ثانياً: الابتكار ناتج محدد
يتضمن هذا المحور مجموعة من الآراء التي نظرت إلى الابتكار في إطار أكثر تحديداً مما سبق فعلى سبيل المثال ترى ميد Mead (1959) أن الابتكار هو " تلك العملية التي يقوم بها الفرد وتؤدي إلى اختراع شئ جديد بالنسبة له ".
كما يرى ماكنون Mackinnon أن الابتكار يعني القدرة على تقديم إنتاج مميز بأكبر قدر من الأصالة، المرونة والطلاقة".
ويؤكد أخرون ما ذهب إليه التعريف السابق، بأن الابتكار هو"قدرة الفرد على الإنتاج، إنتاجاً يتميز بأكبر قدر من الطلاقة الفكرية، والمرونة التلقائية والأصالة، وبالتداعيات البعيدة، وذلك كاستجابة لمشكلة أو موقف مثير".
وتشير حجازي (2001) أن هذا الناتج يجعلنا في حاجة لمناقشة الأتي:
· معنى الجدة بالنسبة للناتج:
بمعنى هل يعتبر الناتج أصيلاً إذا كان جديداً بالنسبة لمن أنتجه فقط أو لا بد أن يكون جديداً بصورة مطلقة، وبمعنى آخر هل تعتبر مصدر الحكم على الجدة داخلياً أم خارجياً, حيث يرى البعض أن مصدر التقويم لا بد أن يكون داخلياً أي أن الإنتاج يكون جديداً إذا كان جديداً بالنسبة لمن أنتجه وهو الاتجاه الذي تبناه روجرز Rogers إلاّ أن البعض من العلماء أمثال سوروكين, يرون عكس ذلك فالنشاط الابتكاري لا ينبغي أن يطلق إلاعلى تلك الإضافات البناءة الجديدة التي تضيف الجديد إلى القيم العليا: الحق، الخير والجمال وغيرها من القيم الإنسانية العليا وعلى هذا الأساس فإن الجدة أمر نسبي تتوقف على ما هو موجود ومعروف ومتداول بين جماعة معينة في وقت معين فالناتج الجديد إذاً هو: ما ينتج لأول مرة في مجتمع معين أو بين جماعة معينة في مدى زمني معين.
· A'&/) G0' 'DF'*,:
وهنا يؤكد " بعض الكتاب أن (الفائدة) شرط في العمل الخلاق فالاختراع أو الفكرة الجديدة يجب أن تكون ذات قيمة ولا يحق لنا أن نطلق لفظ ابتكار على إنتاج غير مفيد، ولذلك يحرص بعض الكتاب على عنصر الفائدة في العمل الجديد.
· القبول الاجتماعي لهذا الناتج الجديد:
هناك نظرة مخالفة لبعض الكتاب حول القبول الاجتماعي للناتج الجديد فنجد (ميدنيك) يهتم بموضوع القبول الاجتماعي للناتج الجديد بينما (كاتل Cattell ) يرى أن الشئ الجديد لا يجد استحساناً من المجتمع في بدايته والدليل على ذلك أن العالم الأمريكي (فرانكلين) عندما أجرى تجاربه في الكهربية لم يلق مساعدة جوهرية من شركات الإضاءة والقوى والنقل والشحن في ذلك الوقت.
ثالثاً - الابتكار كعملية عقلية :
ويضم هذا المحور مجموعة من التعاريف تحدد معنى الابتكار في ضوء العملية التي يتم حدوثها والتي ينتج عنها ناتج ابتكاري وتحاول هذه التعاريف أن تصف نوع العملية ومراحلها ومن هذه التعارف تعريف والاس Wallas 1926)) الذي يرى أن العملية الابتكارية تمر بأربعة مراحل تشمل: الاستعداد, الاختبار, الإشراق, والمراجعة أو التحقيق أو التنفيذ.
كما يعرف مير و شتاين Meer and Stien الابتكار بقولهما " الابتكار عملية تتضمن معرفة دقيقة بالمجال وما يحتويه من معلومات أساسية ووضع الفروض واختبار صحة هذه الفروض وإيصال النتائج إلى الآخرين" .
ويتفق تورنس Torrance 1979)) في تعريفه للابتكار مع التعريف السابق حيث يرى أن الابتكار عملية يصبح فيها الفرد حساساً للمشكلات وأوجه النقص وفجوات المعرفة والمبادئ الناقصة وعدم الانسجام وغير ذلك, فيحدد فيها الصعوبة ويبحث عن الحلول ويقوم بتخمينات ويصوغ فروضاً عن النقائض ويختبر هذه الفروض ويعيد اختبارها مرة ثانية ثم يقدم نتائجه في آخر الأمر.
رابعاً: الابتكار كسمات شخصية:
يؤكد أندرسون Anderson أن الابتكار يتطلب الذكاء والإدراك السليم والحساسية واحترام فردية الإنسان وجرأة الفرد في إيضاح أفكاره والتعبير عنها, واستعداده للدفاع عن معتقداته . كما يرى جلفورد Guilford (1950) أن الابتكار يشير إلى القدرات التي تكون مميزة للأشخاص المبتكرين، والتي تحدد ما إذا كأن الفرد يملك القدرة على إظهار السلوك الابتكاري بدرجة ملحوظة، بناء على صفاته الانفعالية والطبيعية.
مما سبق يتضح أن جلفورد، يرى أن السلوك الابتكاري يتوقف على ما لدى الشخص من خصائص وصفات شخصية جعلها شرطاً لظهور الابتكارية, كما نجد أن التعريف السابق يتميز بسهولة التعريف الإجرائي للقدرات والعمليات العقلية, كما أنه يقدم لنا مدخلاً لتحديد أنواع نواتج عملية الابتكار وأنواع الأفراد الذين يستطيعون أن يبدعوا بنجاح والظروف التي تسير الابتكار, كما تندرج تحت هذا الصنف تعاريف تحدد الابتكار في ضوء بعض العوامل العقلية التي يمكن تفسير العملية في ضوئها, حيث يضيف جلفورد Guilford (1950) أن الابتكار هو " تنظيمات من عدد من القدرات العقلية البسيطة وتختلف هذه التنظيمات فيما بينها باختلاف مجال الابتكار".
وقد حاول جروان (2002) جمع تلك الاتجاهات في تعريف واحد بقوله: "الإبداع فرع من القدرات والاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا ما وجدت بيئة مناسبة يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية وتؤدي إلى نتاجات أصيلة ومفيدة سواء بالنسبة لخبرات الفرد السابقة أو خبرات المؤسسة أو المجتمع أو العالم إذا كانت النتاجات من مستوى الاختراقات الإبداعية في أحد ميادين الحياة الإنسانية".
