الطلعات الاختبارية لأول مكوك فضائي. وقد زود المكوك، الذي أطلق عليه اسم انتربرايز، بنفاث جامبو 747، معدّل، وقد حمل المدور إلى الجو وعاد به عدة مرات، وأطلقه في الجو عدة مرات. وفي الطلعات الاختبارية الحرة الأولى اختبر الرائدان فريد هايز الأصغر وجوردون فوليرتون إمكانيات هبوط المركبة، وتلت ذلك عدة طلعات اختبارية أخرى.

بدأت أول بعثة لمكوك فضائي في 12 أبريل 1981م. ففي ذلك اليوم أطلق المكوك كولومبيا، وعلى متنه الرائدان جون يونج وروبرت كريبن. ومضت الرحلة، التي استغرقت 54 يومًا، دون أي صعوبات. وبعد ذلك بسبعة أشهر قامت المركبة برحلة مدارية أخرى، مؤكدة أن المركبات الفضائية يمكن أن تستخدم مرات عديدة.

وقد حملت كل رحلة من الرحلات المكوكية الأربعة الأولى ملاحيْن فقط، ولكن عدد الطاقم ازداد بسرعة إلى أربعة، وفيما بعد إلى سبعة وثمانية، حيث اشتمل طاقم المكوك، بجانب الملاحين على اختصاصيي البعثة (خبراء تشغيل المكوك)، واختصاصيي الحمل الصافي (خبراء البحث العلمي).

وفي عام 1978م، اختارت ناسا عددًا من المهندسات والعالمات ليعملن اختصاصيات بعثات. وفي 18 يونيو 1983م، أصبحت سالي ريد أول رائدة فضاء أمريكية، عندما اختيرت ضمن طاقم المكوك تشالنجر. وأصبح جويون بلوفورد الأصغر أول أمريكي أسود يرتاد الفضاء في 30 أغسطس 1983م، كما أصبح مارك جارنو أول كندي يرتاد الفضاء في 5 أكتوبر 1984م. وفي 12 سبتمبر 1992م، أصبحت ماي جيميسون أول أمريكية سوداء ترتاد الفضاء.

وقد فتحت السعة الكبيرة لمدور مكوك الفضاء إمكانية إدخال ركاب آخرين إلى جانب الرواد والعلماء، وشمل هؤلاء الركاب ممثلي شركات الحمل الصافي وأعضاء الكونجرس الأمريكي.

وفي عام 1984م، صممت ناسا برنامج "مشاركة فضائية" خاصة، لفتح مجال ارتياد الفضاء أمام الأمريكيين، وأعلن الرئيس الأمريكي ريجان منح أول فرصة للمدرسين، على أن يتبع ذلك إعطاء الفرصة للصحفيين والفنانين وغيرهم من المهتمين برحلات الفضاء.


أنواع البعثات المكوكية. تحمل مكوكات الفضاء الأقمار الصناعية والمجسات الفضائية وغير ذلك من الأحمال الثقيلة إلى مدارات حول الأرض. وبالإضافة إلى عمليات الإطلاق، تستطيع المكوكات استعادة الأقمار الصناعية بغرض الإصلاح، حيث يقوم رواد المكوك بإصلاح المكوك الفضائي، وإعادتها مرة أخرى إلى المدار. ويستطيع طاقم المكوك أيضًا إجراء أنواع كثيرة من التجارب والملاحظات العلمية.

الأقمار التجارية  كان أول إطلاق لحمل صاف خاص بعميل، في نوفمبر 1982م، حيث أطلق المكوك كولومبيا قمرين صناعيين، بمساعدة معززات صاروخية صلبة، دفعت القمرين إلى مداريهما المحددين. وتبع ذلك إطلاق عدد من الأقمار، حيث اكتشفت ناسا أن استخدام المكوك الفضائي لإطلاق الأقمار، أكثر مرونة مما كان متوقعًا. ولكنها اكتشفت أيضًا أن الفترة الزمنية المطلوبة لإعداد المكوك الفضائي، لكل عملية إطلاق، أكبر من المتوقع، وأنها تسبب تأخيرات مكلفة أحيانًا.

