Advanced Search

المحرر موضوع: تـوزيــع الـثــروة  (زيارة 873 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

نوفمبر 15, 2002, 03:32:43 صباحاً
زيارة 873 مرات

إداري

  • عضو مشارك

  • ***

  • 292
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
تـوزيــع الـثــروة
« في: نوفمبر 15, 2002, 03:32:43 صباحاً »
تـوزيــع الـثــروة


 

بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم


علمنا من البحوث السابقة أنّ:


1- العمل مع الطبيعة يؤدي، في معظم الأحيان، الى إنتاج سلعة ذات قيمة.


2- ليس العمل بأي حال عامل تحديد القيمة.


3- قيمة الثروة الناتجة أكثر من قيمة العوامل المنتجة لها.


والآن سنتحدث حول السؤال الثالث الذي يشكّل محور بحثنا في موضوع (العمل - رأس المال - الآلة).


كيف يجب توزيع السلعة المنتجة والربح الحاصل منها؟


للإجابة عن هذا السؤال سنتحدث عن الآراء الإقتصادية المعروفة التي أوجدت النظم الإقتصادية المهمة المعاصرة، ثم نتناول الأفكار التي طرحها الدين الإسلامي في هذا الشأن.


الـمـنـهـج الـمـاركـسـي:


إنّ الجزء الأهم من نظريات "ماركس" الإقتصادية إهتم بالإجابة عن هذا السؤال. كما أنّ أكبر إشكال إقتصادي في هذا القرن تضمّنه هذا البحث، ونعني: القيمة الفائضة.


لقد أقام "ماركس" في أحاديثه وخطاباته هذه النظرية وهذا الإشكال على أساس مقدمتين، يقول في الأولى: "إنّ قيمة كل سلعة في السوق هي نفس قيمة تكاليفها المحسوبة بالنقد". ذلك أنّ قيمة سلعة من السلع في السوق هي في الغالب واحدة ومتشابهة، رغم اختلاف ظروف الذين ينتجونها، وتباين، رؤوس الأموال والأعمال المختلفة والمتنوعة التي استخدمت في إنتاجها. ومن ثم يجب القول إنّ قيمة السلعة يحددها معدل العمل المبذول لإنتاجها (أي أنّ معدّل العمل المبذول هو الملاك في تحديد القيمة). وبتعبير "ماركس" نفسه: "قيمة السوق توضح فقط مقدار معدّل العمل الجماعي اللازم في معدّل ظروف الإنتاج".


صحيح أننا نرى قيمة سلعة معيّنة في السوق في ارتفاع وانخفاض، ولكن هذا التذبذب والإختلاف في القيمة إنما هو حالة مؤقتة تحصل حسب ازدياد حاجة الناس الى السلعة أو كثرتها وشحّتها، أي أنها تتبع تذبذب العرض والطلب. وبما أنّ حالة التذبذب هذه مؤقتة، لأنّ ازدياد حاجة الناس الى سلعة معيّنة يؤدي تلقائياً الى إنتاجها وعرضها بكثرة، وفي المحصّلة يقوم التوازن بين العرض والطلب، وتزول التذبذبات والتغييرات في قيمة السوق أيضاً لأنها تابعة لتذبذب العرض والطلب، وتبقى قيمة السلعة ثابتة تقريباً، وهي نفس قيمة تكاليفها.


وطبقاً لما يقوله "آدم سميث" مؤسس "المدرسة الإقتصادية الكلاسيكية" فإنّ القيمة الطبيعية لكل سلعة هي بمنزلة القطب الذي تدور حوله قيمة السوق وتميل إليه وتقترب منه بالتدريج.


وبناءاً على ما مر، فإنّ قيمة كل سلعة في السوق - مهما تغيّرت واختلفت - ستطابق القيمة الحقيقية لتلك السلعة أي "قيمة الكلفة".


أما المقدمة الثانية التي كرّست لإثبات نظرية "ماركس" فقد تم التطرق إليها في البحوث السابقة: "القيمة الحقيقية لكل سلعة تساوي قيمة الأعمال التي بُذلت في إنتاجها وتجسدت فيها".


