النظريات المفسرة للإبداع والابتكار
أ-تفسير نظرية التحليل النفسي للإبداع والابتكار:
قام سيموند فرويد Sigmund Freud بإسهام مبكر في فكرة الإبداع، وفكرة فرويد عن الإبداع هي التساميSublimation لأنها تقدم مهرباً إلى حياة خيالية رائعة لاوجود للإحباط أو القلق فيها, ويقصد بالتسامي, العملية التي بمقتضاها يتم تحويل الهدف الغير مقبول إلى أهداف أعلى أسمى مما يتيح للفرد أن يستغل الطاقة النفسية الكامنة في شكل سلوك إبداعي في التسامي بالذات .
فالابتكار هو التعبير عن محتويات لاشعورية مرفوضة اجتماعياً في صورة يقبلها المجتمع ويمكن تلخيص وجهة نظر أصحاب هذه المدرسة في الإبداع في النقاط التالية:
1أن الصراع هو منشأ عملية الإبداع وأن نشأة الإبداع لا تختلف عن نشأة العصاب في النفس، حيث أن الإبداع عبارة عن حيلة لاشعورية يقوم بها الإنسان لاستعادة التوازن والتوثيق بين مطالب "ألهو" الغريزية المكبوتة ومطالب الأنا العليا، التي تمثل القيود الاجتماعية التي تحول دون الإشباع بالصورة التي يدعو لها "ألهو" .وبكلمات فرويد " أن القوة الدافعة للفنان هي نفس الصراعات التي تدفع أشخاص آخرين إلى العصاب" .
2.يستخدم التفكير المبدع مادته من الأوهام المتقنة والمثل التي تنطلق بكل جديد (الافكار المرتبطة بأحلام اليقظة وألعاب الطفولة) .
3.يتقبل الفرد المبدع هذه الأفكار بحرية مطلقة وهذا عكس غير المبدع الذي يقمعها.
4.تؤكد هذه النظرية على دور خبرات الطفولة في النتاج الإبداعي ويعتبر السلوك الإبداعي استمرارا وتعويضاً عن لعب الأطفال.
إضافة إلى ذلك فأن أصحاب الاتجاه الجديد في هذه المدرسة قد ركزوا على عمليات "الأنا" بدلاً من "ألهو" في تفسير الإبداع فالإبداع عندهم عبارة عن نكوص سلوكي Regression في خدمة الأنا فالسلوك الإبداعي يتخذ طاقة جنسية مكبوتة أو دافع عدواني أو ارتداد إلى خبرات طفليه أولية Primary Process وينكرون حتمية الارتباط بين الإبداع والمرض النفسي التي قال بها علماء سابقون .
وقد ركز (يونج) على الحدس والإلهام، بالإضافة إلى اللاشعور، حيث يرى أن الفردالمبدع عبارة عن شخص يشرق عليه كل شيء في ومضة وهو ذو قدرة مميزة هي (الحدس) وعن طريق (الحدس) يتم الإسقاط في رموز والرمز هو أفضل صيغة ممكنة للتعبير عن حقيقة مجهولة نسبياً ولا يستطيع خلق رمز جديد سوى الذهن المرهف ويرى كذلك أن هذا الرمز يجب أن يعتمد على (الحدس) لكي يصل المبدع إلى وتر مشترك مع الآخرين والمبدع بالإسقاط يحدد مشهده ويخرجه من نفسه واضعاً إياه في شيء آخر هو الرمز . ويبدو أن نظرية التحليل النفسي ضرورية ولكنها غير كافية لأن هذه النظرية قوبلت بانتقادات شتى بسبب صعوبة التعميم من الشواذ إلى الأفراد الأسوياء، إن البيانات المقدمة من المرضى العقليين لايمكن أن تنتج سلوكاً سوي, كذلك لا توجد دراسات بحثية كافية تقوم بتدعيم نظرية التحليل النفسي ولذا يرفض كثير من المعاصرين طريقة (فرويد) فمثلاً أحد رواد ما قبل مرحلة التحليل النفسي مثل كيوبي Kubie أنكر أن الوعي أو قوى العقل غير الواعي يمكن أن تكون لها أي تأثيرات إيجابية مباشرة على الإبداع لأن هذين العاملين يحدان حرية إطلاق الخيال, وعلى هذا تكون العلاقة – الصلة – المحتملة بين الإبداع والعقل اللاوعي جديرة بالاهتمام .
رمضان كريم.