«الرياض» تقترب على بعد «كيلوين» من أخطر «موقع بركاني» في حرة الشاقة
«جبل أبو نار» ينثر حممه ويشق الأرض نصفين
لعيص - حامد السليمان:
.. شهران تقريباً والعيص وما جاورها تشهد أحداثا غير عادية لم يألفها أهلها ولا المجتمع السعودي عامة.
.. شهران تقريباً والعيص تعيش على شفى بركان وتشهد العديد من اهتزازات الزلزال، وصبر أهلها فلم يستطيعوا فأعلنوا الرحيل عن العيص وقراها مؤقتا حتى يهدأ الوضع في حرة الشاقة وجبل ابو نار وباقي الحرات البركانية الأخرى، خاصة وأن النشاط الزلزالي والبركاني يتزايد خلال الأسبوعين الماضيين، فرحل الجميع خاصة أنهم يسكنون بقرب حرة الشاقة ومناطق التوتر البركاني.
وتتفاوت هذه القرى مابين 20 و30 و40 كيلو متراً عن الحرات البركانية مما جعل الإخلاء قسرياً حفاظاً على سلامة المواطنين، ولكن بقي رجل واحد لم يخرج أبدا رغم انه اقرب إنسان في الحرة إلى جبل أبو نار اخطر موقع بركاني في المملكة ورغم كل المحاولات التي بذلها رجال الأمن وأقاربه منذ شهر إلا انه فضل ان يعيش في وسط البركان.. نعم «رجل في وسط البركان».. ذلك هو واقع المواطن حماد بن جويبر العنمي الجهني البالغ من العمر سبعين عاما، فهو المواطن الوحيد الذي يعيش وسط البركان ورجال الأمن يعرفونه والجيولوجيون وأصبح هو دليلهم في هذه الحرة منذ عام وحتى اليوم.
ولا يبعد العم حماد عن جبل ابو نار سوى امتار قليلة.
وقفت بجانبه فقلت له اين جبل ابو نار ياعم؟ فأشار بيده وقال هذا هو، فارتعدت اقدامي خوفا على هذا الشيخ الذي لا يفصله عن جبل البركان سوى 1500 متر، والجميع الآن يعرف ما الذي جعل حماد يرفض الخروج وكيف عاش حماد احداث البركان والهزات الأرضية الماضية وغيرها عن حياة حماد..
بداية الذهاب نحو الخطر!
خلال اطلاعي على الصحافة المحلية كنت أجد ان اغلب التحقيقات تقف على حاجز قرية هدمة التي تبعد عن قرية القراصة 12 كيلو متراً ولا تتجاوزها، بل انه ذكرت مؤخرا احدى الصحف أنها التقت اقرب المواطنين إلى جبل ابو نار في قرية هدمة رغم ان جبل ابو نار يبعد عن هدمة تقريبا 35 كيلومتراً، لذلك قررت الذهاب إلى موقع جبل ابو نار والتشققات الجديدة للمنطقة ليس من اجل حماد فلم اكن اعلم ان هناك حماداً ولم اكن اصدق انني سوف اجد انساناً يعيش وسط البركان، ولكن كان هدفي ان أصور أدخنة البركان من قرب وأصور التشققات التي حدثت مؤخرا والتي سمعنا عنها ولم نشاهدها وطلبت فزعة بعض الاصدقاء للذهاب معي إلى الموقع أو إلى «الجحيم» كما قال اصدقائي أي جبل البركان، وخرجنا من العلا التي تبعد عن العيص 200 كيلو متر وعن قرية القراصة 180 كيلومتراً الساعة الثالثة عصرا ولكنني استنفذت وقتاً طويلاً قبل الوصول إلى قرية القراصة الساعة الخامسة والنصف عصرا واتصلت بزميلي خالد الزايدي مندوب «الرياض» في العيص والذي يقوم بتغطية اخبار زلزال وبركان العيص منذ شهر لكي اقابله ولكنه قال لي انه في