البعثات العسكرية. خصص حوالي ربع البعثات المكوكية خلال الثمانينيات للأغراض العسكرية. وأرسل رواد هذه البعثات أقمار رصد خاصة إلى المدار، لاختبار الأجهزة العسكرية المتنوعة. وقد أحيطت هذه البعثات بدرجة عالية جدًا من السرية، لمنع اكتشاف قدرات هذه الأقمار، حيث لم تعلن ناسا عن مواعيد إطلاق الأقمار قبل عمليات الإطلاق، ولم تكشف أي معلومات عن الأحاديث بين رواد البعثات وأطقم القيادة الأرضية. وفي أوائل تسعينيات القرن العشرين ألغت الولايات المتحدة استخدام المكوكات في الأغراض العسكرية، واستبدلتها بالصواريخ الرخيصة الأحادية الاستعمال.

بعثات الإصلاح. يمكِّن المكوك الفضائي الرواد من استعادة الأقمار الصناعية المحطمة وإصلاحها وإعادة إطلاقها. وقد اتضحت هذه الإمكانية، لأول مرة، في أبريل 1984م، عندما أصلح رائدان من المكوك الفضائي تشالنجر قمر البعثة الشمسية القصوى، الذي كان أول مرصد شمسي أطلق في المدار. وأثبت هذا النجاح قدرات الإنسان في الفضاء وقابليته للتكيف. ومنذ ذلك التاريخ أصلح رواد الفضاء عددًا من الأقمار في الفضاء، وكانت أهم بعثات الإصلاح البعثة التي أرسلت في ديسمبر 1993م، لإصلاح تلسكوب هبل الفضائي، الذي أطلقه المكوك في المدار قبل ذلك بثلاث سنوات. وقد نجحت عملية الإصلاح التي استهدفت إبطال تأثيرات مرآة صنعت بطريقة غير صحيحة.

بعثات المعمل الفضائي. المعمل الفضائي وحدة تمكن أطقم المكوكات من إجراء مجموعة كبيرة ومتنوعة من التجارب العلمية في الفضاء. ويمثل هذا المعمل جزءًا من برنامج المكوك الفضائي لوكالة الفضاء الأوروبية، ويتكون من معمل فضائي مأهول ومنصات أخرى منفصلة تسمى الطبليات. ويتصل المعمل المضغوط بحجرة الطاقم عبر نفق، وتضم تسهيلات تمكن العلماء من إجراء تجارب في التصنيع والطب وإنتاج المواد البيولوجية وغيرها. وتحمل الطبليات الأجهزة العلمية الضخمة المستخدمة في إجراء التجارب في مجال الفلك وغيره من المجالات. ويشغل العلماء الأجهزة من المعمل أو من مدار المكوك أو من الأرض. وتتقاسم كل من وكالة الفضاء الأوروبية والولايات المتحدة تسهيلات المعمل الفضائي.

أطلقت أول بعثة من بعثات المعمل الفضائي في 28 نوفمبر 1983م، في مكوك الفضاء كولومبيا. ومنذ ذلك التاريخ حمل عدد من المكوكات المعمل الفضائى، حيث ركزت كل بعثة على إجراء البحوث في مجال علمي أو تقني معين، مثل الفلك وعلوم الحياة والجاذبية الصغرية

كارثة تشالنجر

كانت الرحلة العاشرة لمكوك الفضاء تشالنجر تمثل البعثة المكوكية الخامسة والعشرين. وقد تكون طاقم الرحلة من فرانسيس سكوبي، قائدًا للبعثة، وكريستا ماكوليفي، وهي معلمة بالمدارس العليا، وخمسة رواد آخرين هم: جريجوري جارفيس ورونالد ماكنير وأليسون أونيزوكا وجوديث ريزنيك ومايكل سميث.

فبعد تأخر توقيت الإقلاع لعدة مرات، استبعد مسؤلو ناسا المخاطر التي أشار إليها المهندسون، وأمروا بإقلاع المكوك في صباح يوم 28 يناير 1986م، رغم برودة الجو. وقد انتهت الرحلة بمأساة عندما تحطم المكوك متحولاً إلى كرة من النار، بعد 73 ثانية فقط من إقلاعه، وهو على ارتفاع 14,020مترًا، بينما كان يسير بسرعة تعادل ضعف سرعة الصوت.

والمكوك بتعبير أدق، لم ينفجر، ولكنه تحطم بسبب عدد من الأعطال التركيبية. ويبدو أن الطاقم كان قد تنبه بسرعة إلى حدوث خطأ ما، بالرغم من أن المكوك قد تحطم دون سابق إنذار تقريبًا. فقد انفصلت كابينة الطاقم عن بقية أجزاء المكوك، واندفعت في الجو، ووقعت بعد حوالي ثلاث دقائق على المحيط الأطلسي، حيث تحطمت بسبب التصادم، مؤدية بذلك إلى مقتل أفراد الطاقم السبعة.

