بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،
مقال منقول من جريدة الأهرام لـ أ. د. أحمد لبيب .
سألتني ابنتي الصغيرة و الوحيدة و كانت في سنة دراستها الأولية بعد أن تعلّمت العد إلى المائة " و ماذا بعد المائة ؟" الألف .. و كررت السؤال " و ماذا بعد؟" مراراً.. لقد بدأيتولّد لديها الإحساس بمفهوم اللا نهاية ، و حاولت إفهامها أن الأعداد ليس لها (سقف) فأي عدد يذكر ، يكون هناك ماهو اكبرمنه و لو بواحد ، مما حدا بجون والامن في القرن الـ 17 أن يعطي هذه اللانهاية رمز الثمانية الكسولة Lazy eight حيث أننا لو تحركنا على هذا الشكل فسنظل في حركة دائمة بلا نهاية .
و كما قال الرياضي الكبير ( هيلبرت) : اللا نهاية لم يحرك سؤال آخر الإنسان أو استثار ذكاءه مثل هذا السؤال ، و بالرغم من هذا فإنه يبقى أكثر المفاهيم حاجة للإيضاح .. منذ أن بدأ الإنسان التفكر في كنه هذا الكون الذي يعيش فيه فإن مفهوم اللا نهاية قد أطل في عقله فمن ناحية الزمان بدأ يتساءل هل هذا الكون سرمدي ممتد في الزمان بلا بداية أو نهاية ! أم أنه بدأ في لحظة ما و سيظل ممتد هكذا إلى الأبد ! و من ناحية المكان .. ماذا لو سار شخص في اتجاه واحد ، هل سيظل سائراً هكذا إلى مالانهاية أم سيصل إلى نهاية الكون و عندئذ إلى أين سيسقط عند حافته ، و أول الأضواء التي ألقيت على هذا المفهوم جاءتنا من أرسطو تلميذ أفلاطون و أستاذ الأسكندر ، و الذي فرّق بين ما سمّاه اللانهاية الفعليةActual mtinite و اللانهاية المحتملة Potential infant ، و إن على الإنسان بحكم محدودية عقله ألا يفكر إلا في اللانهاية المحتملة فقط . إلا أنه في القرن الـ 18 فرض التفكيرفي اللا نهاية الفعلية نفسه و بشدة مع بروز علم التفاضل على يد ليبنتز و نيوتن ففي هذا العلم نحتاج إلى حساب معدلات التغير لكن ماهو كنه هذا الشيء الذي يقترب من الصفر و لكنه لا يساوي الصفر !
مرة أخرى تطل اللانهاية برأسها و لكن هذه المرة اللانهاية في الصغر .
و ماذا عن اللانهاية في الضخامة هذا ما قدّمه ( كانتور) لنا في القرن الـ 19 في عمل يعد من الأعمال التي غيرت مسار علم الرياضيات و بالتالي العلم كله إلى الأبد ..
إن عملية العد في منظورنا الجديد مبنية على فكرة المقارنة ، و هذا قليل جدا من كثير .. و يبقى الإنسان بعقله حائراً في مفترق الطرق بين الكثير من اللانهايات فلا يزال السؤال مفتوحاً .