Advanced Search

المحرر موضوع: الـتـجـارة والـقـيـمـة الـفـائـضـة  (زيارة 977 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

نوفمبر 26, 2002, 02:59:24 صباحاً
زيارة 977 مرات

إداري

  • عضو مشارك

  • ***

  • 292
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
الـتـجـارة والـقـيـمـة الـفـائـضـة
« في: نوفمبر 26, 2002, 02:59:24 صباحاً »
الـتـجـارة والـقـيـمـة الـفـائـضـة


 

بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم


لكي يعتبر التجارة عملاً غير مشروع، يقدّم "ماركس" توضيحاً خاصاً يثبت فيه ظهور القيمة الفائضة في التجارة. ولتوضيح هذا البحث ننقل مقدمة من كتاب "رأس المال":


"يمكن ملاحظة أنّ المعاملات الجارية في السوق على شكلين:


الشكل الأول: شخص يملك سلعة وليس بحاجة إليها، فيبيعها ويوفر لنفسه السلعة التي يحتاج إليها. مثلاً: عشرون متراً من القماش يبيعه مالكه الأصلي في السوق ويشتري لنفسه بدلة. إذاً، المعاملة تمت بهذا الشكل: سلعة - نقد - سلعة.


الشكل الثاني: وهو يختلف تماماً عن الأول، ويعبّر عنه بـ: نقد ـ سلعة ـ نقد. أي تحويل النقد الى سلعة، ثم تحويلها من جديد الى نقد، أي الشراء من أجل البيع.


ويلاحظ أنّ الهدف في الحالة الأولى - وهو توفير السلعة التي هناك حاجة إليها (بدلة) - تم بيع سلعة لا يحتاج إليها (عشرون متراً من القماش)، وقد لعب النقد دور الواسطة والوسيلة وحسب.


أما في الحالة الثانية، فكان الهدف توفير النقد، ولهذا الغرض وظفت كمية أقل من النقد كرأسمال، وتم شراء السلعة التي أصبحت وسيلة لنمو رأس المال فحسب، وذلك من خلال بيعها والحصول على نقد أكثر.


في الحالة الأولى، يتحول النقد أخيراً الى سلعة تُستخدم بعنوان قيمة الصرف أو شيء مفيد. وبسبب الشراء إبتعد هذا النقد عن مصدره، وتم صرفه دفعة واحدة.


وفي الحالة الثانية، يضع المشتري نقده في إطار المعاملة ليسترجعه في الختام بصفة البائع. فعاد هذا النقد أخيراً الى مصدره الأصلي، ويبقى هكذا حيث استخدم في بداية الأمر في المعاملة بصورة عربون وعلى الحساب".


ويستنتج "ماركس" من هذه المقدمة أنّ الحركة في الشكل الثاني من المعاملات، أي: نقد - سلعة - نقد، بدأت بالنقد وانتهت الى النقد. فالمقصود منها قيمة التبادل، وإنّ نهاية المعاملة تعني أنّ مبلغين من النقد، المتساويين، من حيث الكيفية والفائدة، يختلفان عن بعضهما في الكمية فحسب.


مثلاً، لو أنّ أحداً استبدل مئة ريال مع مئة ريال فإنه قام بعمل غير نافع، ولا يمكن أن يكون هناك سبب وباعث لحركة "النقد - السلعة - النقد) غير الإختلاف الكمي بين مبلغين من النقد، وفي نهاية الأمر يكون مقدار النقد الناتج من المعاملة أكثر من المقدار الذي وُظف في بداية المعاملة. والشكل الكامل لهذه الحركة عبارة عن'<img'>100 ريال ـ 1000 كيلو غرام قطن ـ 110 ريال). حيث تنتهي المعاملة بتحويل مبلغ مقداره 100 ريال الى مبلغ أكثر مقداره 110 ريال. ونسمي هذا المقدار الإضافي البالغ عشرة ريالات قيمة فائضة.


إذاً، لم يحافظ على النقد الذي دخل المعاملة ـ على الحساب ـ فحسب، بل أصبحت القيمة الفائضة التي حصلت عن طريق القيمة، عاملاً حوّل ذلك النقد الى رأسمال.


ويمكن شرح الإستدلال أعلاه من خلال المقدمات الآتية والبرهنة على القيمة الفائضة:


1- يوجد ألف كيلو غرام قطن في المعاملتين الجاريتين، وقد تم شراؤه أو بيعه وفق قيمته الواقعية.