ويُستنتج من هاتين المقدمتين أنّ "من الخطأ التصور بأنّ الربح الثابت والبسيط الحاصل من إنتاج سلعة معيّنة، ناجم عن قيمة تلك السلعة، أي أنّ السلعة بيعت في السوق بقيمة تفوق قيمتها بكثير".


ثم يضيف قائلاً: "من أجل بيان ربح سلعة معيّنة لا بد أن يبدأ التحقيق والدراسة، إنطلاقاً من أنّ قيمة كل سلعة، أو العمل الذي استغرق في إنتاجها، تساوي قيمتها في السوق، وإذا لم تستطيعوا حساب الربح على هذا الأساس فإنكم لم تخطوا خطوة واحدة في سبيل إيجاد الربح".


وبهذا الإستدلال يريد أن يثبت أنّ قيمة كل سلعة هي فقط بمقدار العمل المبذول فيها، وبهذه القيمة أيضاً يجري عرضها في السوق، ويكون التعامل في البيع والشراء على أساسها. وبناءاً على هذا يقتضي قانون العدالة أن يتم حساب القيمة الحاصلة من بيع السلعة في السوق بنفس الأعمال المنتجة للسلعة، وأنّ الربح الذي يحققه صاحب رأس المال من بيع السلعة يشكّل قسماً من قيمة السلع، أي قسماً من العمل الذي أُنجز في إنتاجها، وهذا الفعل يعتبر سرقة لقسم من حقوق الآخرين، أي العامل.


وفي رأيه، لا يتحقق التوزيع العادل للثروة المنتجة إلاّ إذا قسّمنا الربح الحاصل بنسبة العمل المبذول، أي عمل العامل. أما العمل المبذول في استهلاك المكائن والآلات وفي توفير رأس المال، فيحصل كلٌ منها على نسبة معيّنة من الربح، مع ملاحظة أنّ جميع الآلات ورأس المال لا يُستهلك في إنتاج واحد، لذلك يجب حساب المقدار المستهلك منها فحسب.


ومع هذا الإستدلال يُعتبر الربح الخالص – الذي يكون أساس ازدياد رأس المال – مغصوباً ومسروقاً، لأنّ هذا الربح هو فوائد يجنيها صاحب رأس المال بعد دفع أجور العامل وإخراج مبلغ إزاء استهلاك الآلات، ودفع ربح رأس المال سواء كان منه أو لم يكن. ويسمّي "ماركس" هذا الربح الخالص Plus Valu، أي "القيمة الفائضة"، ولا يعتقد بتحقق أي ربح ليصادره رب العمل لصالحه، بل إنّ ما تحقق هو قيمة السلعة، أي قيمتها الواقعية، والتي هي نفس قيمة الأعمال المبذولة، فيجب أن تكون من نصيب هذه الأعمال.


نــقــــد:


من الواضح أننا لو قبلنا المقدمتين اللتين تشكلان أساس نظرية "ماركس"، فلا يبقى أمامنا غير الإعتراف والإقرار بعقيدته. غير أننا لا نؤمن بأيٍّ من هاتين المقدمتين، ومن ثم نملك جوابين مقابل استدلال "ماركس" سنوضحها مع الأخذ بنظر الإعتبار البحوث التي مرّت علينا.


الــجــواب الأول:


ذكرنا في الفصل الثاني هذا الموضوع بشيء من التفصيل، وهو أنه في وحدة إنتاجية، صناعية أو غير صناعية، تتداخل أعمال متنوعة مع الطبيعة وتحصل ثروة أكثر من العمل المبذول فيها. وبناءاً على هذا، تكون القيمة الواقعية للسلعة المنتَجة دائماً أكثر من كلفة الإنتاج. وقد ذُكر أنّ إنتاج سلعة معيّنة يجري بواسطة أعمال متنوعة من العمل والعامل والعمل المتجسد في الآلات والعمل المتجسد في رأس المال، إضافة الى الطبيعة الكامنة في الآلة ووسائل الإنتاج، أو في رأس المال مع تغيير أوضاعها. ولم تكن لهذه المواد الطبيعية قيمة في حالاتها الأصلية بل إنّ تجسد العمل فيها هو وحده الذي منحها القيمة.


