منذ أول راصد للمريخ /غاليلو/ ومن خلال تلسكوبه في القرن السابع عشر ما زال الماء هو الأهم لفهم المريخ, ففي القرن الثامن عشر قام علماء الفضاء برصد المريخ من خلال المرصودات الفلكية المنظمة وتم قياس يومه بدقة وتراجع وتقدم الأغطية للقطب كانت تعزى الى غيوم من الغبار والماء.
وعن التحول الرئيسي لفهم المريخ والاكتشافات الحديثة التي تمت بهدف معرفة وضع الماء على المريخ وتشخيص المناخ وطبوغرافيا السطح وغيرها من الأمور المهمة التي تعرفنا بهذا الكوكب, كانت المحاور التي تحدث بها المهندس عماد سريول في محاضرته التي ألقاها في المركز الثقافي العربي مؤخرا..
اعتقادات
يقول الباحث: لقد ميز الميلان لمحور المريخ بأنه مشابه للأرض, ولهذا توجد فصول أربعة أيضا ويعتقد أن الطوق المظلم المغطي للقطب الذي كان يظهر في الربيع نتيجة لذوبان الماء ومع هذا كان المريخ يعتبر مشابها كثيرا للأرض وخلال القرن التاسع عشر برزت عدة وجهات نظر للعلماء منها أن المريخ كالأرض, وأن البروزات كانت من صنع كائنات ذكية(ربما), وهي تشير الى شكل ما للاتصال بهم, والتحول الرئىسي لفهم المريخ أتى في نهاية القرن التاسع عشر عندما وضعت عدة خرائط تضمنت الخطوط التضاريسية للأقنية على المريخ, وقد ركزت كتب عديدة على أهمية هذه الأقنية وعن احتمالية أنها بنيت من حضارات متقدمة.
الاكتشافات الحديثة
ويتابع م. سريول أن الاكتشاف الحديث للمريخ بدأ في عام 1965 عندما طارت المركبة مارينز 4 بجانب المريخ وأخذت صورة غير واضحة وكانت النتائج مخيبة لآمال الذين اعتقدوا بوجود الأقنية والمحيطات وأدلة وجود المياه والحياة على سطح المريخ.
أما في عام 1971 وصلت مارينز وكان معظم الكوكب مغطى بعاصفة رملية حيث برزت من خلال العاصفة براكين وهذا أول دليل على أن الكوكب لم يكن ميتاً جيولوجياً, وعندما زال الغبار عن الكوكب ظهر بشكل واضح في 1972 إذ رصدت أنظمة المراقبة الجبال البركانية والوديان العميقة والأقنية والأنهر الجافة وحقول الكثبان الرملية, وهذا دليل على أن للمريخ تاريخا جيولوجيا معقدا وأن الماء لعب دورا مهما في هذه التشكيلات.
وجود الحياة على المريخ
ويضيف الباحث: أنه من مهمات المركبة /الفايكينغ/ البحث عن وجود الحياة على الكوكب وقد نفذت مهمات بدون عيوب , كما كلفت المداريات بالتقاط صور لسطح المريخ ورسمت الخرائط للخصائص الحرارية وتابعت التغيرات في المحتوى المائي للغلاف الجوي.
ففي عام 1988 أرسل الاتحاد السوفييتي مركبة جزئية بشكل رئيسي لدراسة القمر فوبوس وبعد دخولها المجال الجوي للمريخ تم إطلاق الهوابط وأرسلت معلومات عملية ومفيدة عن الخصائص الحرارية للسطح وتأثير الرياح الشمسية على الغلاف الجوي العلوي, وقد فقد الاتصال خلال عملية الاقتراب من القمر وبعد ذلك أرسل الأميركيون مركبة راصدة عام 1992 قابلت نفس المصير.
وفي عام 1999 قام المسبار مارس كلوبال سرفبور الماسح الشامل للمريخ بتصوير قناة بدت أنها شقت بعمق بفعل المياه التي جرت فيها قبل مئات آلاف السنين, ومعلومات جديدة عن المريخ جاءت من مصدر غير متوقع (تسعة نيازك) سنيك ثلاثة منهم لهم خصائص عامة وواضحة من كل النيازك هذا وإن التجارب التي أجرتها السفينة فايكينغ كانت مصممة للكشف عن نوع من الحياة يشبه النوع الذي نعرفه, وكانت الأدوات بالغة الدقة وقادرة على الكشف على الميكروبات في الصحارى الجافة والأراضي القاحلة على كوكب الأرض وقامت بعدة تجارب منها إدخال الكربون المشع وأول أوكسيد الكربون الى تربة المريخ لمعرفة إذا كان أي منهما يمكن استهلاكه عن طريق الميكروبات المريخية وكانت النتائج الأولية ايجابية وفي ظروف غير قريبة من مناخ المريخ, وكانت التجربة الأخرى للبحث عن مواد عضوية ورغم دقتها أعطت نتائج سلبية وكان التوقع أن الحياة على المريخ مثل الأرض تتغطى من جزيئات تعتمد على الكربون.
وجود الماء في المريخ
ويقول م.سريول أنه في عام 2001 أطلقت USA مركبة فضائية ومازالت تدول حول المريخ حتى الآن, وقد قامت بمسح شامل للمريخ ورصدت توضع الجليد على الكوكب وبينت الصور توضع كميات كبيرة من الجليد في القطبين وحتى خطوط عرض 60 شمالا و60 جنوبا.
