دايما في النهاية ومتأخرة انه ....
الكم الأجابة اخوتي...
النشأة والتكوين
(وَلَقَد خَلَقْنا الإنسان مِنْ سُلالة مِن طِين * ثُمّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً في قَرار مَكِين * ثمّ خَلَقْنا النُّطْفَةَ عَلَقةً فَخلَقْنا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكسَوْنا العِظَامَ لَحْماً ثُمّ أنْشَأناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَباركَ اللهُ أحْسَنُ الخالِقِين ) . ( المؤمنون / 12 ـ 14 )
(هُوَ أنْشَأكُم مِنَ الارْضِ واسْتَعْمَركُم فيها ) . ( هود / 61 )
الإنسان كما يقول الفلاسفة : هو الخلاصة النهائية لعوالم المخلوقات الطبيعية .
وهو في التعريف الإسلامي عبارة عن ذلك الوجود الروحي الذي يمارس نشاطه من خلال أجهزة البدن .
ولقد اهتم العلماء والباحثون في كيفية نشوء المخلوقات الحيّة من النبات والحيوان والإنسان على هذه الارض فنشأت نظريات عديدة لتفسير النشوء الإنساني، لعلّ من أبرزها نظرية دارون التي ترى انّ النوع الإنساني قد نشأ نتيجة لطفرة نوعية في تكوين الفرد ، وأنّ نوع الفرد قد نشأ بدوره من حيوانات دنيا .
وهكذا كان التكامل والارتقاء التدريجي في الانواع ابتداءً من الاحياء المائية البسيطة حتى النوع الإنساني البدائي المنسلّ من فصيلة القرود العليا .
ويرفض المنطق العلمي رفضاً قاطعاً فرضية الطفرة النوعية، إضافة إلى عجز الدارونية عن تقديم تفسير مقبول لمفهوم هذه الطفرة .
أمّا التحليل العلمي الذي عرضه القرآن عن نشأة النوع الإنساني فيقوم على أساس أنّ الكرة الارضية في مبدأ نشأتها خالية من أي لون من ألوان الحياة ـ النباتية والحيوانية ـ غير أن الماء كان مبدأ الحياة وفيه نشأت الخلية الحية الاولى .
قال تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الماءِ كلَّ شَيء حيٍّ ). ( الانبياء / 30 )
فأوضح بذلك أن الماء هو مبدأ الحياة .
وواضح أن وجود الماء كان متأخراً عن وجود الكرة الارضية كما تفيد الابحاث العلمية التجريبية ذلك .
وعندما يتحدث القرآن عن أصل النشأة البشرية يوضح أنّها انطلقت من الطين، والطين هو التراب المخلوط بالماء ، وهذا العنصر (التراب) هو المادة الاساسية للانواع الحية جميعها النباتية والحيوانية.
وقد أودع الله سبحانه وتعالى في هذا المركب المذهل (التراب) القدرة، بالتفاعل مع الماء وعناصر الطبيعة الاخرى ، على انتاج الحياة من خلال قوانين الحركة . ولو لم يجعل الله هذا الاستعداد في الماء والتراب لما استطاع هذان المركبان الفاقدان للحياة أن ينتجا الحياة، ففاقد الشيء لايعطيه .
وإنّه لمن بديهيات المعرفة أن الإنسان لم يأت من خارج الكرة الارضية بل نشأ في أحضانها كما نشأ النبات والحيوان، وكما هو واضح فليس في هذه الارض غير مكوناتها من العناصر المادية وهذا يعني أن أصل الحياة من مكونات هذه الارض كما أوضح القرآن ذلك وكما تدلنا الابحاث العلمية والمشاهدات الحسّية فإن التراب هو المادة القابلة لانتاج الحياة، كما يتضح ذلك من الحياة النباتية المحسوسة لدينا . غير أن المسألة الاساسية التي تتطلّب حلاًّ علمياً ، هي كيفية نشوء الحياة الاُولى على سطح الارض (حياة النبات والحيوان والإنسان) وكيفية نشوء الانواع المختلفة .
وهل مرّت الانواع عبر سلسلة من التطور حتى اكتملت ؟ أو وجد كل نوع منها وجوداً ابتدائياً كما هو الان بكامل خصائصه .
إنّ القرآن يعطي بياناً مجملاً عن نشأة النوع الإنساني، يقول تعالى :
(الّذي أحْسَنَ كُلَّ شَيء خَلقهُ وبَدأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِين * ثُمّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالة مِن ماء مَهين * ثُمَّ سَوّاهُ ونَفَخَ فِيهِ مِن رُوحهِ وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والابْصَارَ والافْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرون ) .( السجدة / 7 ـ 9 )
فيوضّح أنّ الله سبحانه بدأ خلق الإنسان من طين بقـوله : (وَبَدأ خَلقَ الإنسان مِن طِين ) ونفخ فيه من روحه ـ أي وهبه الروح والحياة ـ كما في قوله تعالى : (فإذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحي ) ووضع قوانين الوراثة الطبيعية لانتقال الخصائص النوعية من جيل إلى جيل فأوضح ذلك بقوله : (ثُمّ جَعلَ نَسْلَهُ مِن سُلالة مِن ماء مَهين ) .
وهكذا وضع القرآن أمامنا نمطين من النشوء الروحي للانسان :
1 ـ النشأة الاُولى الابتدائية للنوع الإنساني وكيفية تكونه على هذه الارض .
2 ـ النشوء السلالي (الوراثي) المتعاقب الاجيال .
