نشرت صحيفة المدينة المنورة السعودية في عددها الصادر يوم امس الخميس 11 اكتوبر 2007 للدكتور حسن باصرة رئيس قسم علوم الفلك والفضاء بجامعة الملك عبدالعزيز يوضح فيه عدم امكانية رؤية هلال شهر شوال مساء يوم امس الخميس 11 اكتوبر في بلادنا العربية من المحيط إلى الخليج.
وان عيد الفطر 1428هـ سيكون يوم السبت. وأشار إلى أن موضوع الغروب والشروق يعتمد على كيفية تحرك الأجرام السماوية في الفضاء وأن أنواع الحركات التي أودعها المولى عز وجل في الأجرام السماوية في شتى الأشكال، فعلى سبيل المثال نجد أن للشمس حركة ظاهرية تتضح من شروقها إلى غروبها، والتي تكون ناتجة عن دوران الأرض على محورها، وهذا ما ينطبق على جميع الأجرام السماوية في شروقها وغروبها بشكل دوري ومنتظم.
وهنالك حركة يومية تتجلى في تغير مواقع شروق وغروب الشمس على الأفق حول نقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين «اللتين تبعدان تماما 90 درجة عن نقطتي الشمال والجنوب» فخلال الربيع والصيف تكون مواقع الشروق والغروب للشمس شمال نقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين، وخلال الخريف والشتاء تكون جنوبهما.
وعن القمر قال: إن القمر من الأجرام التي تتضح فيها الحركة الساعية واليومية وهو أقرب الأجرام إلى الأرض والتابع لها، فمن حركاته اليومية تأخره اليومي في الغروب. وهذا التأخر ناتج عن حركته الذاتية حول الأرض باتجاه الشرق، فبعد أن كان غروبه بعد الشمس بأقل من ساعتين في ثاني ليلة من الشهر القمري فإنه يغرب بدرا مع شروقها، ويُسمى هذا التراجع نحو الشرق - الحركة التقهقرية. ونتيجة للحركة التقهقرية للقمر تظهر لنا أطواره المختلفة من هلال وتحدب واكتمال بهيئة البدر إلى أن يعود كالعرجون القديم هلالا لآخر الشهر، ثم يحدث اجتماعه مع الشمس - الاقتران - ويكونا على مستوى واحد أي على خط طولي واحد، وبعد هذا يبدأ الانفصال بينهما وذلك لاستمرارية حركته التقهقرية، وعندما يصل الانفصال مرحلة تُمَكِّن أشعة الشمس من الانعكاس عن سطحه باتجاه الأرض تبدأ سمات الهلال الذي يُتطلب ترائيه للإعلان عن بداية شهر قمري جديد.
كما أشار إلى أنه مادامت الحركات الظاهرية من الشروق إلى الغروب لكل الإجرام السماوية ناتجة عن دوران الأرض حول محورها فإن البديهة تحتم أنه إذا كان شروق الشمس والقمر معا أن يكون غروبهما معا كذلك، وإذا كان شروق أحدهما قبل الآخر فإنه يغرب أولا.
فإذا أضفنا الحركة التقهقرية للقمر نحو الشرق فإنه يتحتم إذا اتفق شروقه مع الشمس فإنه يتأخر ويكون غروبه بعد الشمس. وكذلك إذا حدث الاقتران قبل الشروق فإن الشمس ستشرق أولا وإذا لم يحدث الاقتران قبل الشروق فسيكون شروق القمر أولا.
وحول الاستفسار عن هذا الوضع ثابت لا يتغير أم أن هنالك عوامل أخرى لها تأثيرات تغيّر هذه الكيفية بهذا أفاد الدكتور بأن هذه الأوضاع تنطبق بكل تفاصيلها في الأماكن الواقعة على خط الاستواء خط عرض «صفر» والتي يكون فيها شروق وغروب جميع الأجرام السماوية ومنها القمر والشمس بشكل عمودي تماما على الأفق مهما تغيرت مواقع الشروق والغروب خلال الفصول حول نقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين، أي أن المسار اليومي ينقسم نصفين بالتمام 180 درجة فوق الأفق ومثلها تحته وبالتالي فإن طول النهار مساوٍ لطول الليل مهما تغيرت مواقع الشروق والغرب باختلاف الفصول. ولهذا سُمي بخط الاستواء.
