فيما يلي نستعرض سويا نتائج المؤتمر الذي حضرته الجمعية الفلكية بجدة ممثلة بنائب رئيس الجمعية الاستاذ عبدالرازاق البلوشي وسوف اترككم من التقرير الذي بعث به الينا :
حضرنا إلى مقر المؤتمر في وقت مبكر برجاء اقتناص فرصة للقاء الدكتور فاروق الباز ، وبعد أخذنا مواقعنا في مقاعد الجلوس لمحت الدكتور فاروق يمر وحوله مجموعة كبيرة من الصحفيين والمصورين ، انتهزت الفرصة ودخلت ضمن المجموعة المحيطة بالدكتور.
- أكثر الموجودين كانوا يرغبون في التقاط صور تذكارية مع الدكتور ، وجميع ( جميع ) الموجودين كانوا يسألون الدكتور عن موضوع المحاضرة التي سوف يلقيها ' استخدامات التقنية في عصر الفضاء '
- أكثر الموجودين من عامة الحضور ليست لديهم فكرة عن الدور الريادي الذي لعبه الدكتور في مجال الفلك والفضاء ، فقط لديهم احاطة بأن هذا الرجل يعمل في مؤسسة علمية أميركية اسمها ' nasa ' !!
- كنت الوحيد الذي بادر الدكتور بسؤالي استخدمه كطعم رغبةً في أن الفت انتباه الدكتور فسألته عن مشروعه القومي التنموي الذي قام بوضع دراسته منذ سنين باسم ' ممر التعمير في الصحراء الغربية في مصر ' - سؤال خارج اطار الندوة ولكن موضوعه مهم لدى الدكتور -بعد اطلاعي على سيرة الدكتور علمت بأن هذا المشروع ( ممر التعمير ) هو بمثابة أمنية من أمنياته التي يتمنى أن تتحقق في حياته ، فكان للسؤال أثره في لفت انتباه الدكتور.
بعدها مباشرة نقلت للدكتور واحد من الأسألة التي سجلتها أنت لي وبالتحديد ( هل تم تكليف الدكتور بأي أدوار علمية عملية في الرحلة القادمة للصعود للقمر والمزمع انطلاقها في 2020م ؟ هنا استغرب الدكتور واندهش والتفت قائلاً :انت بتاع فلك ولا هندسة ؟ فقلت ، يادكتور أنا أحد أعضاء الجمعية الفلكية بجدة فقال :
ماشاء الله ، فبادرته مباشرة ( حتى لايأخذ في باله أن الجمعية نمطية في برامجها مثل المواقع الفلكية العربية المعروفة ) فقلت له يادكتور إحنا الجمعية الفلكية الأولى على مستوى شباب الوطن العربي التي نركّز في أكثر محتويات موقعنا على ' تكنولوجيا الفضاء ' فقال : ماشاء الله ، فقلت يادكتور ، أنت أكيد عندك المام بأن أكثر الأخوة اهتمامهم محصور في إطار ديني من ناحية الفلك وهذا جيد ، وايضاً محاور اهتمام المواقع الفلكية العربية لايتعدى ثلاثة أو أربعة نقاط وسردتها سريعاً : الرصد الفلكي ، التصوير الفلكي ، الحسابات الفلكية لحركة النجوم والكواكب ، الأهلة والتقاويم الفلكية .. فقال : صحيح ، هذا الواقع ، فقلت يادكتور لذلك أتخذنا منحى آخر غفلت عنه أكثر المواقع ! أو أنها مقصرة في نشر الوعي حوله وهو ' تكنولوجيا الفضاء ومايرتبط بها من أبحاث ' فقال : ممتاز ممتاز .. ثم بادرته سريعاً باعادة السؤال حول رحلة الصعود المرتقبة ودوره فيها فأجاب : أنا من ضمن اللجنة الاستشارية للرحلة ، وتلامزتي هما المشرفين المباشرين على الرحلة يعني إحنا أدوارنا الآن أدوار استشارية ..
