السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر فريق دولي من العلماء الفيزيائيين انهم قاموا بأول قياس لذرات ولدت من مضاد المادة وهي المادة المتفجرة والمعاكسة للمادة التي نستخدمها يوميا. وكما توازن الذرة الكترونا مشحونا مقابل بروتون ايجابي فقد اعتقد العلماء منذ زمن انه عندما تكون الكون كانت فيه اجزاء متساوية من المادة ومضاد المادة، لكن لأن هاتين المادتين تبيدان بعضهما بعضا لم يستطع العلماء ان يدركوا لماذا ان المادة العادية هي المهيمنة في الكون.
وتوفر القدرة على توليد ذرات مضادة للمادة في المختبر، الأمل للعلماء في انهم سيستطيعون الاجابة على هذه الاسئلة. وبسبب الطاقة التي تنتج عن دمج المادة ومضاد المادة يتصور العلماء يوما تصبح فيه هذه الطاقة الهائلة مصدرا لدفع الصواريخ في الرحلات الفضائية.
لقد استطاع العلماء ان يولدوا ذرات مضاد المادة، دامت بعض الميكروثواني، لكن التقدم هذا يتوج سنة صرح فيها العلماء عن اكتشافهم لذرات «باردة» لمضاد المادة، التي تدوم لفترة كافية للدراسة العلمية.
ودارت التجربة حول دمج الكترون ذرة مضادة مادة، او بوزترون، وبروتون مادة مضادة، او انتي بروتون لتوليد ذرة هيدروجين مضادة للمادة. ويعتبر الهيدروجين ابسط واكثر عنصر مفهوم في علم الفيزياء.
وفي هذه التجربة، التي يرأسها العالم الفيزيائي جيرالد جابرليزي من جامعة هارفارد قام العلماء بتوليد ذرات مضاد للمادة باتباعهم لهذه الوصفة داخل اسطوانة مزدوجة الجدران، تم تبريدها بالفراغ لدرجة حرارة 452 فهرنهايت تحت الصفر ويعرف العلماء ان هذه العملية تنجح لأنه حوالي 11 في المائة من البروتونات المضادة للمادة التي حقنت داخل الاسطوانة في مختبر الفيزياء في سويسرا تجمعت داخل ذرة من اصل 170 ألف ذرة هيدروجين جديدة مضادة للمادة، اي محصول جيد للغاية.
ويقول جابرليزي ان تصميم الاسطوانة المليئة بالمجسات والاكترودات بردت البروتونات المضادة للمادة وسمحت للعلماء بقياس الاشارات من الذرات المضادة للمادة بشكل مباشر.
ويقول العالم الفيزيائي فيليب شيو من معهد الفيزياء الاميركي ان هذه اول مرة يستطيع المرء ان يرى داخل ذرات مضادة للمادة عوضا عن مشاهدة ارتطامها بالجدار. وتم قياس ذرات المضادة للمادة التي ولدت بالماضي بشكل غير دقيق، وذلك من خلال الشعاع الذي خلفته بعد دمارها في مسارعات الجسيمات. وصرحت مجموعة علماء فيزيائيين عن قياسها غير المباشر لذرات هيدروجينية مضادة للمادة باردة في شهر سبتمبر «ايلول» الماضي.
ويضيف جابرليزي ان التحسينات في عملية التبريد في الاسطوانة ستزيد محصول الذرات المضادة للمادة ويأمل الفريق انه خلال السنوات المقبلة سيجري دراسة كيمياء الذرات المضادة للمادة بواسطة الليزر.
وستقيس جهود لاحقة بدقة الجاذبية على ذرات الهيدروجين المضاد للمادة، وستقارن هذه القياسات مع ذرات الهيدروجين العادية، وسيدرس ان كانت الذرات تتصرف بشكل مختلف. وقد تفسر اي اختلافات بين الذرات سبب توفر المادة العادية بشكل اكثر من مضاد المادة.
وعلى المدى الطويل ستفتح هذه النتائج ابوابا جديدة لانواع جديدة من المواد في العلوم. ويضيف شيو انه ستجرى معالجة الذرات المضادة للمادة بالليزر لتوليد نوع جديد من الكيمياء ويقول جابرليزي ان الترانستورات والليزر اخترعها علماء ارادوا ان يفهموا الكون. ويتوقع اشياء جيدة مشابهة ستنتج عن هذا البحث.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط
