السلام عليكم
المقطع التالي جزء من مقالة:
Coping with Math Anxiety: التغلب على القلق من الرياضيات، التي حازت على تقدير عالمي منذ نشرها عام 1997 .
الأسباب اجتماعية والبيئة التربوية

تخيل أنك في حفلة عشاء، تجلس مع عدد كبير من الناس على طاولة كبيرة. وفي أثناء المحادثة قال الشخص الجالس مقابلك ضاحكا: "بالطبع أنا أميّ....!" ماذا ستقول؟ هل ستضحك معه وتقرّ بأنك أنت الآخر لم تتعلم القراءة؟ هل تتوقع أن آخرين من على الطاولة سيفعلون كذلك؟
الآن تخيل نفس المشهد، ولكن هنا الضيف المقابل لك على الطاولة يقول: " بالطبع، لم أكن أبدا جيدا في الرياضيات...!" ماذا يحدث هذه المرة؟ بطبيعة الحال، لك أن تتوقع أن يقاطع الآخرين زميلك هذا مدعين بابتهاج أنهم كذلك" لم يكونوا جيدين في الرياضيات". وتكون الرسالة الضمنية هنا أنه ليس هناك ثمة شخص "عادي" و"جيد في الرياضيات".
والحقيقة هي أن الرياضيات له سمعة "ملطخة" في مجتمعنا. ومن المسلم به على نحو شائع أن الرياضيات صعب، غامض، وممتع " فقط لأشخاص معينين". والنتيجة في كثير من الدول التي تتحدث بالانجليزية وخاصة الولايات المتحدة هي أن دراسة الرياضيات تحمل معها سمة مميزة، وأن الأشخاص الموهوبين في الرياضيات، أو الذين يصرحون بالاستمتاع به، يُعتبرون وكأنهم ليسوا أسوياء تماما.
وبشكل ينذر بالخطر، كثير من المعلمين- حتى معلمي الرياضيات- يوصلون هذا الموقف إلى طلابهم بطريق مباشرة أو غير مباشر، بحيث يتعرض هؤلاء الناشئة إلى نزعة ضد الرياضيات في سن الانطباع.
وتكون مفاجأة لكثير من الناس عندما يكتشفون أن مجتمعات أخرى لا تشاركهم هذا الموقف. ففي الثقافة الروسية أو الألمانية، مثلا، يُنظر إلى الرياضيات كجزء أساسي من المعرفة الأساسية كالكتابة والقراءة، وأن الانسان المثقف سيكون مغموما لأن يقر بجهله لأساسيات الرياضيات.
لقد تفاقم موقفنا المعادي تجاه الرياضيات بشكل كبير خاصة مع الطريقة التي درّس بها منذ بداية القرن العشرين. ونحو ما يقارب سبعين سنة، اعتمدت طرق التدريس على نموذج يشدد على التعليم بالروتينّ، بالحفظ والتكرار. وبالنسبة للرياضيات هذا يعني أن نوع معين من المسائل يقدم، مع طريقة للحل، وهذه يتم التمرن عليها كثيرا حتى التضلع فيها بشكل كاف.
بعد ذلك يُدفع الطالب إلى النوع الآخر من المسائل مع طريقة حلها.. وهكذا. أما ما وراء طرق الحل هذه من أفكار ومفاهيم، فقد اعتٌبرت كعرض ثانوي، أو أنها تهمل في أغلب الأحيان. لقد شبه أحدهم هذا النهج في تدريس الرياضيات بالوصف التالي: دعوة الطلاب إلى أروع مطعم في العالم ثم بعد ذلك إكراههم على أكل "المينو" أو قائمة الطعام.
و أخيرا، مازالت الطالبات يواجهن عائقا إضافيا للنجاح في الرياضيات. فبشكل لافت للنظر، حتى بالرغم من بداية القرن الواحد والعشرين، تواجه طالبات سن المدرسة تثبيطا للهمة من خلال الوالدين، الزملاء، والمعلمين أو المعلمات بالتذكير والتنبيه بأن الرياضيات "ليس شيئا تقوم به البنات."
كما أن الوالدين أحيانا كثيرة وبغير علم، قد يساهموا في خلق هذا القلق ويساعدون في تثبيط همة بناتهم من الاحتفاظ بعقل متفتح وفضول فطري نحو دراسة العلوم والرياضيات.