بعدها مباشرة طلبت منه التكرم بالتوجه معي ناحية ' استاند موقع الجمعية لأستعرض له أقسام الموقع وآلية العمل ومنهج المشاركات في الأنشطة الميدانية التي نقوم بها ، ومن خلال الصور تلاحظ اهتمام الدكتور بفكرة الموقع ، وتلاحظ عنايته لما تم سرده عليه من معلومات
بعد ذلك قمت باهداء الدكتور كتاب علمي أعجبني تعبير مصنفه لمن ينكر صعود البشر للقمر ، وكتبت فيه اهداء للدكتور ، فاستلطف هذه البادرة وابتسم ثم أخرج من جيبه كرته الشخصي والمتضمن لأرقامه وعناوينه في أميركا وكتب عليه بخط يده من الخلف ' فاروق الباز ' وناولني ياه ، وناولته الأسئلة التي جمعناها واطلع عليها فقال : الأسئلة دي محتاج أقراها كويّس ، اكتبلي إيميلك وان شاء الله حبعتلك الجواب . ونظراً للضغط الذي كان على الدكتور وافقت على طلبه ، بعدها توجه للجلوس على مقعده .
بعدها بنصف ساعة حضر موكب صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ، ثم حضر أحد حراس سمو الأمير للدكتور فاروق وطلب منه التكرم بالحضور والجلوس بجوار الأمير ، فقام الدكتور واثناء قيامه التفت للوراء لأنه كان سيترك كل محتوياته الشخصية من أوراق وغيره والكتاب الذي اهديته ياه ويذهب للجلوس في المقعد الذي بجوار الأمير ، وعندما التفت للوراء رفعت عنقي للأعلى فنظر اليّ مباشرةً وأشار للكتاب ولمقعده ففهمت أنه يريدني أن استحل مقعده وانتبه لأغراضه الشخصية التي سيتركها ، فكانت فرصة لاتقدر بثمن! ، أحسست وكأن الدكتور يعرفني منذ زمن ، قفزت سريعاً من مقعدني وذهبت إلى مقعد الدكتور وجلست مكانه ،
وبعدها بدأ المؤتمر بآيات من الذكر الحكيم ، ثم القت صاحبة السمو الملكي الأميرة / لولوة الفيصل - المشرفة العامة على كلية عفت - كلمة ترحيبية بضيوف الحفل شكرت فيها الضيوف الكرام على رأسهم جلالة الملكة - رانيا العبدالله - لتلبيتها الدعوة وتشريفها الحدث المتميز بمشاركة تترجم مدى اهتمامات جلالتها الواسعة في حقول التعلم والتقنية ، وتناولت سمو الأميرة في كملتها ماتميزت به الفتاة السعودية من اثبات قدرتها على التحصيل والابداع.
ثم القى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل كلمته قائلاً : أن المعرفة في عصر السماوات المفتوحة 'هي الرهان الرابح ومصدر القوة القائدة لحركة التنمية ، واشار سموّه الى ان المملكة تسعى جاهدة للتحديث والحفاظ على هويتها الراسخة ،
كما القت جلالة الملكة رانيا العبدالله كلمة ' مرتجلة ' أظهرت فيها مدى العمق العلمي والبعد الفكري المحافظ والطموح الذي تحمله هذه الملكة ، كلمة الملكة رانيا كانت مفاجأة لي لأنها أولاً كانت الوحيدة التي القت كلمتها بـ ' ارتجال ' بدون ورقة ، وكانت معانيها ومدلولاتها في غاية التأثير ، ومما قالته جلالة الملكة : مرة أخرى أجد نفسي بينكم هنا في المملكة - مغمورة بدفءالكرم والضيافة ، محاطة بدعم الأهل والأحبة . أشكركم على اشراكي في هذا المنتدى السادس لكلية عفت ، منتدى حول مواطنتنا الجديدة في عصرنا هذا ، المواطنة الالكترونية التي تهدم الحواجز التي تفصلنا عن بعضنا البعض وتحول دون اشتراكنا جميعاً في حوار مستمر ، يخدم المخزون المعرفي العالمي ، أسمع كثيراً ' العرب ليسوا مثلنا ' أسمعها من أوروبيين وأميركيين وآسيويين .. أسمع كثيراً عن اختلافاتنا وقليلاً عن قواسمنا المشتركة ..
