Advanced Search

المحرر موضوع: هل الثروة في تنامٍ مضطرد؟  (زيارة 893 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

نوفمبر 10, 2002, 08:55:11 مساءاً
زيارة 893 مرات

إداري

  • عضو مشارك

  • ***

  • 292
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
هل الثروة في تنامٍ مضطرد؟
« في: نوفمبر 10, 2002, 08:55:11 مساءاً »
تـنـامـي الـثــروة
بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم
هل الثروة في تنامٍ مضطرد؟


علمنا في جواب السؤال الأول – في الفصل الأول – بأنه لا يمكن اعتبار العمل العامل الوحيد في تحديد القيمة. ولكن يجب أن نعلم بأنّ العمل مع الطبيعة يولّد الثروة في معظم الأحيان، وينتج الموضوع ذا القيمة. وعليه، يمكن القول بأنّ العامل الإنساني الوحيد للإنتاج هو العمل. ويجب عدم الخلط بين ميّزتي العمل هاتين: "العمل هو العامل الإنساني الوحيد لتوليد الثروة والمادة ذات القيمة"، و"إنّ هذا العمل لا يلعب أي دور في تحديد القيمة".


لقد بسط الله تعالى مائدة الطبيعة بملايين المواد المتنوعة وآلاف القوى الخفية والظاهرة. وبعد أن أكرم الإنسان بالعقل وقوة العمل دعاه الى الإستفادة من منابع الثروة التي لا حدّ لها. وبدوره استفاد الإنسان على مدى القرون والعصور الطويلة الماضية، وبالتدريج، من هذه المائدة المبسوطة في أمور معاشه وتحسين مستوى حياته، حتى لم يعد أسلوب الحياة المادية للإنسان اليوم من حيث المأكل والملبس وسائر الجوانب يشبه الأسلوب الذي كان عليه في الماضي. ويلاحظ هذا التكامل الذي يجري بسرعة خارقة بوضوح منذ بداية ظهور الثورة الصناعية العظيمة في أوروبا.


ومن خلال ما ذكر، وبدراسة الأرقام التي نشرتها الأمم المتحدة بشأن تطور مستوى حياة الناس وتنمية الصناعات والمعادن، وازدياد المنتجات الغذائية، وتكامل وسائل الحياة، يتضح - بشكل جيد وكامل – جواب السؤال الذي ندور حوله: "هل ثروة البشر في تنامٍ مضطرد"؟


غير أنّ وضوح هذا الجواب لم يستطع أن يحول دون تأمل كبار علماء الإقتصاد. وفي نهاية الأمر، صار بعض هؤلاء العلماء يشككون في تنامي الثروة في بعض مجالات الإنتاج، وينكرون ذلك.


ويقول هؤلاء على أساس أصل: "القيمة = العمل المتجسد" الذي اعتقدوا به في البحث السابق أنه:


"عند حساب قيمة سلعة ما، يجب علينا أن نلتفت الى مقدار العمل الذي تم في المرحلة الأخيرة، والى مقدار العمل الذي تجسد قبل ذلك في المواد الأولية، وكذلك الى مقدار العمل الذي كان ضمن وسائل العمل، أي الأدوات والآلات والبناية ومحل العمل. فمثلاً: قيمة العمل، الذي تم مسبّقاً في القطن، وقيمة العمل الذي تجسد في الفحم والزيت وسائر المواد المستخدمة، وقيمة العمل الذي كان موجودا في الآلات والمغازل وبناية المصنع وغير ذلك.. قد استُهلكت بالكامل – كما هو الحال مع المواد الأولية – وانتقلت مباشرة الى السلعة التي شاركت في إنتاجها. ولكن نظراً لاستهلاك المغزل بمرور الوقت؛ مثلاً: يجري الحساب اللازم لإنتاج تلك السلعة ومعدّل استخدام المغزل خلال فترة زمنية معيّنة، كأن تكون يوماً واحداً مثلاً؛ وهكذا يُحسب مقدار القيمة التي تنتقل من المغزل في الخيط الذي ينتجه في اليوم الواحد".


فمن جهة يعتقد هؤلاء العلماء بأنّ قيمة كل واحد من عناصر الإنتاج المختلفة، من عمل العامل والمواد الأولية وأدوات الإنتاج والوسائل والمواد المستهلكة، هي بمقدار العمل المتبلور فيها. ومن جهة أخرى، يعتبرون قيمة المحصول الناتج متساوية مع مجموع العمل الذي جرى القيام به في مجموع عناصر الإنتاج.