وبسبب هذا الحادث أوقفت كل البعثات المكوكية. وحددت لجنة ـ أمر بتشكيلها الرئيس الأمريكي ريجان ـ الأسباب التي أدت إلى الحادث، والإجراءات التي يمكن أن تتخذ لمنع تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلاً، حيث أوضح تقرير اللجنة الذي صدر في يونيو 1986م، أن الحادث نتج عن تعطل الحلقات أو(O rings) في معزز المكوك الصاروخي الصلب الأيمن. ووظيفة هذه الحلقات المطاطية هي إحكام غلق المفصل بين القطاعين السفليين للمعزز. وقد أدت أخطاء في تصميم المفصل، وبرودة الطقس الشديدة أثناء الإطلاق، إلى أن تفقد هذه الحلقات خاصية الإحكام، مما أدى بدوره إلى تسرب الغازات الساخنة خارج المعزز، عبر المفصل. ونتج عن هذا اندفاع اللهب من داخل المعزز، عبر الغلق غير المحكم، مؤديًا إلى تمدد الثقب الصغير بسرعة. وبعد ذلك، أحدثت الغازات الملتهبة ثقبًا في خزان الوقود الخارجي للمكوك. وبالإضافة إلى ذلك، بترت الغازات الملتهبة إحدى القطع الداعمة، التي تثبت المعزز بالسطح الجانبي للخزان الخارجي، مما أدى إلى تخلخل المعزز وتفجيره للخزان. وأدى انفجار الخزان إلى اختلاط الدواسر مكونة كرة نارية عملاقة، في الوقت الذي تمزقت فيه المركبة إلى قطع بفعل العطل التركيبي.

وقد خلصت اللجنة إلى أن قرار ناسا بإطلاق المكوك كان خاطئًا، حيث لم ينبه صانعو القرار إلى المشاكل الخاصة بالمفاصل والحلقات أو، ولم يخطروا أيضًا بالتأثيرات المدمرة للطقس البارد.

ولتفادي مثل هذه الحوادث مستقبلاً أدخل مصممو المكوك عدة تعديلات تقنية، منها تطوير تصميم الحلقات أو، وإضافة نظام لتحرير الطاقم. وهو نظام لايعمل في كل الحالات، ولكنه مفيد في إنقاذ حياة أفراد الطاقم في بعض الحالات. وشملت التغييرات الإجرائية مواصفات أمان أكثر صرامة، وشروط إطلاق أكثر تقييدًا. ولم تكن كارثة تشالنجر صدمة لناسا وحدها، بل لكل مَنْ وقر في ذهنه أن رحلات الفضاء رحلات عادية. فعلى مدى 15 عامًا من تاريخ الرحلات الفضائية المأهولة، حتى عام 1986م، حملت المركبات الفضائية الأمريكية والسوفييتية أكثر من 100 رائد فضاء وفلكي إلى الفضاء. ولم تحدث قبل هذه الكارثة سوى تسع حالات وفاة، سواء في الفضاء أو أثناء الهبوط أو الاختبارات الأرضية.

إلى الفضاء مرة أخرى. بدأت رحلات المكوكات الفضائية مرة أخرى في 29 سبتمبر 1988م، عندما أنطلق المكوك الفضائي، المطور التصميم، ديسكفري. وكانت المهمة الأساسية للبعثة، التي تكونت من خمسة أفراد، وضع قمر اتصالات في مداره. وفي السنوات التالية لهذه الرحلة، أرسل عدد من البعثات المكوكية، التي تأخر إطلاق كل منها لفترات طويلة. وأطلق رواد المكوكات عددًا من المجسات الفضائية غير المأهولة مثل جاليليو وماجلان ويوليسيس، ووضعوا عددًا من الأقمار البحثية الضخمة، مثل تلسكوب هبل الفضائي، ومرصد كومبتون لأشعة جاما، وقمر أبحاث الغلاف الجوي العلوي، في المدار، كما أطلقوا أيضًا أقمار اتصالات وأقمارًا عسكرية. وأجرت بعثات المعمل الفضائي البحثية دراسات في الفلك وطب الفضاء. وقد وضع المسؤولون برنامج إطلاق أقل طموحًا، مما أدى إلى تقليل التأخيرات.

