Advanced Search

المحرر موضوع: تصور لابعاد الصحه النفسيه من منظور اسلامي  (زيارة 649 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

سبتمبر 11, 2003, 12:55:34 صباحاً
زيارة 649 مرات

التواق للمعرفة

  • عضو خبير

  • *****

  • 2342
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
تصور لابعاد الصحه النفسيه من منظور اسلامي
« في: سبتمبر 11, 2003, 12:55:34 صباحاً »
تعتبر الصحة النفسية من الأشياء التي ينشدها الناس في مشارق الأرض ومغاربها ولأهميتها في حياة الفرد والمجتمع ظهر الدعاة أليها ، الذين يقولون ان رسالتهم هي مساعدة الأفراد على أن تكون لهم البصيرة والقدرة على التصدي لمشكلاتهم اليومية ، والقدرة على حلها ، بما يؤدي بهم الى الصحة النفسية وعلى ضوء هذا ظهرت العديد من المنظمات التي تعمل في مجال الصحة النفسية ، وتهدف الى تدعيمها لدي الأفراد ، بما ينعكس إيجابيا على المجتمع ، كما صدرت الكتب والمراجع والدوريات والنشرات التوجيهية والإرشاد النفسي لمساعدة الأفراد على تحقيق الصحة النفسية وتدعيمها لديهم.