2- لم تتغير القيمة الواقعية لألف كيلو غرام قطن (أي درجة فائدته الإستهلاكية). فلماذا إذاً تساوى مع مئة ريال في المعاملة الأولى، ومع مئة وعشرة ريالات في المعاملة الثانية؟


3- لا يوجد فرق بين المعاملتين من حيث درجة فائدة النقد. إذاً، فالفرق بين النقدين هو في الكمية فقط، يعني أنه أصبح هناك فائض بمقدار عشرة ريالات في المعاملة الثانية.


وبناءاً على ما تقدّم، هناك إضافة عشرة ريالات من دون سبب، وسرقة من أموال مَن اشترى ألف كيلو غرام قطن، أخذها صاحب رأس المال (البائع) وقد أطلق عليها اسم القيمة الفائضة".


ويضيف "ماركس" في الختام: "تعتبر المرحلة الأخيرة من حركة النقد - السلعة - النقد [التي عبّرنا عنها بمثال 110 ريال] المرحلة الأولى لحركة جديدة حدّها النهائي أكبر من هذا المبلغ، ويكون صاحب النقد – الذي يعتبر ممثل هذه الحركة – صاحب رأسمال. وتتجدد حركة تحصيل الربح بشكل دائم عن طريق دوران النقد، ويتم الشراء من أجل البيع بقيمة أكثر. وتكون معادلة رأس المال العامة بالشكل المهيمن على المعاملة".


نـقـد:


فقد تقتصر مسؤوليتنا في بحث ودراسة هذه النظرية على توضيح الأصل التالي: "هل فائدة السلعة وقيمتها الإستهلاكية في المعاملتين، المعاملة: النقد – السلعة (100 ريال – 1000 كيلو غرام قطن) ومعاملة: السلعة – النقد (1000 كيلو غرام قطن – 110 ريال)، واحدة أم لا؟ وهل فائدة النقد في المعاملتين واحدة أم متفاوتة؟


مع توضيح هذا الأصل، يتضح دور التاجر في الإنتاج، وتتحقق مشروعية التجارة التي كانت وما زالت أكبر أساساً للرأسمالية.


وتطرح في البداية عدة أمثلة:


- المثال الأول: يشتري التاجر القطن من الفلاح المصري ويبيعه الى مصانع مانشستر لإنتاج الأقمشة في بريطانيا. هل يتساوى حال ألف كيلو غرام قطن عند شرائه من الفلاح المصري - من حيث الفائدة والقيمة الإستهلاكية - مع حال وصوله الى صاحب المصنع البريطاني.


إنّ هذا يشبه تماماً توافر الماء الى جوار نبع، أو في صحراء قاحلة، بالنسبة لشخص ظامئ.


- المثال الثاني: ما هو الفرق من حيث الفائدة بين ألف كيلو غرام ثلج في الشتاء وألف كيلو غرام ثلج في الصيف، لدى سكان المدن التي ما زالت تدّخر الثلوج في الشتاء في مخازن خاصة لاستهلاكها في الصيف؟!


- المثال الثالث: فلاح لم يجنِ محصوله بعد، فباعه سلفاً لحاجته الماسة الى النقد من أجل معالجة ابنه المريض مثلاً. وفضلاً عن توفير احتياجاته، قام أيضاً ببعض الإجراءات من أجل تحسين مستوى محصوله، فالتاجر هنا يشتري المحصول رخيصاً ويبيعه غالياً.


- المثال الرابع: من الطبيعي في التعامل بالدين أن تستلم السلعة في وقت ويؤجل دفع النقد الى وقت آخر، وبذلك يشتري البائع السلعة نقداً بقيمة أرخص.


إنّ التأمل في دراسة هذه الأمثلة يساعدنا في الإقتراب من موضوع البحث، لأنّ الفرق واضح تماماً بين فائدة القطن في سوق مصر والثلج في الشتاء، وبين القطن في سوق مانشستر والثلج في الصيف. وإنّ هذه الفائدة تحققت في الغالب بفعل النشاط الفكري والعملي للتاجر. وفي المثالين الثالث والرابع لم تختلف فائدة السلعة، ولكن فائدة النقد إختلفت كثيراً، أي أنّ النقد في المثال الثالث يفيد الفلاح أكثر ويفضّل أن يحصل على نفس النقد قبل جني المحصول، نظراً لظروفه الصعبة.


