كارثة البيئة
أخذت البيئة في الأرض والماء والهواء ـ وتبعاً لها في النور ـ تزداد تلوثاً يوماً بعد يوم، والازدياد من جهة تزايد أسبابه الصناعية ونحوها.
فبعض التلوث من جهة الأطماع الاقتصادية، وبعضه حباً للسيطرة والاستعمار، وبعضه من جهة قوانين مغلوطة يلتزم بها العالم المنحرف عن قوانين الله.
وقد أصبحت ظاهرة تلوث البيئة من أخطر المشاكل التي تعاني منها البشرية اليوم، فالغازات والأبخرة المتصاعدة من المعامل المنتشرة في شتى أرجاء المعمورة أدت إلى زيادة الاحتباس الحراري للكرة الأرضية، كما أن ازدياد ثقب الأوزون وغيرها من الأخطار البيئية التي أخذت تهدد أمن البيئة والإنسان معاً.
ولقد دعا الإسلام من خلال الآيات الكريمة والروايات الشريفة إلى الحفاظ على البيئة وعدم الإضرار بالآخرين ونهى عن الفساد في البر والبحر.
قال تعالى: ((ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)).
وقال سبحانه: ((وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون))
وقال تعالى: ((ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمت الله قريب من المحسنين))
وقال سبحانه: ((الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون))
وقال تعالى: ((الذي جعل لكم الأرض مهداً وسلك لكم فيها سبلاً وأنزل من السماء ماءً فأخرجنا به أزواجاً من نبات شتى))
وقال سبحانه: ((الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون))
وقال تعالى: ((هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور))
وعن علي بن إبراهيم رفعه قال: خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد الله (عليه السلام) وأبو الحسن موسى (عليه السلام) قائم وهو غلام، فقال له أبو حنيفة: يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال: «اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول وارفع ثوبك وضع حيث شئت»
وعن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «ثلاث ملعون من فعلهن، المتغوط في ظل النزال، والمانع الماء المنتاب، وساد الطريق المسلوك»
وعن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نهى النبي (صلّى الله عليه وآله) أن يطمح الرجل ببوله من السطح أومن الشيء المرتفع في الهواء»
وعن محمد بن يحيى بإسناده رفعه قال: سئل أبو الحسن (عليه السلام) ما حد الغائط؟ قال: «لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها»
وروي في حديث آخر: «لا تستقبل الشمس ولا القمر»
وعن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل لعلي بن الحسين (عليه السلام): أين يتوضأ الغرباء؟ قال «يتقي شطوط الأنهار والطرق النافذة وتحت الأشجار المثمرة ومواضع اللعن» فقيل له: وأين مواضع اللعن؟ قال: «أبواب الدور»
وعن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «من فقه الرجل أن يرتاد موضعاً لبوله»وعن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يتغوط على شفير بئر ماء يستعذب منها، أو نهر يستعذب، أو تحت شجرة فيها ثمرتها»
وعن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) في وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) قال: «وكره البول على شط نهر جار وكره أن يحدث إنسان تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت وكره أن يحدث الرجل وهو قائم»
وعن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إن الله كره لكم أيتها الأمة أربعاً وعشرين خصلةً ونهاكم عنها» إلى أن قال: «وكره البول على شط نهر جار وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة مثمرة قد أينعت أو نخلة قد أينعت يعني أثمرت»
وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من تخلى على قبر أو بال قائماً أو بال في ماء قائم أو مشى في حذاء واحد أو شرب قائماً أو خلا في بيت وحده وبات على غمر فأصابه شيء من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله وأسرع ما يكون الشيطان إلى الإنسان وهو على بعض هذه الحالات»
وعن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: «ثلاثة يتخوف منها الجنون التغوط بين القبور والمشي في خف واحد والرجل ينام وحده»
وعن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله عز وجل لما أهبط آدم (عليه السلام) أمره بالحرث والزرع وطرح إليه غرساً من غروس الجنة، فأعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان، فغرسها ليكون لعقبه وذريته، فأكل هو من ثمارها، فقال له إبليس لعنه الله: يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الأرض وقد كنت فيها قبلك، ائذن لي آكل منها شيئاً؟ فأبى آدم (عليه السلام) أن يدعه.
فجاء إبليس عند آخر عمر آدم (عليه السلام) وقال لحواء: إنه قد أجهدني الجوع والعطش.
فقالت له حواء: فما الذي تريد؟
قال: أريد أن تذيقيني من هذه الثمار.
فقالت حواء: إن آدم (عليه السلام) عهد إليّ أن لا أطعمك شيئاً من هذا الغرس لأنه من الجنة ولا ينبغي لك أن تأكل منه شيئاً.
فقال لها: فاعصري في كفي شيئاً منه.
فأبت عليه.
فقال: ذريني أمصه ولا آكله.
فأخذت عنقوداً من عنب فأعطته فمصه ولم يأكل منه لما كانت حواء قد أكدت عليه، فلما ذهب يعض عليه جذبته حواء من فيه، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى آدم (عليه السلام) أن العنب قد مصه عدوي وعدوك إبليس وقد حرمت عليك من عصيرة الخمر ما خالطه نفس إبليس، فحرمت الخمر لأن عدو الله إبليس مكر بحواء حتى مص العنب، ولو أكلها لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها وجميع ثمرها وما يخرج منها.
ثم إنه قال لحواء: فلو أمصصتني شيئاً من هذا التمر كما أمصصتني من العنب، فأعطته تمرةً فمصها وكانت العنب والتمرة أشد رائحةً وأزكى من المسك الأذفر وأحلى من العسل، فلما مصهما عدو الله إبليس (لعنه الله) ذهبت رائحتهما وانتقصت حلاوتهما».
قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ثم إن إبليس لعنه الله ذهب بعد وفاة آدم (عليه السلام) فبال في أصل الكرمة والنخلة، فجرى الماء على عروقهما من بول عدو الله، فمن ثم يختمر العنب والتمر، فحرم الله عزوجل على ذرية آدم (عليه السلام) كل مسكر لأن الماء جرى ببول عدو الله في النخلة والعنب وصار كل مختمر خمراً لأن الماء اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو الله إبليس لعنه الله»