وعلى الرغم من ذلك نجد ان هناك تزايدا في عدد المؤسسات والعيادات النفسية التي تقوم على علاج الاضطرابات النفسية التي تتزايد يوما بعد يوم وخاصة في المجتمعات الغربية والتي من أهم مظاهرها زيادة حالات الانتحار الفردي والجماعي ، هذه الظاهرة التي ان دلت على شيء فإنما تدل على اليأس من الحياة ، وعدم القدرة على الوصول للصحة النفسية لماذا ؟ ومن ثم فقد أحس الفرد في طوال العالم وعرضه أنه في سفينة انقطعت أسبابها بالبر (الصحة النفسية) فما أعدته المنظمات الدولية والمؤسسات التي تعمل في مجال تحقيق وتدعيم الصحة النفسية للأفراد يدور حول حلقة مفرغة من أبعاد الصحة النفسية ذاتها وأما بالنسبة لمكاتب التوجيه والإرشاد النفسي ، فهي ترشد الفرد الى وسائل وسبل لا يمكن أن توصله الى الصحة النفسية فهي ترشد الفرد الى وسائل وسبل لا يمكن أن توصله الى الصحة النفسية ، بل بالعكس ولذا فان مثل هذه المكاتب كمثل إنسان سأله آخر عن الطريق الصحيح المؤدي الى مدينة معينة ( الصحة النفسية ) فإذا بالإنسان المسئول يجهل الطريق فيدل السائل على طريق آخر يؤدي به الى مكان لا يريده بل يريد الفرار منه – (الاضطراب النفسي) لماذا ؟ لأن مثل هذه المكاسب تسير في إرشادها على أساس منهج يتغلب فيه الجانب المادي على الجانب الروحي إضافة الى أنه ملئ بالتناقضات التي توقع الفرد في الصراع ولا يعرف أين لطريق الذي يوصله الى مراده (السعادة النفسية) فنجده يمشي يتخبط كالذي يتخبطه الشيطان من المس ، أو كالذي يمشي في الظلمات ليس بخارج منها الأمر الذي يجعله ييأس من الوصول الى مراده فتكون النتيجة النهائية الانتحار أو الوقوع في دائرة الاضطراب النفسي ومن هنا يتضح لنا أن تحقيق السعادة والصحة النفسية يكمن في اتباع الفرد لمنهج خال من التناقضات منهج يركز على الجانب الروحي الذي به يكتسب الانسان آدميته كما قال الشاعر (فأنت بالروح لا بالجسم إنسان) ولا نعلم أن هناك منهجا مثل هذا سوى المنهج الذي اختاره الله لعباده (الكتاب والسنة) 0 قال صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي)0 ومن ثم يتضح لنا بل يتأكد أن السبيل الوحيد للوصول الى السعادة والصحة النفسية كمطلب ينشده كل البشر هو اتباع منهج الله – عز وجل بأوامره ونوهيه ، ومن ثم يثار تساؤل ألا وهو ما أبعاد الصحة النفسية من منظور إسلامي ؟ يقول صلى الله عليه وسلم فيما معناه : ( ما تركت باب من الخير ألا وأخبرتكم به 0 وما تركت بابا من لاشر الا ونهيتكم عنه) أو كما قال (ص) وباب الخير في هذا الحديث هو الذي يؤدي بالفرد الى السعادة والصحة النفسية ، وباب الشر هو الذي يؤدي به الى الشقاء والاضطراب النفسي ومن ثم فان أبعاد الصحة النفسية من المنظور الإسلامي هي نفس الأبعاد أو الأركان التي يتكون منها باب الخير الذي دلنا عليه النبي(ص) وهي (الشهادتان وتضم التوحيد بأنواعه الثلاثة والأيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ولا قضاء والقدر) والتكاليف من (صلاة وزكاة وصوم وحج) والمعاملات وهي : علاقة المسلم بالمسلم وحقوق المسلم على المسلم وعلاقة الجار بجاره المسلم وعلاقته بجاره غير المسلم وعلاقته بولى الأمر وعلاقته بالمجتمع ، الخ 00 من العلاقات والآخذ بالأسباب وبالتأمل في هذه الأبعاد الأربعة نجد أن الشهادتين تمثل المدخل الأساسي للصحة النفسية والتكاليف تمثل الجوهر الذي يمثل جانب تهذيب النفس والسمو بها وتعديل السلوك ، وأما المعاملات فتمثل التفاعل مع المجتمع وأفراده والأخذ بالأسباب يمثل القدرة على مواجهة الأزمات والمشكلات ومن وجهة نظرنا فان أبعاد الصحة النفسية لا تخرج عن هذه الأبعاد الأربعة ، وفيما يلي شكل تخطيطي يوضح أبعاد الصحة النفسية من منظور إسلامي 0 بالنظر الى الشكل التخطيطي نجد أن الفرد عندما ينطق بالشهادتين موقنا بهما مقرا بأنواع التوحيد الثلاثة (توحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الألوهية ) وكذلك الأيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ولاقضاء والقدر) أطمئن قلبه وشعر أنه داخل في حمى قوة ليس كمثلها قوة ، يقول الحق تبارك وتعالى عن نفسه : (ليس كمثله شيئي وهو السميع البصير ) ومن ثم فان هذا البعد يعتبر البعد الأساسي والمدخل الذي يهيئ الفرد لأن يعيش في إطار السعادة والصحة النفسية كما أنه يعتبر البعد الأساسي الذي يؤدي للأبعاد الأخرى كحديث النبي (ص) أحد سفرائه رضوان الله عليهم عندما أرسله الى قوم يدعوهم للإسلام فقال (ص) فيما معناه ( أدعوهم لأن يقولوا لا اله الا الله فان قالوها فاخبرهم بأن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، وصدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ، وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا أو كما قال (ص) واما بالنسبة للتكاليف فتمثل البعد الثاني وهو ( الجوهر) فالتكاليف عندما يؤديها الانسان بحث نجدها تسهم في تهذيب النفس والسمو بها ، ومساعدة الفرد على تعديل سلوكياته لأن التكاليف من شأنها ان تعدل سلوك الانسان لقوله (ص) من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمبكر فلا صلاة له ) ونفهم من هذا الحديث أن التكاليف تعمل على تعديل السلوك وتهذيب النفس والسمو بها عن كل ما من شأنه أن يهبط بها فتقع في دائرة الاضطراب النفسي من خلال ارتكاب المعاصي واذا ما تهذيب النفس وسمت استطاع الانسان أن يعدل من سلوكياته حسب منهج الله- عز وجل وتخلص من كل آفات النفس التي تفسد عليه علاقته بالآخرين مثل( الكبر – والعجب – والحقد – والحسد) الخ وأصبح من خيار الناس بحسن خلقه لقوله (ص) (ان من خياركم أحسنكم أخلاقا ) وهذا يؤدي به الى البعد الثالث وهو المعاملات وتشمل علاقة المسلم بالمسلم وحقوق المسلم على المسلم وعلاقة الجار بجاره المسلم وعلاقته بجاره غير المسلم وعلاقته بولي الأمر ، وعلاقته بالمجتمع  الخ من العلاقات وطالما أن الفرد تخلص من آفات النفس سوف يستطيع التفاعل مع الآخرين دون مشكلات وبما يجلب له السعادة والصحة النفسية  ومن ثم نجده يتعمق أكثر في دائرة الصحة النفسية وبتفاعل الأبعاد الثلاثة يستطيع الفرد الوصول الى الى البعد الرابع (الأخذ بالأسباب) والذي يعني في مجال الصحة النفسية (قدرة الفرد على مواجهة الأزمات والمشكلات بطريقة إيجابية) وذلك بما يلقاه من أمن واطمئنان وثقة في الله تعالى أولا ثم فيمن يتعامل معهم من البشر ، وبهذا يكون قادرا على حل مشكلاته ومواجهة أزماته بما لا يضر غيره من الناس

ومن العرض السابق لأبعاد الصحة النفسية من منظور إسلامي يمكننا تعريف الصحة النفسية من هذا المنظور بأنها (قدرة الفرد على تجريد نفسه من الهوى ، واخلاص العبودية لله تعالى ، بالمحبة والطاعة والدعاء والخوف والرجاء والتوكل مع القدرة على تهذيب النفس والسمو بها من خلال أداء التكاليف التي شرعها الله ، كذلك القدرة على التفاعل مع البيئة التي يعيش فيها فيسلك فيها السلوك المفيد والبناء بالنسبة له ، ولمجتمعه وبما يساعده على مواجهة الأزمات والصعوبات التي تواجهه بطريقة إيجابية دون خوف أو قلق وتقبل ذاته وواقع حياته والتوافق مع المجتمع الذي يعيش فيه والبعاد الأربعة في مجموعها تحقق للفرد أقصى درجات الصحة النفسية وإذا كان الأمر كذلك فهل آن الأوان لأن نتسابق الى الطريق الحقيقي المؤدي الى الصحة النفسية وتربي أبنائنا تربية إسلامية تحقق لهم ذلك ؟