وقد بيّن انّ الروح الإنساني وحقيقة الإنسان هي غير حقيقة الحياة الموجودة في خلايا الجسم .
ذلك لان الجنين يكون حياً في بداية تكونه وليس فيه روح فهو حي منذ كان بيضة مخصبة .
ولم يعطنا القرآن أكثر من بيان اجمالي عن النشأة الابتدائية، لذا نجد التفسير الذي صدر عن المفسرين يفيد أنّ الله سبحانه خلق الإنسان كياناً متكاملاً وجعل فيه الروح .
في حين يذهب بعض الفلاسفة الإسلاميين إلى نظرية النشوء والارتقاء والتطور في الانواع، من الجماد إلى النبات إلى الحيوان إلى الإنسان، وفق قوانين إلهية مودعة في هذا العالم .
وتفسير قول الله عزّ وجلّ بخلقه الإنسان الاول لايعني الخلق المباشر، بل الخلق المندرج وفق ما أودع من قوانين النشوء والتطور في هذا العالم، نتيجة للحركة الجوهرية في صميم المادة، وسيرها التكاملي المتصاعد من الجماد إلى الحياة النباتية والحيوانية إلى الروحية الإنسانية، التي هي أرقى ما تستبطن المادة من إمكان يتحقق بالفعل نتيجة للحركة الجوهرية التكاملية التي أودعها الله سبحانه في صميم عناصر الارض المادية .
ولننقل رأي الفيلسوف الإسلامي صدر الدّين الشيرازي الذي يمثل نظرية النشوء والارتقاء الإلهية .
قال : (قاعدة في خلقة النبات والحيوان والإنسان من صفوة العناصر والاركان : إن العناصر إذا امتزجت بإذن الله واستخدامه للقوى العالمية، وطرحت بسبب اعتدال مزاجها عن صداقة تضادها وتعصّبها عن قبول الفيض الرحماني، فتصير قابلة لاثر من الحياة، فأول ما قبلته من إفاضة الله هي الصورة الحافظة لتركيبها ، وهي الصورة المعدنية، ثمّ إذا وقع لها امتزاج أتم وحصل مزاج أعدل أقرب إلى الوحدة والجمعية قبلت أثراً آخر من آثار الحياة أشرق، وهي النفس النباتية، شأنها التغذية والتنمية والتوليد ، فإذا امتزجت امتزاجاً وحصل لها مزاج أتم وأفضل وإلى الوحدة الخالصة أميل، تهيأت لقبول أصل الحياة بعدما استوفت درجات المعادن والنبات بفيضان النفس الحيوانية الشاعرة المحرِّكة بالاختيار، ولها قوّتان : مدركة ومحرِّكة) (1) .
ثمّ أوضح بعد ذلك أن القوى المدركة تقسّم إلى قسمين : ظاهرة وباطنة .
1 ـ الظاهرة : وهي الحواس الخمس ( اللمس والسمع والبصر والذوق والشم ) .
2 ـ الباطنة : وتختص بالحيوانات الكاملة ، كما عبَّر عنها، وهي : الحس المشترك ، والخيال، والمتصرفة ، والواهمة، والحافظة .
ــــــــــــــــــــ
(1) صدر المتأ لّهين / أسرار الايات / ص 123 .
وأمّا القوى المحركة فهي تقسم إلى قسمين أيضاً وهما :
1 ـ الباعثة على الفعل ، وتشمل الشهوة والغضب .
2 ـ القوى التي تقوم بجذب الاوتار الجسدية وإرخائها ، وآلتها التي تقوم بتنفيذ هذا العمل هي الاعصاب .
ثمّ أوضح أن حامل هذه القوى (المدركة والمحركة) ومركزها هو الروح البخاري الذي يلطف فيصير محلاً للروح النطقي (الروح الإنسانية الناطقة) التي أضافها الله سبحانه في خطابه للملائكة الذي قال فيه : (فإذا سَوَّيتُهُ ونَفختُ فيهِ مِن رُوحي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدين ) .
( ص / 72 )
وهكذا يفسر الفيلسوف الإسلامي صدر المتألهين نشأة النوع الإنساني الابتدائية على الارض بنظرية التطور، ولكن بمشيئة وتقدير إلهي من الجماد إلى النبات إلى الحيوان إلى الإنسان، الذي يحمل الروح الناطقة التي أوضح الله سبحانه مصدرها بقوله : (فإذا سَوَّيتُهُ ونَفختُ فيهِ مِن رُوحي فَقَعُوا لَهُ ساجِدين ) .
أمّا نشوء الروح الإنساني في الاجيال المتعاقبة عن طريق الوراثة فقد عرض الشهيد الصدر نظرية هذا الفيلسوف في تكونها في الجنين في بطن أمه كالاتي :
(ونصل هنا إلى نتيجة خطيرة ، وهي أنّ للانسان جانبين : أحدهما مادي يتمثل في تركيبه العضوي، والاخر روحي ـ لا مادي ـ وهو مسرح النشاط الفكري والعقلي، فليس الإنسان مجرد مادة معقدة وإنما هو مزدوج الشخصية من عنصر مادي وآخر لا مادي .
وهناك الكثير الكثير من الأدلة والبراهين التي ترد على هذه النظرية ....
ان شاء الله ارفقها مرة اخرى ....ز
ودمتم اخواتي واخواني لنشر العلم والمعرفة
![مبتسم '<img](http://olom.f2web.net/ib3/iB_html/non-cgi/emoticons/smile.gif)
'>