طورت ناسا أيضًا أسطول المكوكات، حيث زُودت المكوكات بحواسيب جديدة وأجهزة إعاشة متطورة. وأصبح التحكم في الهبوط أسهل بفضل تزويد المكوكات ببراشوتات سحب وكوابح متطورة، كما طور نظام التوجيه الذاتي المحوسب.


المكوك الفضائي السوفييتي. بينما كانت ناسا تصارع لاستعادة طلعاتها المكوكية، كان السوفييت يعدون مكوكهم الفضائي بسرية عالية. وكان المكوك السوفييتي بوران (العاصفة الثلجية) شبيهًا بالمكوك الأمريكي. وقد بدأ السوفييت بالنموذج الأمريكي، ولكنهم أضافوا تحويرات عديدة، حيث حركوا ترس الهبوط الأمامي، على سبيل المثال، إلى موقع أكثر أمانًا، وزودوا المكوك ببراشوت كابح. واستخدمت صواريخ المناورة السوفييتية نوعًا مختلفًا من الوقود، كما استخدمت المكوكات السوفييتية معززات قابلة لإعادة الاستخدام، ولم تكن لها محركات رئيسية للتعويض.

صمم السوفييت معززًا ثقيلاً سموه إنرجيا، لحمل المكوك وغيره من المركبات الفضائية إلى المدار، وانطلق المعزز لأول مرة في 15مايو 1987م. وفي 15 نوفمبر 1988م، حمل صاروخ إنرجيا آخر بوران إلى المدار. وقد زودت الرحلتان بنظام توجيه ذاتي. وهبط بوران على مدرج في ساحة بيكونور الكونية (تسمى الآن ساحة تايوراتام الكونية) في كازاخستان، التي كانت آنذاك جزءًا من الاتحاد السوفييتي. ولم يشتمل مكوك بوران الأول على أجهزة إعاشة، ولكن السوفييت شيدوا مكوكًا آخر بعد أن دربوا الرواد السوفييت على الرحلات المأهولة. ولكن نقص الموارد المالية بعد عام 1989م، أدى إلى تأخير كثير في تطوير برنامج بوروان. وفي عام 1993م توقف العمل على البرامج المكوكية

دول أخرى في الفضاء

طور عدد من الدول برامج صاروخية وفضائية، في الفترة الممتدة بين ستينيات وثمانينيات القرن العشرين. وكانت هذه البرامج صغيرة بالمقارنة ببرامج الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ولكنها أضافت إسهامات مهمة إلى الكشوف الفضائية.

الدول الأوروبية. بنت عدة دول أوروبية معززات لإطلاق الأقمار البحثية الصغيرة. وفي عام 1965م، أصبحت فرنسا أول دولة أوروبية تطلق قمرًا، وأرسلت المملكة المتحدة قمرًا آخر إلى المدار عام 1971م.

وفي عام 1975م، تأسست وكالة الفضاء الأوروبية. وتضم هذه الوكالة 14 دولة من دول أوروبا الغربية، تساهم كل منها بنصيبها من الموارد المالية والعلمية لبناء المركبات الفضائية وصناعة الأجهزة وإجراء التجارب. وقد أشرفت الوكالة على بناء المعمل الفضائي، وأطلقت مجس الفضاء جيوتو إلى مذنب هالي، وبنت المجس الشمسي يوليسيس. وأنشأت الوكالة أيضًا معزز أريان الصاروخي لإطلاق أقمار الاتصالات، لمن يريد من العملاء. وقد انطلقت مركبة وكالة الفضاء الأوروبية من كورو في غيانا الفرنسية، على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية. انظر: وكالة الفضاء الأوروبية.

وبجانب نشاطاتها عضوًا في وكالة الفضاء الأوروبية، بنت ألمانيا منفردة مجسين شمسيين، أطلقت عليهما اسم هيليوس، حيث انطلق أحد المجسين في عام 1974م، والآخر في عام 1976م. وقد طار هذان المجسان على بعد 45 مليون كم عن الشمس، وهي أقرب مسافة للشمس يطير عندها مجس.

