استراتيجيات شركة ( بيبسي)
إن الناظر والمتأمل لشركة( بيبسي) يلاحظ تقدمها الحثيث باتجاه تحقيق أهدافها الإستراتجية بأن تكون الشركة الأولى في العالم من حيث نوعية المنتجات والخدمات التي تقدمها لزبائنها. وقد تميزت هذه الشركة بإحداث تغيرات تم إحداثها بفعل العقول الإدارية المتميزة في الشركة والتي استطاعت أن تجعل من الأهداف البسيطة وغير المعقدة أهدافا ذات طموح عال.
إن هناك أسئلة تعرض نفسها عندما نقف أمام هذا العملاق الذي صمد كثيرا حتى وصل إلى هذه الدرجة المتميزة في دنيا النجاح، ومن هذه الأسئلة كيف فكرت هذه الشركة لكي تصل إلى هذا المستوى ؟ وكيف استثمرت طاقاتها المادية والبشرية؟ وكيف خططت وما نوع التخطيط الذي انتهجته؟
وحتى نجيب على تلك الأسئلة نحن بحاجة إلى الاقتراب أكثر من هذه الشركة لكي نتعلم منها كيف وصلت شــركة (بيبسي) لهذه الدرجة من النجاح.
تتضمن صناعة شركة( بيبسي) ثلاث جوانب:
أولا: المشروبات الغازية.
ثانيا: المطاعم ( تاكوبل، كنتاكي، فرايد تشكن، بيتزا هوت).
ثالثا: المأكولات الخفيفة ( فرتولي).
لقد استخدمت الشركة أسلوب التنافس النوعي لمنتجاتها في السوق في كافة الصناعات التي تمارسها مركزة على التطوير التكنولوجي الذي يؤدي إلى التطوير النوعي. فقد ركزت الشركة على ثلاث أبعاد استراتيجية في عملها:
البعد الأول: التركيز على المنتجات ذات الاسم التجاري المتميز،وجعلها في طليعة المنتجات ، ووضع كافة الإمكانيات للمحافظة علي وضعها في الطليعة .
البعد الثاني: الاعتماد على النظم الإدارية ذات الكفاءة العالية.
البعد الثالث: المحافظة على مستوى محسن من التدفقات النقدية للاستثمارات قليلة المخاطر وعالية العوائد في كافة الخطوط الإنتاجية في الشركة.
وقد انعكست هذه الأبعاد الاستراتيجية على المهارات التسويقية، وفي نظم العمليات ، وطرق التوزيع البارعة التي اتصفت بها هذه الشركة.
ومن الجدير بالذكر أن كل صناعة من الصناعات التي تنتجها( بيبسي) تتميز ببيئة مختلفة عن الأخريات، حيث يقدم التحليل الاستراتيجي لبيئة كل منها فرص متاحة ومخاطر مختلفة، مما يعني أن التحليل الاستراتيجي لبيئة الشركة يتم لكل صناعة على حده، ويتميز الوضع التنافسي بكونه يتأثر بشكل واضح على التعددية في بيئتها، وفيما يلي وصف مفصل لجانب واحد فقط من منتجات بيبسي الثلاث( المشروبات الغازية، المطاعم، المأكولات الخفيفة) يبين إستراتجية شركة( بيبسي)، وهو صناعة المشروبات الغازية.
تعتبر المشروبات الغازية في الولايات المتحدة الأمريكية بديلا عن القهوة والشاي، مما أدى ذلك إلى انخفاض كبير في استهلاكما، وبتحليل ودارسة السوق فقد رأت شركة بيبسي أن سوق المشروبات الغازية في نمو متصاعد، ويعود سبب الزيادة الهائلة في استهلاك المشروبات الغازية إلى التغيرات الديموغرافية التي طرأت على تركيبية السكان في الولايات المتحدة، فقد ازددت نسبة السكان العمرية فوق الخمسين سنة بنسبة كبيرة حيث أصبحت نسبتهم تزيد على 60% من إجمالي عدد السكان، وقد رافق هذه الزيادة وعي صحي في المجتمع، فقررت الشركة لمواجهة هذا التحدي الذي سوف يقلل من حصتها في السوق إنتاج أصناف جديدة من المشروبات المعروفة بـ(دايت) والمتفقة مع أنظمة الحمية الطبية. وأصبحت هذه المنتجات الجديدة عناصر نجاح استراتيجية في وجه التغيرات التي طرأت على الذوق العام للمستهلكين. وحدث تطور آخر حيث لاحظت الشركة أن أمزجة المستهلكين تستهوي مشروبات الفاكهة الغازية فأنتجت مشروبات غازية مضافة إليها نكهة الفاكهة. وقد تلاحظ عزيزي القارئ أن شركة( بيبسي) كانت مستعدة لهذه التغيرات السريعة والطارئة فقد كانت تنتج المشروبات في وقتها المحدد اعتمادا على تحليل ودارسة السوق، وإعداد خطط إستراتجية معدة مسبقا.