والآن، نستطيع أن نستنتج من هذا البحث ما يلي:


في المعاملتين المفروضتين "النقد - السلعة" و"السلعة - النقد" إختلفت فائدة السلعة كثيراً نتيجة نشاط التاجر. فقد أصبح النقد الذي بُودل بالسلعة في المعاملة الثانية أكثر من نقد المعاملة الأولى. وهكذا، في قسم من المعاملات، إزدادت فائدة النقد في المعاملة الأولى. وبناءاً على هذا، أصبح هناك نقد أكثر في المعاملة الثانية ليتم التعويض عن انخفاض الفائدة.


وبهذا التوضيح يتم إثبات الإنتقاد الأول. والآن لنلاحظ جملة أخرى من الكتاب: "لا يمكن أن يكون هناك سبب لحركة النقد - السلعة - النقد، غير الإختلاف الكمي بين مبلغَي النقد.


تبيّن من التوضيحات التي مرت أعلاه أنّ التاجر رغم كونه عامل هذه الحركة من أجل الإختلاف الكمي بين المبلغَين، إلاّ أنّ الطرف الآخر للمعاملة قام بهذه المعاملة بسبب ازدياد فائدة السلعة أو انخفاض فائدة النقد.


عـدة إنـتـقـادات أخـرى:


أولاً: لا تقتصر التجارة اليوم على شراء سلعة لبيعها، بل توجد في الأسواق العالمية آلاف الأنواع من المعاملات التجارية التي ليست لتوضيحات "ماركس" في موضوع "القيمة الفائضة" أية علاقة بها. نكتفي هنا بذكر عدة أنواع منها:


أ) جميع الأعمال التي تشمل حق العمل وحق العمولة والسمسرة، التي تعتبر اليوم فصلاً مهماً من التجارة، وأقرّت قوانين التجارة في العالم بشكل عام ضوابط خاصة بشأنها.


ب) نشاطات مؤسسات نقل المسافرين ونشاطات حمل البضائع، الجوية والبحرية.


ج) الضمان وأنواعه، الذي يعدّ اليوم من أهم الأنشطة التجارية في العالم وأكثرها شيوعاً.


د) تبادل الوثائق التجارية مثل الحوالة والكمبيالة وغيرهما.


هـ) النشاطات المصرفية التي تشمل آلاف الأنواع، مع أنّ قسماً كبيراً منها غير مشروعة، لبعض الأسباب.


و) المعارض العامة.


ز) معاملات المزايدة.


ح) المعامل اليدوية التي تعتبر من الوحدات الإنتاجية الصناعية.


ويلاحظ القارئ العزيز أنه لا يمكن القبول بأشكال القيمة الإضافية في مثل هذه المعاملات التجارية بالشكل الذي نقلناه في كتاب "رأس المال".


ثانياً: على خلاف قاعدة "ماركس" (القيمة = العمل) يمكن التطرق في هذا البحث الى موضوع الفائدة والقيمة الإستهلاكية والقبول بأشكال القيمة الفائضة على أساس ذلك. ومن البديهي عندما ندرس نظريته في القيمة، يكون الجواب أوضح من الإشكال، لأنّ علماء الإقتصاد يبحثون منذ سنوات دور التاجر في الإنتاج، وفي النهاية يعترف الجميع - رغم اختلافهم - بحقيقة واحدة هي نشاط التاجر في مجال استهلاك السلعة، فتكون بذلك السلعة المستهلكة تجسيداً لأعمال المنتجين مع إضافة عمل التاجر. وإنّ وضع السلعة في الحالة الثانية (السلعة - النقد) يختلف عن الحالة الأولى (النقد - السلعة).


جدير بالذكر أننا لم نهدف من وراء أبحاثنا، آنفة الذكر، الدفاع عن المنتجين ونشاطاتهم المختلفة أو عن التجار ومعاملاتهم، بل الحديث عن حقيقة علمية لا يمكن إنكارها، وهي: "إمكانية وجود رأس المال عن طريق مشروع" والتي ستكون أساس أبحاثنا المقبلة. والآن ندعو القارئ الكريم الى البحث التالي الذي يتمحور حول دراسة أسلوب المدرسة الإقتصادية الإسلامية في توزيع السلعة المنتجة.
إن الذين يحاولون طعن العمل الوحدوي العربي من أساسه مستدلين بخلافات الانظمة العربية، هؤلاء أصحاب نظرة سطحية للواقع الفعلي لامتنا العربية