أعزائي أرجو من كل قلبي قراءة ما يلي بعناية وتفكر لأن آرائكم تهمني جدا:
حسب فهمنا لخاصية التزامن في النظرية النسبية الخاصة فالأحداث، وإن بدت متزامنة أي تحصل في نفس الوقت من وجهة نظر ما، فهي في الحقيقة ليست متزامنة عند إختلاف نظم إسنادها (أي الأطر أو المراجع التي تتم فيها هذه الأحداث)، وليست متزامنة أي أنها تحدث في أزمنة مختلفة. والأمثلة على ذلك كثيرة، أبسطها هو أننا عندما نرى نجما مشعا في السماء ونشير إليه بأنه يشع هناك، فإننا قد حكمنا بتزامن حدثين أولهما أن النجم يشع وثانيهما أنه موجود هناك في مكان إشعاعه، وهذا حكم خاطيء لاننا نعلم أن النجوم بعيدة وربما أستغرق ضوئها للوصول إلى سطح الأرض فترة زمنية أكبر من عمرها !!! أي ربما تغير موقع النجم عندما نقول أن هذا النجم يشع هناك أو ربما كبر وشاخ وهرم وتغير وانفجر وانتهى منذ زمن ! ألا يمكن أن يكون نجم الشعرى اليماني مثلا، والذي يستدل به الناس، قد اختفى حتى قبل أن تتكون الأرض !!!. إن سبب هذا التعارض، أي عدم تزامن الأحداث، هو إختلاف نظامي إسناد الحدثين... نظام إسناد النجم ونظام إسناد الأرض.
هل معنى ذلك أن الزمن ليس له علاقة بأنظمة الإسناد المختلفة؟ وبذلك فلا معنى أصلا للزمن في هذه الحالة، بل إن محاولة إدخاله كعنصر في مثل هذه الحالة يعطي نتائج خاطئة ومضللة كما رأينا في مثال النجم! حسنا ربما يقول أحدنا أن الزمن لا بد من وجوده، على الأقل، في نظام الإسناد الواحد، أي أن لكل نظام إسناد زمنه الخاص به يسير كالنهر المتدفق فيه. وهذه الأزمنة تسير بنفس المعدل إلا أن بداية كل زمن من هذه الأزمان مختلفة فهي تبدأ مع بداية نظام الإسناد.
ولكن ما هو مفهوم نظام الإسناد، نحن نعلم أن الأرض نفسها تحتوي على أنظمة إسناد مختلفة، خذ مثلا هذا المثال، تخيل عربة متحركة معلق في منتصفها مصباح يرسل إشارات متقطعة ولنركز على إشارتين تنبعثان في نفس اللحظة من المصباح الأولى تتجه إلى مقدمة العربة والثانية إلى مؤخرتها، إن المراقب الساكن على سطح الأرض سيرى أن الإشارة الثانية تصل إلى مؤخرة العربة قبل وصول الأولى إلى مقدمة العربة بسبب حركة العربة نفسها طبعا، أما المراقب في داخل العربة فسيرى أن الإشارتين تصلان إلى مقدمة ومؤخرة العربة في نفس اللحظة لأن المسافة المقطوعة من قبل الإشارتين واحدة وسرعة الضوء واحدة. مرة أخرى هناك عدم تزامن وسببه إختلاف نظم الإسناد، فلدينا نظام إسناد المراقب الساكن ونظام إسناد العربة المتحركة.
ولذلك نرى أن أنظمة الإسناد تنشأ عند إختلاف السرعة كما في مثال العربة، كذلك تنشأ أنظمة الإسناد عند إختلاف المسافة كما في مثال النجم. عموما سأقول بما أن السرعة ما هي إلا تغير للمسافة فإني أستنتج ما يلي:
تنشأ أنظمة الإسناد عند تغير المسافة
معنى هذا أن أي نقطتين هما في نظامي إسناد مختلفين ما دام بينهما مسافة ! ودائما هناك مسافة مهما صغرت... حتى نصل إلى الصفربكل معناه... وعندها لا يكون لدينا نقطتين بل نقطة واحدة فقط، ولذلك لا مشكلة في ذلك. حيث أن نظام الإسناد الواحد لا وجود له !!! ولن يُعرف إلا بوجود نظام إسناد آخر. ولذلك أقول لصاحبنا (الوهمي طبعا!) الذي قال أن الزمن لا بد من وجوده، على الأقل، في نظام الإسناد الواحد أن نظام الإسناد الواحد لا وجود له. ومن ذلك كله أستنتج ما يلي:
أن لا وجود للزمن !!!!!
وكل ما في الأمر هو أنظمة إسناد لا تعد ولا تحصى!!! لم نملك لوصفها أو حتى لفهمها إلا أن نطلق عليها تسمية الزمن.
أعزائي... هذه مجرد مقدمة بسيطة أثبت فيها - كما أظن، وأرجو أني كنت موفقا في ذلك - عدم وجود ما يسمى بالزمن. أما الموضوع الذي أريد أن أصل إليه فهو أكبر من ذلك وأعدكم، إن شاء الله تعالى، بأنكم ستفاجئون!!! وعلى فكرة سبق وأن نشرت هذا الموضع كاملا في إحدى المجلات.
ولكن قبل أن أترككم... ماذا لو قلت لك : بأنك في هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذا الموضوع لا زلت في رحم أمك! ولا زلت تولد! وأنت تعيش! وتموت! وتُبعث! وتُحاسب! وتُخلد!!! ماذا ستقول؟
هل أنت معي؟!