الإبداع والابتكار:
يرى البعض من العلماء أن ثمة فرق بين الإبداع والابتكار حيث أن الإبداع يتناول الجانب النظري والابتكار هو الجانب التطبيقي، وبمعنى آخر أن أية فكرة أصيلة جديدة فهي فكرة مبدعة، ولكن إذا تحولت هذه الفكرة إلى واقع حقيقي ملموس فإنها تتحول إلى ابتكار.وبذلك لايوجد فرق بين المصطلحين فكلا المصطلحين وجهين لعملة واحدة فتارة يستخدم المتخصصون مصطلح الإبداع أو التفكير الإبداعي وتارة يستخدمون مصطلح الابتكار أو التفكير الابتكاري، وتارة يتم الجمع بين المصطلحين، والمقصود واحد من هذين المصطلحين, ومما يستدل به في تعضيد هذا الرأي ما يلي:
1.أن المعنى اللغوي لكل من الابتكار والإبداع واحد وهو الانشاء على غير مثال سابق أو الاستحداث.
2.أن المصطلح الانجليزي للإبداع هو نفس المصطلح الانجليزي للابتكار وهو Creativity كما ورد ذلك في معجم مصطلحات العلوم الادارية للدكتور أحمد بدوي كما ويترجم المتخصصون العرب هذا المصطلح تارة بالإبداع وتارة أخرى يترجمونه بالابتكار.
3.بالرجوع إلى العديد من المراجع المتخصصة في التفكير الإبداعي أو الابتكاري وجد أن كثير من المتخصصين في هذا المجال لا يميزون بين هذين المصطلحين بل ربما يستخدمونهما في نفس الموضع وبنفس المعنى.
وقد أشارت مراجعة للدراسات المنشورة في قاعدة بيانات الدكتور محمد الصأوي وعددها 287 دراسة لهذه الحقيقة حيث تفيد أن بحوث كليات التربية تركز على (الابتكار) بينما تركز بحوث كليات الاداب والتربية الفنية والموسيقية على(الإبداع) وتبين أن حوالي 70% من الدراسات موضع التحليل استخدمت مصطلح الابتكار، في حين بلغت نسبة الدراسات التي استخدمت مصطلح الإبداع حوالي 21% فقط، أما مصطلح العبقرية والتفوق فقد أستخدم فيها 9% فقط من هذه الدراسات .
مفهوم الابتكار(الإبداع):
يشير رودس Rhodes (1961) "بأننا لكي نفهم الإبداع فلا بد من دراسته ككيان متكامل معتمدين على أربعة أبعاد" حددها بالتالي:
1. المناخ أو البيئة الإبداعية The Creative Press
2. الناتج الإبداعي The Creative Product
3. العملية الإبداعية The Creative process
4. الشخص المبدع The Creative Process
ويشار إلى الأبعاد السابقة بصورة مختصرة تحت مسمى (4PS)
وسنتناول المحاور الأربعة بشيء من التفصيل.
أولاً : الابتكاركإسلوب حياة:
وتضم هذه التعريفات كل ما يتعلق بالمناخ أو البيئة وأسلوب الحياة المحيطة بالفرد وقد حدد Ekvall من مجلس أمن التطوير التشغيلي بالسويد عشرة أبعاد متعلقة بالمناخ الإبداعي أو البيئة الإبداعية شملت: التحدي والحماس Challenge and motivation, الحرية Freedom, الديناميكية Dynamism, الثقة والانفتاح Trust and openness, زمن الفكرة Idea time, المرح والدعابةhumor Playfulness and, الصراع Conflict, دعم الفكرة Idea support,المناقشات Debates وأخيراً المخاطرة Risk taking.
(Scritchfield, 1999).
وعلى سبيل المثال يتفق كلاً من هوبكنز Hopkins وأندرو Andro على أن الابتكار هو " تلك العملية التي يمر بها الفرد عندما يواجه مواقف ينغمر فيها وينفعل بها ويعيشها بعمق ثم يستجيب لها وبما يتفق وذاته" .
وتناول فروم Fromm (1959) الابتكار في معنيين هما:
· أسلوب حياة, حيث يرى الفرد الجديد في القديم ويصبح كل يوم من أيامه ميلاداً جديداً ويقبل على الحياة بمواقفها المتعددة ولا يرى التكرار ولا يرى إلاّ الجديد وبالتالي استجاباته كلها أصيلة وهنا لا يتوجب إنتاج شئ جديد في عالم الأشياء.
·إنتاج شئ جديد يراه الآخرون أو يسمعون عنه.
وتشير حجازي (2001) إلى أن (ماسلو) ميز بين نوعين من الابتكار، وهما:
1.ابتكارية الموهبة: وهي تلك القدرة التي تعتمد على الموهبة الخاصة والتي تظهر في إنتاج الأعمال العظيمة.
2.ابتكارية تحقيق الذات: ويطلق عيها الابتكارية الأولية وهي تلك العملية التي تنبع من رغبة الفرد في تحقيق ذاته وكيانه وتستخدم العملية الأولية أكثر من استخدامها للعملية الثانوية وتتميز بالقدرة على التعبير عن الأفكار والحوافز دون كف ودون خوف من سخرية الآخرين.
ويرى ماسلو أن هذا التعريف يتميز بالشمول والعمومية وهي صيغة مميزة للإنسانية المتكاملة ومرادفاً للصحة النفسية السليمة.
كما تضيف حجازي (2001) أن (أندرسون) يرى نوعين ومعنيين للابتكار:
1.الإنتاج الملموس: كما يوجد في الفن والموسيقى والإنتاج العلمي.
2.الابتكارية الاجتماعية أو النفسية: وتعتمد على الذكاء أو الإدراك السليم واحترام الفرد والجرأة في التعبير عن الأفكار.
ذلك هو المحور الأول والذي تناول معنى الابتكار في ضوء أنه أسلوب حياة.
وإلى لقاء قريب, نستكمل به موضوع الابتكار والابداع من وجهة نظر علماء النفس