وفي 18 مايو 1991م، شاركت رائدة الفضاء البريطانية هيلين شارمان في بعثة فضائية روسية، وأصبحت بذلك أول بريطانية تجتاز الفضاء. وفي 24 مايو 1992م، شارك مايكل فولي في بعثة مكوكية أمريكية، وأصبح بذلك أول شخص مولود في بريطانيا يجتاز الفضاء.


اليابان. أصبحت رابع دولة تساهم في رحلات الفضاء، عندما أطلقت قمرًا في فبراير 1970م. وقد كثفت اليابان نشاطها في مجال أبحاث الفضاء في ثمانينيات القرن العشرين. ففي عام 1985م، أطلقت مجسين في اتجاه مذنب هالي. وتبنت برنامجين منفصلين نتج عنهما إنشاء مجموعة صغيرة وفعالة من المعززات الفضائية. وبالإضافة إلى ذلك، أصبح الصاروخ هـ -1 (H-1) ـ وهو معزز متوسط الحجم ـ يستخدم الهيدروجين السائل وقودًا، جاهزًا للتشغيل. وفي عام 1990م، أطلقت اليابان مجسًا قمريًا.

ترسل اليابان أقمارًا بحثية صغيرة إلى المدار من مركز كاجوشيما الفضائي، في جزيرة تاينجا، على بعد حوالي 95كم إلى الجنوب. ويجري الآن العمل على تطوير قطعة معملية لمحطة ألفا الفضائية الدولية.


الصين. في أبريل 1970م أطلقت الصين أول قمر لها في الفضاء على متن مركبة الإطلاق CZ-1. وفي الثمانينيات طورت الصين تقنية فضائية متميزة شملت محركات الهيدروجين السائل، وصواريخ طويلة المدى، وأقمارًا قابلة للاستعادة. وللصين ثلاثة مواقع لإطلاق الأقمار هي جيوكوان وتيوان وزيشانج.


الهند. أطلقت قمرًا إلى المدار لأول مرة في يوليو 1980م. وتبني المنظمة الهندية لأبحاث الفضاء المعززات، حيث تطلق الهند الصواريخ من جزيرة سريهاريكوتا، على مسافة من الساحل الشرقي.


كندا. لكندا برنامج بحث فضائي نشط وبرنامج قمر اتصالات. وقد شاركت في برنامج المكوك الفضائي الأمريكي بتصميم وبناء ذراع روبوت للمكوك. وتبني كندا الآن ذراع ربوت أكبر للمحطة الفضائية ألفا.


دول أخرى. أرسلت إسرائيل أول أقمارها إلى المدار في عام 1988م. وأطلقت أستراليا صواريخ أمريكية محورة من ووميرا، في وسط أستراليا، كما أطلقت إيطاليا أيضًا صواريخ أمريكية من منصة سان ماركو في المحيط الهندي، قبالة الساحل الكيني. كذلك أرسلت دول عديدة، منها البرازيل والسويد وجنوب إفريقيا، صواريخ سبر علمية إلى الفضاء.



خطط المستقبل

تدعو خطط الاستكشاف الفضائي إلى توسيع النشاطات في الفضاء. وسوف يجري الإعداد أيضًا لتأسيس قاعدة على القمر، وتنفيذ رحلات إلى المريخ. وربما تنفذ مثل هذه المشاريع بمشاركة دولية.

تطوير مركبات فضائية أقوى. يعمل العديد من الدول على إنشاء مركبة تسمى الطائرة الفضائية الجوية. وعلى نقيض المكوك، الذي يتطلب معززات تدفعه إلى الفضاء، وتنفصل عنه بعد ذلك، تستطيع الطائرة الفضائية الجوية أن تدفع نفسها في كل من الفضاء والجو. وبإمكانها التحليق من مطار مثل الطائرة، والاندفاع في المدار، دون إلقاء أي مراحل أو خزانات، والهبوط في مطار. ويمكن إطلاق الطائرة الجوية الفضائية أيضًا من حاملة طائرات.

وسوف يختبر المهندسون أيضًا تقنيات جديدة لتصميم وبناء مركبات فضائية أقوى. وتشمل هذه التقنيات نظم الدفع المتطورة، مثل المحركات ذات الكفاءة العالية. وبإمكان الصواريخ النووية الاندفاع بقوة تساوي ضعف قوة الصواريخ العادية، من نفس كمية الداسر، مما يمكن المركبة من الوصول لمسافات أكبر، بوقود أقل. ويفكر بعض العلماء في إمكانية اندفاع المركبات الفضائية، بعد سنوات عديدة، بفعل تفاعلات بين المادة وشكل من أشكال المادة المضادة، أي المادة التي تتكون من الجسيمات الذرية المغيرة الشحنة.