وبالنسبة للأماكن البعيدة عن خط الاستواء فقد وضح أن الأمر سيختلف فأشار إلى أنه عند خطوط العرض الأخرى فإن الأمر سيختلف والسبب أن مسارات الشروق والغروب تميل على الأفق، وهو ما نلاحظه أثناء شروق الشمس وغروبها حيث يكون الشروق بميل يكافئ قيمة خط العرض وكلما اتجهنا شمالا كلما ازداد ميل المسارات وذلك لازدياد قيمة خط العرض.
وينتج عن هذا الميل أن طول المسار الذي فوق الأفق لن يتساوى مع ما يكمله تحت الأفق - مجموعهما 360 درجة - إلا إذا كان المسار يمر بنقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين. فالمسار الذي يقع شمال نقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين يكون جزؤه الذي فوق الأفق أطول من الذي تحت الأفق والعكس يكون للمسار الذي جنوب نقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين. فمسار الشمس خلال الصيف يكون شماليا لذا فإن الجزء الذي فوق الأفق «قوس النهار» أكبر من الجزء الذي تحت الأفق - قوس الليل - ، وهذا يتضح في زيادة عدد ساعات النهار، وفي الشتاء يكون المسار اليومي جنوبيا لذا فإن قوس النهار أصغر من قوس الليل وهذا ما يتضح في زيادة عدد ساعات الليل شتاءً. فعند مقارنة أي مسارين، فالجزء الذي فوق الأفق للجنوبي منهما يكون أقصر دائما.
وفي حالة مقارنة أي الجرمين الشمس والقمر يغرب قبل الآخر ما الذي يجب أخذه في الاعتبار وما هم الوضع لهلال شوال 1428هـ يقول الدكتور: في حالة مقارنة غروب الشمس والقمر وأيهما يغرب قبل الآخر فلابد من الأخذ في الاعتبار معرفة خط العرض ومن يشرق أولا، وموقع مسار كلٍ منهما بالنسبة للآخر، ومعرفة وقت حدوث الاقتران. أما بالنسبة لهلال شوال فسيكون مسار هلاله جنوبيا «داخليا» بالنسبة للشمس فبالنسبة لمكة المكرمة فإن شروق القمر والشمس سيكون بإذن الله معا واتجاه الشروق مائل بما يكافئ خط عرض مكة المكرمة، وفي تلك اللحظة يكون خط طول القمر متقدما عن الشمس وكنتيجة لحركته التقهقرية فإنه يقترن بالشمس بعد الشروق بساعتين ويكونان على خط طول واحد.
ثم يستمر القمر في التقهقر في الطول إلى حين لحظة الغروب فيكون قد تخلف عن الشمس لذا فإنه سيتأخر في غروبه عن الشمس في الأماكن الواقعة على خط الاستواء (انظر الشكل 4)، أما في مكة المكرمة فبسبب ميل مساراتهما على الأفق فإن القمر سيغرب قبل الشمس.
أما عن بقية البلاد العربية في شمال إفريقية والخليج فقد نوه الدكتور باصرة: إذا طبقنا بنفس الحقائق التي ذُكرت أعلاه نجد أنه كلما اتجهنا شمالا ازداد تأخر غروب الشمس عن غروب القمر، وذلك لازدياد ميل مسارات الشروق والغروب على أفق كل مكان حسب خط عرضه. لذا ففي بلادنا العربية من المحيط إلى الخليج لن يكون هنالك إمكانية لرؤية الهلال بعد غروب شمس الخميس مما يشير إلى أن عيد الفطر 1428هـ سيكون بإذن الله يوم السبت. وفيما يختص بالبلاد الواقعة جنوب خط الاستواء إذا انتقلنا إلى النصف الجنوبي من الكرة الأرضية فإن الأوضاع التي ذكرناها أعلاه تنعكس تماما، فالمسار الداخلي سيصبح خارجيا والجرم الذي يغرب أولا في النصف الشمالي سيغرب ثانيا في النصف الجنوبي.
وعلى سبيل المثال فلو أخذنا مدينة جوهانسبرج - جنوب إفريقيا - نجد أن القمر يوم 29 رمضان 1428هـ يسبق الشمس بالشروق لكنه بنفس التقدم في خط الطول عن الشمس ومسار القمر خارجي لذا فما يقطع فوق الأفق أطول مما تقطعه الشمس فوق الأفق وعليه فإن غروبه سيتأخر بعد الشمس بحوالى 23 دقيقة، ، ويكون ارتفاعه عند غروب الشمس يقل عن خمس درجات وفي رؤيته شي من الصعوبة.