ينبع النخل والتي تبعد عن القراصة 100 كيلو متر فأخبرته أني بالقراصة وسألته عن هدمة فأخبرني الطريق، وقبل الدخول إلى القراصة استوقفني رجال الامن وسألوني إلى اين وجهتي فأخبرتهم انني صحفي واريد الذهاب إلى قرية هدمة فسمحوا لي على أن اعود خلال نصف ساعة وأغادر بشكل عاجل وذلك من حرصهم على سلامتي ثم سألت احد المواطنين عن اقرب طريق إلى جبل ابو نار والحرة، فقال عن طريق قرية هدمة والتي تبعد عن القراصة 12 كيلو متراً في طريق ترابي وبعد الوصول إلى قرية هدمة لم أجد احداً بها ابدا فهي كانت قرية خالية تماما وفجأة شاهدت مجموعة من الإبل وشاهدت رجلاً كبيراً في السن يقوم بتعبئة خزان للمياه اقتربت منه وعرفت بنفسي وعرفني بنفسه وهو المواطن سعد مسعود العنمي الجهني من سكان قرية هدمة، فقلت له ياعم لماذا انت هنا وحدك فقال انا رحلت إلى مخيم الايواء في الفقعلي منذ اسبوعين ولكني اتيت اليوم هنا من اجل ان اسقي الابل وسوف اخرج الآن إلى الفقعلي، فقلت له وكيف كان الوضع في الايام الماضية؟، فقال «نار حمراء» يا ولدي الارض تهتز من الزلزال والسماء ترعد بالأصوات من البركان الله لا يعيدها من ايام ولكن الآن لنا يومين هدوء والله يجنبنا المصايب، ثم قلت له اين طريق جبل ابو نار ياعم؟، فقال «وشو تبون» بالنار الله يبعدكم عنها؟، فقلت له نريد ان نصور المنطقة ونعود بسرعة وكان واضحا خوفه علينا وهذا هو معدن المجتمع السعودي (اسرة واحدة) فقلت له لا تخف ياعم بإذن الله لن يحدث لنا مكروه وسوف نغادر بسرعة فقال «ياولدي ما بها احد لو يصير لكم شي محد درى عنكم» فقلت الله كريم ياعم ووصف لنا الطريق وهو ترابي في حرة الشاقة وابتعدنا عن قرية هدمة ولم يكن هناك احد سوانا والعجيب ان الاصدقاء الذين كانوا معي كانوا يقولون لي امش بسرعة، حيث كنت أقود سيارتي فيكرروا قولهم «ودنا نصل للبركان قبل المغرب».
الوصول إلى هدمة ونجاة المهندس!
وأكملت المسير انا وأصدقائي في هذه الحرة البركانية التي يختفي فيها كل شيء عن النظر سوى «الصخور البركانية السوداء» التي تزرع الرعب في القلوب وبعد ما يقارب من 35 إلى 40 كيلو متراً تقريبا عن قرية هدمة في طريق ترابي وعر، وفجأة وجدنا سيارة تسوق أمامها مجموعة من الإبل وكان ذلك في الساعة السادسة والنصف مساء وقد بقي على الغروب نصف ساعة فقط، وتوقفت وعرفت بنفسي وعرفنا بنفسه وهو المواطن الشاب مسعود بن عايد العنمي الجهني، حيث يقول انه من اهل قرية هدمة ولكنه يعمل في المنطقة الشرقية، ولكن مع تزايد الهزات الأرضية في المنطقة اخذ اجازة لمدة أسبوع للوقوف قرب والديه واخوانه واليوم يقوم بنقل الإبل من هذه الحرة إلى القراصة، ثم إلى مكان آخر بعيد عن الخطر، وسألته عن هذه الحرة فقال هذه حرة شرى وحرة الشاقة، ثم سألته عن التشققات الأرضية التي حدثت، فقال الشقوق الأرضية تبعد من هنا 4 كيلومترات تقريبا، ولكن يجب ان نمشي على الاقدام.
يتبع الخبر