وسوف تستمر المجسات الغير مأهولة في استكشاف الكواكب البعيدة والفضاء بين النجمي. وقد تشتمل نظم الإعاشة المتطورة للمسافرين على الرحلات الفضائية الطويلة، نظمًا بيولوجية مثل البيوت المحمية والمعالجات الكيميائية لإعادة تصنيع النفايات.

توسيع النشاطات الفضائية. ظل تصنيع المنتجات في الفضاء أحد أهداف مخططي البرامج الفضائية منذ أمد بعيد. ويأمل العلماء أن يؤدي تطبيق بعض العمليات الصناعية الجديدة إلى تصنيع منتجات في الفضاء تكون أنقى أو أقل تكلفة أو أكثر متانة من تلك التي تصنع في الأرض. وتشمل هذه المنتجات أشباه الموصلات والأدوية وسبائك بعض الفلزات.

ويرى بعض منظري الفضاء أن أقمار القدرة الكهربائية الضخمة يمكنها تسليط طاقة نقية إلى الأرض. وحتى المرآة العادية الضخمة تستطيع أن تعكس ضوء الشمس إلى الأرض، والذي يمكن أن يستفاد منه في توليد الإنارة، وربما القدرة. ففي عام 1993م، استخدمت روسيا مرآة ضخمة في مدار الأرض، لإضاءة الجانب المظلم منه. وبإمكان هذا العاكس البلاستيكي المغطى بالألومينيوم، والبالغ قطره 20 مترًا، تسليط شعاع منعكس عن الشمس يغطي مساحة يبلغ قطرها 4كم.

ويجري العلماء تجارب على تقنية فضائية جديدة واعدة، تنطوي على استخدام كوابل قوية ورقيقة تسمى المرابط الفضائية. فبإمكان المربط البالغ طوله 125كم التوصيل بين مركبتين فضائيتين دائرتين، ويمكن أن تتولد عن حركة المركبتين قوى مفيدة، يمكن تقويتها أكثر بأرجحة إحدى المركبتين. ويمكن أن يولد مربط مغطى بمادة موصلة للتيار الكهربائي طاقة أثناء مرورها عبر المجال المغنطيسي للأرض، حيث يعمل المربط والمجال المغنطيسي مثل المولد، منتجين كهرباء بالعملية المسماة الحث الكهرومغنطيسي. ويمكن أن توفر هذه الطاقة القدرة اللازمة لتشغيل محطة فضائية. وبإمكان المركبة الفضائية المربوطة أيضًا نقل الأحمال الصافية بين مركبة فضائية ومحطة فضائية.

ومنذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين، عملت وزارة الدفاع الأمريكية على تطوير نظم دفاعية فضائية مضادة للقذائف النووية. ويسمى هذا المشروع مبادرة الدفاع الاستراتيجي، كما أطلق عليه أيضًا اسم "حرب النجوم". وبإمكان مبادرة الدفاع الاستراتيجي استخدام الأسلحة المحمولة على الأقمار الصناعية، لتدمير القذائف المهاجمة أثناء طيرانها. وينطوي العديد من تجارب البرنامج على إدخال تطويرات على الدفع الفضائي أو القدرة الفضائية. انظر: مبادرة الدفاع الاستراتيجي.

وربما كان كشف الكويكبات التي تهدد بالاصطدام بالأرض أهم نشاط فضائي ذي مردود مجز على البشرية، حيث يمكن إطلاق مركبة فضائية محملة بالمتفجرات، وتفجيرها بالقرب من مثل هذه الكويكبات، لطردها بعيدًا عن الأرض.

ويمكن تطوير تقنيات حماية متقدمة لتمكين المجسات ـ والناس فيما بعد ـ من التوغل أكثر داخل الأحزمة الإشعاعية أو الدنو أكثر من الشمس. وتدعو الخطط أيضًا لبذل المزيد من الجهود للتعرف على الكائنات الذكية الأخرى في الكون. فربما تكون هناك حضارات أخرى في الكون، تصلنا الآن منها إشارات ينبغي على الإنسان التعرف عليها. والفشل في كشف مثل هذه الإشارات، بعد سنوات من البحث، ربما يكون في حد ذاته مهمًا.