وبما أنهم يوفقون بين هاتين المقدمتين وأصل "القيمة تساوي العمل المتجسد"، يستنتجون بأنّ قيمة المحصول الناتج تساوي قيمة عناصر الإنتاج، لأنّ العمل المتجسد في المحصول الناتج يساوي مجموع العمل المتجسد في مجموع عناصر الإنتاج.


ومثل هذا يعدّ – على وجه التحديد – إجابة بالنفي عن سؤال البحث بشأن سلسلة المنتجات الصناعية، لأنه بهذا الإستدلال لم تحصل ثروة إضافية أو قيمة زائدة على ما كانت موجودة (وهذا يعني أنّ الثروة ثابتة).


وقد أصبحت هذه الأبحاث وسيلة أخرى للهجوم على أرباح رب العمل وصاحب رأس المال، لأنّ الربح الذي يحققه رب العمل في هذه الحالة – مع فرض صحة هذه المقدمات – يعدّ جزءاً من حقوق العامل.


كان هذا خلاصة للأحاديث والخطب التي ألقاها "ماركس" في الإجتماع العام لجمعية العمال الدولية (الإجتماع الدولي الأول)، فيما يخص موضوع البحث.


بيد أنّ القارئ العزيز سوف يشكك في صحة هذا البحث إذا ما أخذ بنظر الإعتبار المسألتين اللتين شرحناهما في الأبحاث السابقة. وكانت إحدى هاتين المسألتين عامل تحديد القيمة، حيث تم إثبات أنّ قانون "العرض والطلب" بمعناه الواسع هو الذي يحدد القيمة وليس العمل. والمسألة الأخرى هي شرح عامل إيجاد القيمة ومنتج الثروة، حيث علمنا أنّ العمل وحده لا يستطيع أن يلعب دورا في توليد الثروة والمادة ذات القيمة، بل إنّ الطبيعة هي التي تعدّ المادة الأصلية للثروات. وعندما يجري العمل عليها تتولد الثروة وينتج الشيء القيّم.


والآن نستطيع أن ندّعي أنّ الثروة التي تحققت في إنتاج صناعي هي أكثر من مجموعة الثروة التي استُخدمت في سبيل إنتاج ذلك، لأنه فضلاً عن العمل الذي تم القيام به في هذا الإنتاج إستثمرت الطبيعة أيضاً باعتبارها المصدر الرئيسي للمواد الخام ووسائل الإنتاج - ومن ثم تولدت مادة أكثر قيمة من الأعمال المتنوعة التي تم القيام بها.


فمثلاً في إنتاج الحبل تُنجز أعمال متنوعة، بمعنى أنّ العامل قد عمل، وبذل الفلاح مقداراً من العمل في إنتاج القطن، وتم القيام بالعمل في إعداد الفحم والزيت وسائر المواد الضرورية، كما عملت المكائن والآلات والمغازل في إطار الإنتاج، غير أنّ إنتاج الحبل لم يتم بهذه الأعمال وحدها بل جرى أيضاً استخدام قسم من الطبيعة، أي أنّ الطبيعة والمواد الطبيعية ساهمت مساهمة كبيرة في إنتاج القطن، وإنتاج الفحم والزيت، وفي إنتاج المكائن والآلات والمغازل. وبناءاً على هذا، إمتزج مقدار من العمل – بأشكال مختلفة – مع مقدار من المواد الطبيعية – بأشكال مختلفة – حتى تم إنتاج حبل قطني مفتول.


وهكذا نرى بشكل واضح أنه ليس ثمة تكافؤ بين المادة المنتجة وبين العمل الذي بُذل في إنتاجها، بل إنّ المادة المنتجة تزداد عليه. وبذلك تكون قيمة السلعة التي أنتجت أكثر من قيمة العمل المبذول، ويكون الجواب عن السؤال المطروح إيجابياً بشكل واضح ومستدل. وهكذا، يكون ازدياد الثروة في سائر الأقسام مثل الزراعة وتربية الحيوانات واضحاً بشكل كبير وبديهي.


وتعتبر دراسة الأفكار والمعتقدات التي طرحها كبار علماء الإقتصاد في الرد على تكهنات "مالتس" (9)، العالم الإقتصادي والفيلسوف البريطاني، أفضل دليل على صحة ما نقول.