وتلعب المواد الخام أيضاً دوراً مهماً في إنتاج السلعة، ولكن دون أن يجري العمل فيها أصلاً أو يجري بمقدار قليل. وفي كل الأحوال لا يمكن إغفال دور عامل الطبيعة في إنتاج السلعة.


ومن خلال هذه الموضوعات، يدرك القارئ أنّ مقدمة "ماركس" الأولى لم تكن صحيحة، بل إنّ القيمة السوقية لسلعة ما تمثل قيمتها الواقعية بالحساب نقداً، ولكن القيمة الواقعية لا تمثل قيمة الكلفة بل هي أكثر من ذلك. وهكذا نصل الى الرد الأول على نظرية "ماركس".


وإذا أردنا أن ندفع للعامل حقه العادل في وحدة إنتاجية صناعية (سواء أجره أو حصته من الدخل)، ونحسب استهلاك وأجور الآلات وربح رأس المال، فسيبقى مع ذلك مقدار يسمى الربح الخالص. وفي حال توزيع الربح الخالص بين العامل وصاحب رأس المال والآلات، ستبقى فائدة خالصة وعادلة ومشروعة لصاحب رأس المال، ولا تبقى هناك "قيمة فائضة" كمشكلة عصية على الحل. وسوف لا يكون ذلك أساس الرأسمالية المطلقة وغير المشروعة، بل سيكون هناك فائض على قيمة تكاليف السلعة، ويكون من نصيب صاحب رأس المال كربح خالص. وهكذا يتضح أنّ التوزيع الذي اعتقد به "ماركس" في الثروة الناتجة قد أهمل عامل الطبيعة.


وفي الأبحاث القادمة سنتحدث عن عنصر صاحب العمل، وندرس مساهمته في الربح الحاصل من الإنتاج.


الــجــواب الـثـانـي:


في الفصل الأول إنتقدنا مقدمة "ماركس" الأولى: "قيمة كل سلعة تساوي العمل المبذول فيها". واتضح أنّ العمل ليس عامل تحديد القيمة، بل إنّ وفرة السلعة، وكذلك مقدار حاجة الناس الإقتصادية إليها، هما العاملان اللذان يحددان قيمة السلعة.


مع ملاحظة هذا الأصل، لو فرضنا أننا قبلنا مقدمة "ماركس" الأولى التي تقول: "إنّ قيمة كل سلعة تساوي قيمة تكاليفها" فلن تكون نظريته صحيحة أيضاً، لأنه ما لم تحدد قيمة السلعة إنطلاقاً من مقدار العمل المتجسد فيها فسيكون الربح الخالص مشروعاً، ولا يكون هناك إشكال "القيمة الفائضة".


وكثيراً ما يحدث أن تحدد قيمة لسلعة ما بأكثر من قيمة عوامل إنتاجها، وفي هذه الحالة عندما نستخرج تكلفة الإنتاج من قيمة السلعة يبقى الربح الخالص، وفي حال توزيع هذا الربح على جميع عوامل الإنتاج المختلفة، سينال صاحب رأس المال سهماً من هذا الربح الخالص، ولا يكون دخله الخالص مسروقاً أو مغصوباً. وبهذا النحو يوجه النقد الى توزيع "ماركس"، وتُحل مشكلة القيمة الإضافية. (10)


وفي كتاب "رأس المال" يحاول "ماركس" أن يبرهن بالأرقام على صحة نظريته حول توزيع الثروة ومسألة القيمة الفائضة، ويتطرق الى مراحل ظهور القيمة الفائضة في التجارة. وسنتناول هذين الموضوعين ونقدهما في الأبحاث القادمة.
إن الذين يحاولون طعن العمل الوحدوي العربي من أساسه مستدلين بخلافات الانظمة العربية، هؤلاء أصحاب نظرة سطحية للواقع الفعلي لامتنا العربية