تأسيس قاعدة على القمر. يدعو برنامج ناسا الرسمي لاستكشاف الفضاء إلى إنشاء قاعدة على القمر، في أوائل القرن الحادي والعشرين. ويعتقد العديد من مخططي الفضاء أن إنشاء قاعدة على القمر خطوة مهمة في اتجاه إنشاء قاعدة على المريخ. وقد يدرس العلماء أيضًا إمكانية الحصول على الموارد القيمة، مثل الأكسجين والفلزات، من القمر.

إرسال الناس إلى المريخ. ربما يكون إرسال الناس إلى المريخ الخطوة العملاقة التالية في استكشاف الفضاء. وقد تحدث هذه الرحلة في أوائل القرن الحادي والعشرين. وتستغرق الرحلة بين المريخ والأرض، ذهابًا وإيابًا، حوالي عامين، ولذا فإن السفينة الفضائية ينبغي أن تكون من الكبر بحيث يمكنها حمل مايكفي من ضروريات الحياة مثل الوقود والغذاء وغيرهما من الموارد، وتوفير حيز مناسب لسكن الطاقم.

ولأن كلاً من الأرض والمريخ يدوران حول الشمس، فإن موقع كل منهما بالنسبة إلى الآخر يتغير بشدة. فالكوكبان يصطفان لتكوين أقرب مسافة بينهما، بحيث تكون تكلفة الرحلة بينهما أقل ما يمكن، لأسابيع قليلة فقط كل 26 شهرًا. وتسمى هذه الفترة التي يجب أن تبدأ خلالها الرحلات نافذة الإطلاق.

والوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى القمر لأنه يشتمل على غلاف جوي. وبإمكان السفينة الفضائية الانزلاق على الغلاف الجوي العلوي، أو إطلاق صواريخ، لتقليل سرعتها، والدخول في مدار حول المريخ. ومن المدار يستطيع الرواد استكشاف قمري المريخ: فديوس وديموس. وقد يكون هذان القمران كويكبين مأسورين، ولذا فهما يقعان ضمن دائرة اهتمام خاص لدى العلماء. وقد تؤسس الرحلات المأهولة الأولى قاعدة على فوبوس. ويعتقد بعض العلماء أن فوبوس ربما يحتوي على معادن أو ثلج، يمكن تحويلها إلى وقود للصواريخ.

وفيما يلي تفسير للكيفية التي يمكن بها أن يهبط الرواد على المريخ، ويجروا تجاربهم، ويعودوا مرة أخرى إلى الأرض. فللهبوط على المريخ، تنفصل مركبة هبوط صغيرة عن سفينة الفضاء الرئيسية، أثناء دورانها حول الكوكب. وتدفع صواريخ مركبة الهبوط في اتجاه الغلاف الجوي، الذي سيوفر معظم الكبح. وتوجه صواريخ وبراشوت كبير المركبة إلى موقع آمن على سطح المريخ.

وتطمح الرحلات المريخية إلى تحقيق عدد من الأهداف العلمية. فقد تساعد دراسة سطح المريخ، على سبيل المثال، العلماء على توقع التغييرات المناخية على الأرض. ويستطيع العلماء أخذ عينات من أعماق مختلفة من تربة المريخ وقطبيه بغرض الدراسة. وقد توفر جيولوجية المريخ معلومات عن تاريخ النظام الشمسي. وسوف يستمر البحث عن وجود حياة، أو بقايا أحفورية لأشكال حياة منقرضة، على سطح الكوكب.

ويشبه الإقلاع من المريخ، إلى حد كبير، الإقلاع من القمر. فبإمكان مركبة الهبوط المريخية، الارتباط في الفضاء بالسفينة الفضائية الرئيسية، من أجل العودة إلى الأرض. وقد تؤسس قواعد دائمة على فوبوس أو المريخ، بعد نجاح الرحلات الأولى مباشرة.

ومناخ الأرض أقرب إلى مناخ المريخ من مناخ أي كوكب آخر. وإذا ما توفر المزيد من الهواء أو الدفء، يمكن أن يشبه مناخ المريخ مناخ الأرض إلى حد كبير. وقد يصبح في مقدور المهندسين في القرون القادمة تدفئة سطح المريخ باستخدام مرايا شمسية ضخمة. وقد يجلبون مواد من الحزام الكويكبي لتكثيف الهواء. وبمرور الزمن يمكن أن يتغير مناخ المريخ، بحيث يصبح في مقدور البشر الحياة عليه، دون استخدام نظم داعمة للحياة، وتسمى هذه العملية تكوين اليابسة.