ولد "روبرت مالتس"، وهو أحد علماء المدرسة الإقتصادية الكلاسيكية، عام 1766 للميلاد وتوفي عام 1834. وقد اعتقد "مالتس" طبقاً لحسابات كثيرة ومفصّلة وأبحاث عديدة بأنّ ازدياد عدد السكان يتضاعف في كل خمس وعشرين سنة، ويكون أربعة أضعاف في كل خمسين سنة، وثمانية أضعاف في كل خمس وسبعين سنة، وستة عشر ضعفاً في كل مئة عام. في حين أنّ ازدياد المواد الغذائية الضرورية للبشر يجري بشكل متوالية عددية. أي أنّ مقدار المواد الغذائية يزداد ضعفاً واحداً في كل 25 سنة. فيكون مقدار المحصولات الغذائية في السنة الخامسة والعشرين ضعفين، وفي السنة الخمسين ثلاثة أضعاف، وفي السنة الخامسة والسبعين أربعة أضعاف، ويكون خمسة أضعاف في كل مئة عام. ونظراً لمحدودية الأراضي الصالحة للزراعة فإنّ ازدياد المواد الغذائية سيتوقف في وقت قريب.


ومن خلال دراسة هاتين العلاقتين يعرف "مالتس" عن قلقه البالغ إزاء مستقبل الإنسان. ومن أجل معالجة وحل هذا الخطر المرعب يطالب بإيقاف التناسل والولادات، بل يطالب أيضاً بالرهبانية والكف عن الزواج، أو أن تؤدي الحروب أو الأمراض الفتاكة بشكل تلقائي الى إيجاد العلاقة المناسبة بين عدد السكان ومقدار المواد الغذائية. وبعد "مالتس" أخذ أتباعه الذين سُمّوا "المالتسيين الجدد" يغيّرون نظرياته، ويصححون أخطاءه، وطرحوا نظريته على النحو الآتي: "إنّ ازدياد عدد السكان، سواء كان في العالم كله أو في بلد واحد، لا يتناسب مع ازدياد مقدار المواد الغذائية".


ولكن علماء الإقتصاد في العالم بعد "مالتس" - إلاّ فئة قليلة - رفضوا آراءه، واعتبروا تخميناته بعيدة عن الواقع وباطلة.


ولم يتحقق أي مصداق – ولو في منطقة واحدة من العالم – للنظرية التي طرحها "مالتس" حول زيادة عدد سكان العالم. كما أنّ الأرقام التي نُشرت حول عدد سكان العالم في بداية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وكذلك الإحصاءات التي صدرت حول ازدياد مقدار المواد الغذائية، زعزعت أسس تكهنات "مالتس".


وبصورة عامة يمكن القول: إنّ ثمة علاقة ثابتة متينة بين ازدياد عدد سكان العالم وبين ازدياد مقدار المواد الغذائية، وكلما ازداد عدد السكان إزدادت معه مساحة الأراضي المزروعة، حيث يُعمد الى زراعة الأراضي المتروكة، كما يتم اتّباع طرق وأساليب علمية لزراعة الأراضي غير الصالحة للزراعة، ومن خلال الأساليب الحديثة تستثمر الأراضي بصورة أفضل. وأخيراً، يسخّر الإنسان في عملية تحضير المواد الغذائية عوامل غير الأرض كالماء والهواء والعِلم.


وكذلك يمكن أن نلاحظ بوضوح تام أنّ شحة المواد الغذائية تؤدي بشكل تلقائي الى تضاؤل السكان وقلة التناسل والتكاثر، وبالتالي حفظ المعادلة بين الطرفين.


ولعل حصيلة تجربة المئة قرن الماضية والنمو الفاحش لعدد السكان، وتناسب مقدار المواد الغذائية مع ذلك، خاصة في القرنين الماضيين التي مضت على تاريخ انتشار أفكار "مالتس"، أفضل شاهد وأقوى دليل يؤكد بطلان أفكاره.


وسنحاول بحث ومناقشة نظريات "مالتس" وحساباته وحسابات أتباعه، والإشكالات التي أثارها العلماء بوجهه، وكذلك المعتقدات الدينية بشأن ازدياد السكان وأسباب ذلك إذا ما سنحت الفرصة. وإنّ ما دعانا الى إثارة الموضوع هنا، الإشارة الى أنّ ازدياد ثروة الإنسان وازدياد المواد الغذائية الضرورية لحياته، هما من مسلّمات وبديهيات علم الإقتصاد، ولم ينكرهما أحد.
إن الذين يحاولون طعن العمل الوحدوي العربي من أساسه مستدلين بخلافات الانظمة العربية، هؤلاء أصحاب نظرة سطحية للواقع الفعلي لامتنا العربية

نوفمبر 10, 2002, 08:56:06 مساءاً
رد #1

إداري

  • عضو مشارك

  • ***

  • 292
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
هل الثروة في تنامٍ مضطرد؟
« رد #1 في: نوفمبر 10, 2002, 08:56:06 مساءاً »
للإمام موسى الصدر إقتصادي إسلامي
إن الذين يحاولون طعن العمل الوحدوي العربي من أساسه مستدلين بخلافات الانظمة العربية، هؤلاء أصحاب نظرة سطحية للواقع الفعلي لامتنا العربية