أما المركبة (توءم ناسا) الجيولوجية أطلقت للبحث عن أجوبة عن تاريخ الماء على المريخ في الماضي, وأين توضع, والتأثيرات الكيميائية والجيولوجية للماء على الصخور والتربة, ولتشخيص المناخ وجيولوجيا المريخ والتحضير لارسال رحلات مؤهلة الى المريخ, وقد اكتشفت منطقة على المريخ يعتقد أن الماء كان موجودا فيها ثم جف ثم أعيد الماء إليها وجف في صخره وهي تشبه صخور الأرض غمرت بالماء ثم جف.
إن وجود أقنية المياه يعتبر الدليل الفريد للكميات من الماء على الكوكب واحتمالات عديدة فسرت أن الأقنية قد حفرت بفيضانات كبيرة تظهر أنها حقيقية.
وإن تربة المريخ المليئة بأكاسيد الحديد والتي تعطي الكوكب اللون الأحمر يعني أن الكوكب كان مليئا بالماء وبالتفاعلات, وتم اطلاق كميات كبيرة من الهيدروجين وأدى الى رفع الغلاف الجوي للكوكب وضياعه في الفضاء والى جفاف الماء, وبسبب البرد والجفاف تحول الماء الباقي الى جليد مدفون في الأعماق.
الغلاف الجوي وطبوغرافيا السطح
ويعدد الباحث الغازات الموجودة في الغلاف الجوي للمريخ وأقسامه ويضيف إن الغلاف يحظى بأجزاء متطايرة من الغبار في كل الأوقات وبسبب الامتصاص المباشر لأشعة الشمس من قبل الغبار فإن النقل الحراري من السطح يصبح أقل أهمية في السيطرة على درجة الحرارة والمقطع الشاقولي يصبح أكثر ثباتا لتوزع درجات الحرارة.
أما عن سطح المريخ فيقول: إن للسطح تباينا أكثر من تكوينات السطح من الأرض ومعظم التباين في الجاذبية عند السطح بسبب التباين في الطبوغرافيا وتستطيع أن تصور بواسطة الجاذبية.
أما أعلى قمة للمجموعة الشمسية موجودة على سطح المريخ وهي قمة أولمبوس مونس وهي بارتفاع 27كم عن مستوى الاسناد.
ومعظم التربة السطحية للكوكب عبارة عن قطع صخرية وتمتد الى مسافة بعمق 2م على كامل الكوكب وهي ضعيفة الاحتفاظ بالحرارة والحرارة أعلى في النهار وتهبط بشكل كبير في الليل.
وإذا كانت كميات الكربون الموجودة في القطبين كبيرة فهي غير كافية لتقوم بدور البيت الزجاجي الذي يرفع درجات الحرارة ولكن وجود الحت الحالي كالأقنية وشبكات الوديان بالقرب من المناطق الشمالية القطبية ومعدل الحت المائي المرتفع في هذه المناطق يزيد من دلائل أن المناخ قد تغير على سطح المريخ لأنه يحتاج لدرجات حرارة أعلى من درجة التجمد, اضافة الى أن الحمم البركانية والصدمات المبكرة على الكوكب ساعدت الغلاف الرقيق على رفع الحرارة ليصبح الجريان دافئا ويقوم بالحت, أما شكل المناخ الحالي لا يشرح كيف كان المناخ في بدايات المريخ وهناك أخطاء أساسية ارتكبت أثناء تخمين درجات الحرارة القديمة.
الجليد الأرضي
ويقول الباحث: إن وجود الحطام المنقول اللزج في المناطق ذات خطوط العرض الكبيرة يشير لوجود جليد بشكل وافر في أعماق ضحلة من هذه المناطق القريبة من القطبية, وإن انعدام المعالم في المناطق ذات خطوط العرض الصغيرة القريبة من خط الاستواء يشير الى أن الجليد الموجود بالقرب من السطح كان قليلا وطبقاته رقيقة وأصبح نادرا خلال تقدم الزمن, ولقد تمت مشاهدة بعض التضاريس التي تمت بواسطة زحف الجليد عليها بدءا من دوائر فوهات البراكين والمنحدرات, وإن الحت بواسطة زحف الجليد كان ظاهرا, وإن وجود الأقنية المائية حول البراكين تظهر أنها خرجت من الفوهة وهي دليل على وجود الجليد.
دلالة الحياة
ويختم م.سريول إن سطح المريخ حاليا غير ملائم للحياة, وإن ارتفاع الاشعاع الشمسي وافتقار الماء وأكسدة التربة قتلت كل بقاء للحياة, والظروف المبكرة للمريخ ربما كانت مختلفة فقد بدأت منذ 3.5 مليارات سنة فرص الحياة على الأرض متنوعة ومعقدة, ولا يعرف تحت أي ظروف بدأت على الأرض, وتتشابه الأرض والمريخ البكران في عدة طرق فكلاهما تعرض لمعدلات كبيرة من ا لصدم والبركنة والماء الوفير في الغلاف الجوي , وكان لهما طقس دافىء, ونعلم أن الحياة قد بدأت على الأرض ولا نعلم متى حصلت على المريخ فقد تغيرت ظروف سطح المريخ خلال 3.5-3.8 مليارات سنة وقد ظهرت دلائل التغير في نسبة الحت وتشكل الوديان, وإذا كانت الحياة لم تبدأ في المريخ بعد فإنها ربما امتلكت التكيف مع التغيرات.