ويتخيل بعض الناس مجيء الزمن الذي يعيش فيه الناس في الفضاء، ويعملون فيه. ويتنبأون بأن يأتي زمن يولد فيه بعض الناس في الفضاء، ويعيشون ويموتون هناك، دون أن تطأ أقدامهم الأرض. ويعتقدون أن المستعمرات الفضائية الدائرة، أو الكواكب المحورة، يمكن أن توفر المأوى لملايين الناس. وفي المستقبل البعيد، يمكن أن يأتي اليوم الذي يكون فيه عدد البشر في الفضاء أكثر من عددهم على الأرض.

انتهى.

و لكم جزيل الشكر .....  '<img'>

      فلكينو
(فلكى بالفطرة)

 اسف للغياب بسبب ظروف الدراسة

سبتمبر 06, 2007, 06:29:27 مساءاً
رد #5

TITAN

  • عضو خبير

  • *****

  • 1203
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
    • http://astronomy-space.ahlamontada.com/index.htm
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« رد #5 في: سبتمبر 06, 2007, 06:29:27 مساءاً »
مشالله موضوع رائع

ولكن لدي سؤال أغلب الرحلات للفضاء هل أنفجرت المركبات أم لا لأني شاهدت الكثير من إنفجار مكوك الفضاء على التلفاز  '<img'>  '<img'>
الفلك
     علم لا يستهان به
العلم                    
      عقلي و معرفتي
الفلك
      فكري و إهتمامي

تحياتي لكم '<img'>
TITAN
 ':eee:'
 ':010:'

سبتمبر 06, 2007, 09:59:11 مساءاً
رد #6

فلكينو

  • عضو خبير

  • *****

  • 1997
    مشاركة

  • مشرف قسم الفلك

    • مشاهدة الملف الشخصي
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« رد #6 في: سبتمبر 06, 2007, 09:59:11 مساءاً »
السلام عليكم ....

QUOTE
ولكن لدي سؤال أغلب الرحلات للفضاء هل أنفجرت المركبات أم لا لأني شاهدت الكثير من إنفجار مكوك الفضاء على التلفاز  


الحقيقة انا لم افهم السؤال اوى بس هاجاوب حسب طريقة فهمى للسؤال :

الصواريخ الت تراها فى التلفاز تنفجر , تنفجر جراء عطل فنى من تسرب للوقود او انفصال احد قطع المكوك او او او ...... و ما تراه هو نتيجة طبيعية لاى تسرب للوقود او عيب فنى يؤدى الى الاحتراق .

و لكم جزيل الشكر .....  '<img'>

      فلكينو
(فلكى بالفطرة)

 اسف للغياب بسبب ظروف الدراسة

سبتمبر 06, 2007, 11:55:26 مساءاً
رد #7

TITAN

  • عضو خبير

  • *****

  • 1203
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
    • http://astronomy-space.ahlamontada.com/index.htm
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« رد #7 في: سبتمبر 06, 2007, 11:55:26 مساءاً »
جوابك بالنص النص الأول قلتوا والثامي هو الصواريخ أكثرها تنفجر ولا تنجح مهمتها  '<img'>
الفلك
     علم لا يستهان به
العلم                    
      عقلي و معرفتي
الفلك
      فكري و إهتمامي

تحياتي لكم '<img'>
TITAN
 ':eee:'
 ':010:'

سبتمبر 07, 2007, 03:44:11 صباحاً
رد #8

فلكينو

  • عضو خبير

  • *****

  • 1997
    مشاركة

  • مشرف قسم الفلك

    • مشاهدة الملف الشخصي
موسوعة: رحلات الفضاء من الألف الى الياء
« رد #8 في: سبتمبر 07, 2007, 03:44:11 صباحاً »
السلام عليكم ....

QUOTE
جوابك بالنص النص الأول قلتوا والثامي هو الصواريخ أكثرها تنفجر ولا تنجح مهمتها  


ممكن تكلمنى باللغة العربية الفصحة لانى جاهل الى لغة اهل السعودية و الشام   ':blush:'

و لكم جزيل الشكر .....  '<img'>

      فلكينو
(فلكى بالفطرة)

 اسف للغياب بسبب ظروف الدراسة