وقد واجهت شركة بيبسي تحديا آخر إلا وهو مواجهة منافسها المزعج شركة( كوكا كولا )والتي حظيت بحصة كبيرة من السوق مما جعلها لا تتوانى أبدا في إخراج كل من ينافسها خاصة في سوق المشروبات الغازية، حيث تعتبر شركة (كوكا كولا) الأولى في السوق من ناحية الحصة السوقية عالميا في المشروبات الغازية، وتليها في المرتبة الثانية شركة (بيبسي) ولاشك أن هذا الوضع مزعج للشركتين، لذلك اتخذت شركة( بيبسي) استراتيجية محاولة زيادة المبيعات، ووضع معايير متفوقة لجلب المستهلكين من خلال التركيز على النوعية، فقامت بربط منتجاتها بالشباب والمتعة . ففي عام 1996 غيرت الشركة لون علب وزجاجات البيبسى إلى اللون الأزرق المعروف باجتذابه لفئة من الشباب، وأيضا اختارت عبارات دعائية مكثفة مثل: يلا شباب.. يلا نببسي، والتي بثت عبر كثير من القنوات العربية،وقد ربطت شركة( بيبسي) مشروبها بأشهر اللاعبين الرياضيين في العالم مما جعل الشباب يعشقون هذا المشروب لأنه يرتبط بأمر مهم من حياتهم ألا وهو الإقتداء بالرياضيين حتى فيما يشربونه ، أما الاستراتيجية الأخرى التي نفذتها شركة بيبسي فهي التركيز على وضع كافة الإمكانيات التسويقية خلف منتجها (دايت بيبسي) و(ماونتن دايو) ، أما الاستراتيجية الثالثة التي شرعت فيها الشركة كانت محاولة زيادة واضحة بطرح منتجات جديدة إلى فئات اجتماعية أخرى غير الشباب مثل (دايت بيبسي) الذي استهدف المهتمين بالحمية والتخسيس،و(اكس بيبسي) والذي استهدف الرياضيين ، وقد طرحت شركة (بيبسي) أحجاما مختلفة لمنتجاتها فهناك الحجم العائلي للعائلات، وهناك علب صغيرة تناسب الأطفال، وهناك علب وزجاجات بلاستيكية للشباب، وكل ذلك استراتيجية لاستيعاب أذواق المستهلكين من ناحية الطعم والتصميم المناسب الذي يستهوي المستهلكين، ومواجهة للمنافسين في السوق.
لم تقتصر استراتيجيات شركة بيبسي على البيئة الخارجية فقط، فقد ركزت في السنوات الأخيرة على عملية نقل المهارات والتجارب الإدارية الناجحة من قسم إلى آخر، فعلى سبيل المثال قامت الشركة باستخدام التجارب الناجحة في إدارة التجارب الناجحة في إدارة شبكات التوزيع في قسم المشروبات الغازية إلى قسم الوجبات السريعة. ومن الممارسات الملفتة للنظر أن الشركة تعمد إلى نقل المدراء من مكان إلى آخر ومن قسم إلى آخر للاستفادة من تجاربهم الناجحة وتوظيفها في مواقعهم الجديدة.
لعلكم لاحظتم اعزائي القراء أن الشركة مهما كبرت حصتها من السوق، فإنها لا تستغني عن التخطيط الاستراتجي المستقبلي والذي بدونه قد تخرج كثير من الشركات من السوق وتكون في طي النسيان.
