إن للرياضيات طعم لا يعرفه إلا من تعمق في تاريخه ، فنحن عندما ندرس تاريخ الرياضيات نعرف أننا فعلاً نعيش في عالم أشبه ما يكون بالبناء الكبير ،كل يضع لبنة و يتنحى جانباً لفترة وجيزة أو للأبد مفسحاً المجال للآخر في ان يضع هو لبنته ، و هذا البناء إرث عالمي لا يمكن لأحد أن يحتكره ، و لهذا لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتناسى الآخرين او أن نركنهم جانباً ، كما أننا لا يمكن أن نتخلى عن اللبنة التي و ضعناها و التي أسندت في البناء بقية اللبنات .
صحيح اننا حين نحصل على خلاصة العلم نستفيد منه ، و لكننا نفتقر إلى معرفة السبل التي توصل العلماء بواسطتها إلى نتائجهم ، و هذا ليس خطأ المناهج التي تلتزم بإمداد الطالب ببعض المهارات و المعارف ، و لكنه خطأ القائمين على العملية التعليمية التعلمية ، إذ أنهم لم يشجعوا أو يعودوا الطلاب على حب الإستطلاع و إحترام العلم و أهله ( و هذا هو الحال مع كبار المسؤلين في المجتمع و الذين يبرهنون يوماً بعد يوم بحبهم و تكريمهم للعلم و أهله ، أعداد هائلة من حملة الشهادات الجامعية و الذين حصل بعضهم على إمتياز تجدهم يغدون و يجيئون في أروقة وزارات العمل بينما تجد مجموعة من من لم ينهي حتى دراسته المدرسية و قد أصبح على كرسي مخملي لأنه ابن فلان أو من معارفه ، تجد العلماء و هم عندما يقفون في صف أحد الخبازين لشراء الخبز لا أحد يعيرهم أي إنتباه بل و قد يتجاوزه البعض بنوع من التحقير ، و ما أن تجد ذلك اللاعب الفلاني الذي يملك ساقاً ذهبية و التي يؤمن النادي عليها و قد كان خائباً بالمدرسة و قد إشتراه النادي الفلاني بكذا مليون دولار إلا و ترى كل الطرق قد فتحت له ، فبئس المجتمع هذا - على فكرة ، هل سمعتم بقصة الشيخ ابن ميثم البحراني عنما زار بعض حلقات العلم بالنجف و لم يعرفه هناك أحد ؟- ) ، لنعد إلى نقطتنا ، فأولئك المسؤولين لم يشجعوا بنا حب الإستطلاع و التواصل مع الحضارات الأخرى بقصد التعرف و الإستفادة من علومهم .
فمثلاً ، كلنا نتشدق أمام طلابنا بأن ط = 22/7 - مع العلم بأن ط عدد غير نسبي - و لكن الواقع أنه لو وقف لنا طالب و سألنا كيف توصلت البشرية - المصريين القدماء - إلى هذه النسبة - أوجدها المصريون القدماء مستخدمين عصا و حبلاً فقط ، يا سبحان الله - ، فهل بإمكاننا أن نجيبه ؟
على فكرة ، هل بإمكان أحدكم أن يوجد قيمة ط التقريبية و هي 22/7 مستخدماً عصاً و حبلاً و هو جالي على الشاطئ؟ إذا كان ذلك ممكناً فليتفضل مشكوراً بشرح الطريقة في موضوع جديد .
ثم كيف تمكن أرخميدس من إيجاد ط بدقة أكثر و لم تكن بأيامهم آلات حاسبة او أدوات قياس متقدمة .
نعم ، نحتاج إلى ما يساعدنا على إستقصاء طرق الأولين في حل المشاكل ، كذلك بالنسبة لبطليموس و شكله الرباعي المذكوربموضوع سابق بالمنتدى ( للأسف لم ندرس هذه النظرية في المراحل الدراسية ) ، و إقليدس الأب الروحي للهندسة و الخوارزمي و البتاني و عمر الخيام و فيبوناتشي و نيوتن و ريمان و فيرمات ( صاحب أشهر لغز أو نظرية عبر مر التاريخ و التي لم يحلها فطاحل الرياضيات إلا بعد 350 سنة و ذلك في التسعينات من القرن المنصرم ) و باسكال و أويلر و لوباتشفسكي إدوين أبت ( صاحب قصة الأرض المسطحة Flatland ) و غيرهم ممن مضى في ذاكرة التاريخ بعد أن وضع لبنته في صرح الرياضيات .
أوه ، كدت أنسى فيثاغورث ، ذلك الذي نسبت له حالة المثلث القائم الزاوية و التي لها لحد الآن - على ما إستقصيت - 366 إثباتاً رياضياً صحيحاً قد وجدت لحد الأن في محاولاتي الإستقصائية 4 إثباتات !!!!
لا ضير من أن نحل المسائل القديمة و للقوم السالفين - دون أن ننسبها لأنفسنا - ، فالرياضيات هو الإرث الحضاري الذي تتوارثه البشرية ، و كل يأتي ليزيد من ثروة و غنى هذا الإرث .
كما ان الرياضيات هي اللغة الوحيدة التي تفهمها كل الشعوب من أقصى اليابان شرقاُ إلى أقصى الولايات المتحدة الأمريكية غرباً - بالنسبة لنا -
فمن لا يفهم الجمل التالية :
1 + 1 = 2
العدد 10 يقبل القسمة على 2
العدد 11 عدد أولي
ط هي نسبة طول محيط الدائرة إلى طول قطرها
للمثلث 3 أضلاع و ثلاث زوايا
و غيرها الكثير
فلنتقن هذه اللغة العالمية و لنتبحر بها
مع تحياتي