Advanced Search

المحرر موضوع: محنة الطبقة الوسطى في المجتمع العربي  (زيارة 954 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

أغسطس 24, 2003, 08:06:23 صباحاً
زيارة 954 مرات

السيم الوسيم

  • عضو مبتدى

  • *

  • 14
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
محنة الطبقة الوسطى في المجتمع العربي
« في: أغسطس 24, 2003, 08:06:23 صباحاً »
عبدالإله بلقزيز .....

نهضت الطبقة الوسطى بأدوار كبيرة في التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي الحديث للوطن العربي. وهي أدوار قلما أمكن لغيرها من الطبقات والفئات الاجتماعية الأخرى أن ينهض بها، ربما لأسباب تتعلق بتفاوت التطور بينها، أو تتعلق باختلاف درجة التكوين والتأهيل لديها، أو تتعلق بنوع العلاقة التي انتسجت بين هذه الطبقات وبين الدولة. ولنا أن نقف على أمثلة ونماذج من تلك الأدوار من خلال العناوين الأربعة التالية:
أولها أن هذه الطبقة هي من تحمل أعباء قيادة حركة التحرر الوطني لنيل الاستقلال الوطني ودحر الاحتلال الأجنبي. ومع أن القاعدة الاجتماعية الأساس لهذه المعركة الوطنية ضد الاستعمار كانت من الفلاحين، ومن حرفيي المدن والعمال، وصغار التجار، إلا أن قيادتها آلت إلى نخب من الطبقة الوسطى (المثقفون، والبرجوازية الوطنية الصغيرة، والتجار المتوسطون، والمهنيون...) وهي أيلولة يفسرها الطابع المديني للطبقة الوسطى من جهة، ومستوى التعليم الأعلى فيها - قياسا بغيرها من الطبقات - من جهة أخرى.
وثانيها أن هذه الطبقة نهضت بدور بناء "الدولة الوطنية": دولة الاستقلال، بعد الجلاء الاستعماري عن البلاد العربية. فهي من أقام إدارة عصرية، وأنشأ طبقة بيروقراطية لإدارة مؤسسات الدولة وأجهزتها. وهي من بنى جيشاً وطنياً على أسلوب التنظيم العسكري الحديث، وأقام صناعة وطنية، ونشر مؤسسات الدولة في النسيج الاجتماعي وزودها بحاجتها من الأطر والكفاءات...إلخ وبالجملة، فهي من حول الدولة - في البلاد العربية - من دولة سلطانية إقطاعية إلى دولة حديثة، وحمى استقلال هذه الدولة في وجه الاستعمار الجديد.
وثالثها أنها الطبقة التي أنجزت برنامج التنمية الواسع للقسم الأعظم من البلاد العربية: أممت مصالح الرأسمال الأجنبي وشركاته، وأقامت البنى الصناعية المتطورة، ووسعت مساحة الأراضي المزروعة وأعادت توزيعها على الفلاحين، وأنجزت الإصلاح الزراعي في هيكل الملكية وفي نظم الري وأولويات الإنتاج، وحققت معدلات معقولة من الزيادة في الإنتاج الوطني، وحمت بتشريعاتها حقوق المنتجين وأشركتهم في إدارة مؤسسات الإنتاج، وقدمت رعاية اجتماعية للفئات الفقيرة من تعليم مجاني ومن صحة معممة ومن فرص للعمل والسكن، وشيدت البنى التحتية الأساسية للخدمات العامة، وسعت في إخراج المجتمع من حال التخلف والخصاص الموروثة.
أما رابعها، ففي أن هذه الطبقة كانت الرحم الاجتماعي الذي أنجب مشروعا ثقافيا للمجتمع العربي الحديث هو: المشروع النهضوي. فمن جوف هذه الطبقة خرجت أجيال المثقفين العرب الذين ساهموا في تعميم قيم المعرفة من خلال مؤسسات التعليم، والثقافة والصحافة والمنشورات، والذين حاولوا أن يزودوا مجتمعاتهم برؤية للذات والعالم، ويزجوا بوعيها في معترك أسئلة العصر وتحدياته. ومن جوف هذه الطبقة أمكن للمشروع السياسي التحرري - ممثلا في بناء الدولة الوطنية الحديثة وتطوير المجتمع وتحديث بنى التنمية وتحقيق التقدم الاجتماعي - أن يجد له أيديولوجيا ونظاماً ثقافياً يبررانه أو يسوغان له الشرعية، فيتحولان معا إلى ثقافة جمعية لدى سائر المجتمع الوطني.
ذلك بعض قليل مما نهضت به هذه الطبقة في العصر الحديث في مجتمعاتها العربية وخاصة في الحقبة الفاصلة بين ثلاثينيات القرن العشرين وسبعينياته: وهو ما لم يكن قليلا في حساب المكتسبات. غير أن دور هذه الطبقة اليوم يعاني من مظاهر الأزمة والتراجع الشيء الكثير، بل هو يكاد يكون غائبا في أغلب المجتمعات العربية المعاصرة، حتى لا نقول فيها جميعا. والأسباب في ذلك عديدة، ولعل أهمها على الإطلاق: ضمور الطبقة الوسطى وتدني مركزها في الهيكل الطبقي للمجتمع، وزوال الأسباب - والآليات - السياسية التي كانت في أساس إنتاج الطبقة الوسطى وإعادة إنتاجها!
يعود ذلك - في ما نقدر - إلى ما آلت إليه السياسات الاقتصادية والاجتماعية العربية الرسمية، منذ عقود ثلاثة، من نهج مجاف لسائر الاختيارات الوطنية السابقة، ومن منحى إلى إعادة النظر في كل برنامج التنمية الوطنية في الحقبة الماضية. فلقد كان لإطلاق سياسة التراجع عن التنمية المستقلة، والسعي في التجاوب مع إملاءات المؤسسات المالية العامة ("صندوق النقد الدولي"، "البنك الدولي"...) ممثلة في إنجاز برنامج "التصحيح الهيكلي" دور رئيس في تدمير موقع الطبقة الوسطى في المجتمع. فحين يجري بيع مؤسسات القطاع العام للخواص، ووقف العمل بسياسة الاستثمار العام في قطاعات الإنتاج، وتقليص الصرف على قطاعات التعليم والصحة والخدمات العامة، والإدارة، وإلغاء التزام الدولة بتأمين العمل للخريجين الجامعيين...، فإن من أولى نتائج ذلك أن تتضرر مصالح الطبقة الوسطى التي يعيش قسم منها على الدولة. وحين تنسحب الدولة من الاقتصاد، فتتركه لقوى الرأسمال، وتلغي سياسات الدعم لمواد الاستهلاك الشعبي الأساسية، وتلغي مجانية التعليم والطبابة وتودي بمبدأ الرعاية الاجتماعية، وتصمت على سياسة تسريح عشرات بل مئات الآلاف من العمال والموظفين في القطاع الخاص دون أن تقدم لهم حقوقهم من الحماية والضمانات، وحين تسحب نفسها من دائرة الالتزام بتوفير مناصب عمل لملايين العاطلين...، فإن من نتائج ذلك أن توسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، بعد أن توسع من دائرة الأولين إلى المدى الأبعد. وهكذا، بدل أن يتوسع نطاق الطبقة الوسطى في المجتمع تلحق سياسات الدولة أقساما هائلة من المجتمع - مفترضة الانتماء إلى الطبقة الوسطى - بفئات المهمشين والمحرومين والبروليتاريا الرثة! والنتيجة؟ هاهي الطبقة تلك توشك على الانقراض من المشهد الاجتماعي العربي!