بعدها جاء دور الدكتور فاروق الباز ، ولأن المؤتمر كان خاص بموضوع التقنية الرقمية فإن محاضرة الدكتور التي ألقاها باللغة الإنجليزية لم تتجاوز حدود الموضوع ، وتطرق بشكل سريع لرحلته العلمية فقال :
لم أتخيل يومًا أن أهاجر بعيدًا عن بلدي'.. عام 1966م وبعد سنة من المعاناة، قرَّرت أن أسافر سرًّا إلى أمريكا؛ خوفًا من الظروف السياسية الشائكة التي كانت في مصر آنذاك. وهناك بدأت في رحلة شاقة للبحث عن عمل، ونظرًا لوصولي بعد بدء العام الدراسي، لم تقبلني أي جامعة من الجامعات؛
فأخذ أبعث طلبات التحاق إلى الشركات جاوزت المائة ، إلى أن بعثت لي 'ناسا' التي كانت تطلب جيولوجيين متخصصين في القمر الموافقة وسط دهشة مني !!
والعجيب أني لم أكن أعلم شيئًا عن جيولوجيا القمر!، ودخلت ناسا و لا أعلم ماذا قدّر الله لي . وقد وفَّقني الله في أحد المؤتمرات الجيولوجية والتي تحدَّث فيها علماء القمر عن فوَّهاته ومنخفضاته وجباله. لم أفهم شيئًا، ، وحينما سألت أحد الجالسين عن كتاب يجمع هذه التضاريس، أجابني قائلاً: 'لا حاجة لنا إلى أي كتاب فنحن نعرف كل شيء عنه'.. حرَّكتني الإجابة إلى البحث والمعرفة !!، ودخلت المكتبة التي كانت ملأى بالصور القمرية التي يعلوها التراب، وعكفت على دراسة أكثر من 4000صورة طيلة ثلاثة أشهر كاملة، وكانت نتيجة هذا البحث هو أن اكتشفت أن هناك ما يقارب من 16 مكانًا يصلح للهبوط فوق القمر، وفي المؤتمر الثاني الذي حضرته. كنت على المنصَّة أعرض ما توصَّلت إليه وسط تساؤل الحاضرين عن ماهيته !!، حتى إن العالِم الذي قال لي من قبل ' نحن نعرف كل شيء عن القمر قام وقال: 'اكتشفت الآن أننا كنا لا نعرف شيئًا عن القمر!!'.
ثم قال الدكتور كلمة صفق لها الحضور ' العلم : مفتاح الحياة السعيدة ' واستطرد بعدها يعرض الفوائد التي تعود على الأمة من العلم ومنها اكتشاف برنامج ' الاستشعار عن بعد ' وهو البرنامج الذي من خلاله خدم كثير من الدول العربية لاكتشاف المياه الجوية بالصور الفضائية ، وصاحب محاضرة الدكتور عرض من خلال ' البروجكتر ' لبعض الصور التي تم التقاطها من الفضاء للجزيرة العربية يوضح فيها مواقع تحتوي على مياه جوفيّة .
بعد ان انتهى الدكتور من محاضرته عاد الى مقعده بجوار الأمير خالد الفيصل ، وبعد مغادرة الأمير خالد الفيصل مقر المؤتمر تزاحم الناس ساعة الخروج على الدكتور فاروق الباز .
لقد كانت ليلة لن انساها في حياتي ، البارحة كنت أتلقى محاضرة يقدمها الدكتورفاروق الباز ! .. وانا في على الكرسي كنت أتخيل الدكتور وهو يحاضر لمجموعة ' أبوللو ' التي توجهت للقمر قبل مايقارب من 40 عاماً ! تخيلت أني أجلس وأنا أرتدي بدلة روّاد الفضاء ! خيالات مرت سريعاً ، لم يقطعها سوى تصفيق الجمهور معلناً انتهاء الدكتور من القاء كلمته .
لمن لايعرف الكثير عن الدكتور فاروق الباز يكفي للتعريف بهذا الشخصية هذين السطرين :
دخل الباز تاريخ ناسا، وأوكلت له مهمتين رئيسيتين في أول رحلة لهبوط الإنسان على سطح القمر: الأولى هي اختيار مواقع الهبوط على سطح القمر، والثانية تدريب طاقم روَّاد الفضاء على وصف القمر بطريقة جيولوجية علمية، وجمع العيِّنات المطلوبة، وتصويره بالأجهزة الحديثة المصاحبة.
تقديرًا لأستاذه؛ بعث 'نيل آرمسترونج' برسالة إلى الأرض باللغة العربية، واصطحب معه ورقة مكتوب عليها سورة الفاتحة ودعاء من د. فاروق تيمنًا منه بالنجاح والتوفيق.
والان اترككم مع الصور :