* كاتب مغربي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحياتي للجميع ...

السيم الوسيم ,,,

DVD999@MAKTOOB.COM

أغسطس 27, 2003, 02:45:21 مساءاً
رد #1

إداري

  • عضو مشارك

  • ***

  • 292
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
محنة الطبقة الوسطى في المجتمع العربي
« رد #1 في: أغسطس 27, 2003, 02:45:21 مساءاً »
الصديق العزيز .... اسعد الله جميع أوقاتك بكل خير .. بعد السلام عليك

الأخ العزيز .. فعلاً... كما ذكر كاتب المقال .. فإن الطبقه الوسطى .. أستطيع أن أسميها الطبقه الثورية في المجتمعات .. لأنها هي التي تقود التغير في المجتمعات .. لأن الطبقة الإستقراطية لاهم لهم في مايجري فيالمجتمع لأنهم يعيشون في عالمهم الخاص .. وقليلاً ,, مايدعون لأنفسهم الفرصه في أن يفكروا في مجتمعاتهم .. وأما الطبقه الأخرى .. الطبقه المعدوة أو التي تعيش تحت خط الفقر .. فهذه الطبقه . .لاهم لهم إلا قوت يومهم .. من المأكل والمشرب والمسكن .. يبقى لدينا الطبقه الوسطى .. والتي يكون وقودهم الطبقه المعدومة في إجراءالتغير .. لأن الوطنين من الطبقه الوسطى .. لايسرهم بأن ينظروا إلى الطبقه المعدومة في ظل أوضاع سلب ونهب لذا فإن وقود الطبقة الوسطى هي الطبقة المعدومه  للقيام بالتغير ..

شكراً لك عزيزي ..

مقال رائع تشكرعليه


نلتقي
إن الذين يحاولون طعن العمل الوحدوي العربي من أساسه مستدلين بخلافات الانظمة العربية، هؤلاء أصحاب نظرة سطحية للواقع الفعلي لامتنا العربية

أغسطس 30, 2003, 03:54:49 صباحاً
رد #2

السيم الوسيم

  • عضو مبتدى

  • *

  • 14
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
محنة الطبقة الوسطى في المجتمع العربي
« رد #2 في: أغسطس 30, 2003, 03:54:49 صباحاً »
الاخ العزيز / اداري

اشكر لك هذا التفاعل وعلى هذه المشاركه ...

كما احب اؤيد تعليقك  وازيد عليه ان الطبقه الوسطى هي صمام الامان للمجتمع وميزان الاستقرار في المجتمع  وكل ما كانت هذه الطبقه كبيره ومتسعه كلما اكن المجتمع اكثر استقرار .. وزادت سرعة تطور المجتمع وتقدمه ...

وهذا هو الخطر الذي يهدد السعوديه حاليا  حيث بدأ الكل يشاهد انحسار الطبقه الوسطى وظهور الطبقيه الخطيره والفجوه الكبيره بين الطبقتين الكادحه والطبقه الإستقراطية والفراغ بين هاتين الطبقتين  يمثل خطرا كبير على جميع الاصعده الاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه  ...

تحياتي للجميع ,,,,